المغرب يقرر إعادة هيكلة منظومة تسويق وتصدير القنب الهندي القانوني
**
في خطوة تنظيمية جديدة تروم إعادة هيكلة منظومة التسويق والتصدير الخاصة بمنتجات القنب الهندي القانوني وضبط مساراتها، كشف مصدر مسؤول من الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي عن عقد اجتماع موسّع هذا الأسبوع مع جميع المتدخلين الحاصلين على تراخيص تسويق وتصدير المنتجات، وذلك في إطار تنزيل توجهات إستراتيجية جديدة تمتد إلى أفق سنة 2026.وأوضح المصدر ذاته أن عدد الحاصلين على تراخيص التسويق والتصدير يبلغ حوالي 60 فاعلًا، مبرزًا أنه تقرر سحب التراخيص من نحو 50 في المائة منهم، أي ما يقارب 30 شخصًا، بسبب عدم التزامهم بشروط الاشتغال المنصوص عليها قانونًا، وعلى رأسها التنسيق مع المنتجين الفلاحيين وتحمل المسؤولية المرتبطة بالمنتج.
وأضاف أن هذا القرار لم يكن مفاجئًا، بل جاء بعد سلسلة من الاجتماعات والاتصالات التي امتدت لأكثر من سنة، جرى خلالها تنبيه عدد من الحاصلين على التراخيص إلى ضرورة تفعيلها واحترام دفاتر التحملات، مذكّرًا بأن القانون ينص على سحب الترخيص من كل من لم يشتغل به لمدة سنتين متتاليتين.
وفي هذا السياق، أكد المصدر نفسه عقد جلسات فردية مع جميع المعنيين، سواء الذين تقرر سحب تراخيصهم أو الذين مُنحوا فرصة إضافية، حيث تم اعتماد مسطرة الإنذار (mise en demeure) ومنح أجل 30 يومًا أخيرًا لتصحيح الوضعية، قبل المرور إلى السحب النهائي للتراخيص في حال عدم الامتثال.
وشدد المسؤول على أن الهدف من هذه الإجراءات ليس الإقصاء، بل تنظيم القطاع وضمان احترام قواعد السوق، خاصة أن بعض المتدخلين كانوا يشتغلون خارج أي رؤية منسجمة، من خلال التفاوض حول الأسعار دون التوفر على المنتج أو دون تنسيق مع المنتجين والمحوّلين، وهو ما تسبب في اختلالات في منظومة العرض والطلب.
وفي المقابل، أوضح أن هذه الإجراءات لا تشمل الفاعلين الذين يتوفرون على تراخيص التسويق والتصدير إلى جانب التحويل، والبالغ عددهم أزيد من 100 فاعل، مؤكدًا أن نشاطهم سيستمر بشكل عادي في إطار إستراتيجيات واضحة ومتكاملة.
وأكد المتحدث أن سنة 2026 ستشكل محطة مفصلية، حيث سيتم التركيز بشكل خاص على حلقة التسويق والتصدير باعتبارها رافعة أساسية لتثمين المنتج الوطني، ولهذا الغرض طُلب من الفاعلين المعنيين إعداد إستراتيجيات واضحة تُعرض للنقاش، وتأخذ بعين الاعتبار الإنتاج الوطني، وسلاسل التحويل، والتنسيق بين مختلف المتدخلين.
وفي هذا الإطار، تم خلال الاجتماع عرض حزمة من التدابير الجديدة والمبادرات التنظيمية التي تروم جعل سنة 2026 مرحلة انتقالية حاسمة لإعادة تنشيط منظومة التسويق والتصدير، وذلك ضمن مساطر محدثة جرى إعدادها بتنسيق مع وزارة الصحة المغربية ووزارة التجارة المغربية، وتهدف إلى تبسيط وتسريع مساطر التسويق والتصدير مع ضمان احترام معايير الجودة والمسؤولية وتعزيز الثقة بين مختلف المتدخلين.
ومن بين هذه الإجراءات، إتاحة إمكانية تسجيل العلامات التجارية الخاصة بالمشغلين المرخصين لدى الهيئة الوطنية للأدوية والمنتجات الطبية دون تحديد سقف أقصى لعدد العلامات، بما يمنحهم مرونة أكبر في تطوير منتجاتهم وتعزيز حضورهم في الأسواق. كما تم اعتماد مسطرة جديدة تتيح تقديم طلبات نقل تغطي توقعات تمتد لثلاثة أشهر دفعة واحدة، شريطة إشعار الهيئة الوطنية للبحوث الزراعية والغذائية بالتقدم المحرز بشكل شهري.
وشملت التدابير كذلك السماح بإقامة شراكات لفتح نقاط بيع تظل تابعة للمشغل المرخص، بما يضمن وضوح المسؤوليات واحترام الإطار القانوني، إضافة إلى تمكين المشغلين من إبرام اتفاقيات تعاقد من الباطن مع وحدات معالجة وتصنيع مرخصة، مع التنصيص الواضح على هوية التعاونية الإنتاجية المزوّدة بالقنب أو بمشتقاته، في إطار الشفافية وتتبع مسار المنتج.
كما تم فتح إمكانية تصدير عينات من القنب لأغراض التحليل من طرف مشغلي تصدير معتمدين، بناءً على طلب تتقدم به شركات أو صناعات دوائية راغبة في اقتناء المنتجات، وذلك قصد ملاءمة المنتوج مع متطلبات الأسواق الدولية ومعاييرها التقنية.
وختم المصدر ذاته بالتأكيد على أن هذه المقاربة الجديدة تقوم على منطق التنسيق والتكامل بين المنتجين والمحوّلين والمسوقين والمصدرين، باعتبارها مدخلًا أساسيًا لضمان استقرار السوق وحماية المنتج الوطني، ووضع حد للممارسات غير المنظمة، مع إرساء أسس اشتغال مهني ومستدام يواكب التحولات المنتظرة خلال المرحلة المقبلة.
المداخيل الحالية للمغرب من تجارة القنب الهندي القانوني
تختلف المداخيل الحالية للمغرب من تجارة القنب الهندي القانوني بحسب مراحل تطور القطاع وكمية الإنتاج والتصدير الفعلي، إذ لا توجد أرقام نهائية حكومية منشورة بشكل رسمي حتى الآن، لكن تقديرات اقتصادية واستشارية تعطينا مؤشرات عن إمكانيات الإيرادات الحالية والمتوقعة:أرقام وتقديرات رئيسية
تشير تقديرات وزارة الداخلية المغربية إلى أن القطاع القانوني يمكن أن يولد إيرادات صادرات سنوية تتجاوز 1 مليار دولار* بمجرد أن يصبح التشغيل كاملاً ويحقق المغرب حصة في السوق الأوروبية. * تقارير خبراء مغاربة تقدر أن إجمالي العائدات السنوية المحتملة من السوق القانونية قد يتراوح بين 4.2 و6.3 مليار درهم سنويًا (ما يعادل حوالي 400 إلى 600 مليون يورو) بحلول عام 2028، إذا نجح المغرب في الحصول على 10–15 من السوق الأوروبية.
بيانات أخرى لسوق القنب الطبي في المغرب تشير إلى أن حجم السوق قد يتراوح في حدود 150–885 مليون دولار* بين 2024 و2030 مع توقع نمو قوي في السنوات القادمة.
الوضع الفعلي حتى الآن
* الإنتاج القانوني وصل إلى مستويات أولية مع الحصاد الأول لمساحات مرخَّصة، لكن صادرات القنب القانوني حتى اليوم محصورة في كميات صغيرة جدًا ولا تشكل بعد إيرادات ضخمة مقارنة بالإمكانات المستقبلية. * لا يزال الجزء الأكبر من إنتاج القنب في المغرب في السوق غير الرسمية (غير القانونية)، التي تبقى أكثر ربحية من القنوات القانونية، وهو ما يعني أن الإيرادات القانونية الحالية لا تزال محدودة مقارنة بالإمكانات التي ينطوي عليها السوق التنظيمي.
خلاصة
على الرغم من أن القنب الهندي يمثل إمكانيات اقتصادية مهمة للمغرب، فإن الإيرادات الفعلية الحالية من تجارة القنب القانوني لا تزال في مراحلها المبكرة ولم تصل بعد إلى مستويات ضخمة موثقة رسميًا.التقديرات الاقتصادية تشير إلى أن القيمة السنوية المحتملة لصادرات القنب القانوني قد تتجاوز مستويات مئات الملايين من الدولارات سنويًا في المستقبل القريب مع تحسين التنظيم وإمكانات التسويق والتصدير.





Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 320605