ستالينغراد الروسية أنهت الحرب العالمية الثانية و كالينينغراد قد تشعل حربا عالمية ثالثة ...
تحذير مرعب من بوتين وتحرّش أوروبي غير محسوب
بقلم ريم بالخذيريمع اقتراب العام الرابع في الحرب الروسية الأوكرانية التي انطلقت في فيفري 2022، يتبدّد كل أمل في إنهائها بالطرق الديبلوماسية. ولم يكن في حسبان الكرملين وبوتين أن تدوم كل هذا الوقت، بل كانوا يعتبرونها عملية عسكرية خاطفة ينهونها باحتلال أوكرانيا وتنصيب حكومة موالية لهم، مثلما فعلوا في عدد من دويلات الاتحاد السوفياتي سابقًا.
والواقع أن كييف ورئيسها المراهق سياسيًا ما كان لهما أن يصمدا أمام الترسانة العسكرية لروسيا، لولا الدعم الذي تلقته ولا تزال من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية.
وحسب بيانات Ukraine Support Tracker لجمع البيانات، فقد تلقت أوكرانيا منذ بداية الحرب ما لا يقل عن 290 مليار دولار، منها:
* مساعدات عسكرية بنحو 150+ مليار دولار
* مساعدات مالية مباشرة: نحو 120 مليار دولار
* المساعدات الإنسانية: نحو 30 مليار دولار
ومع تبخّر التوصل إلى حل لإنهاء الحرب، وفشل خطة ترامب للسلام في أوكرانيا بسبب رفضها من جانب الأوروبيين، يبدو أن الصراع سيتخذ منحى جديدًا، خاصة بعد استغناء الاتحاد الأوروبي عن الغاز السائل من روسيا بحلول سنة 2026، وعن الغاز عبر خطوط الأنابيب بحلول نهاية سبتمبر 2027.
هذه الدول رفعت السيف الروسي المسلّط عليها، وتحررت من التبعية للغاز الروسي، وبالتالي ستكون ردود فعلها وخططها للإطاحة بنظام بوتين أكثر وضوحًا وجرأة. وستكون السنة القادمة، التي لم تعد تفصلنا عنها سوى أيام، سنة الحسم في هذه الحرب.
ومن بين الخطط الأوروبية التي سيتم اعتمادها وستتبلور في قادم الأيام، منح كييف صفة العضو غير الرسمي في الناتو لحصار روسيا، وهو ما تعتبره الأخيرة بمثابة إعلان حرب عليها من طرف أوروبا.
أما الخطوة الأكثر خطورة، والتي تُعدّ باعتقادنا خطأً كبيرًا قد ترتكبه أوروبا وهي تستعد لذلك فعليًا، فهي فرض حصار على مقاطعة كالينينغراد عبر مدّ الجيش الأوكراني بكل الإمكانيات لذلك.
صحيفة ديلي إكسبريس البريطانية وصفت تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ردّه على هذا المخطط بأنه «تهديد مخيف»، معتبرة أنه يحمل نبرة غير مسبوقة في رسم الخطوط الحمراء الروسية تجاه الناتو والاتحاد الأوروبي.
بوتين لم يكتفِ بالتحذير الدبلوماسي التقليدي، بل ربط أي محاولة لعزل كالينينغراد أو تهديد خطوط الإمداد إليها بإمكانية اندلاع تصعيد واسع النطاق قد يتجاوز الإطار الأوكراني، وهو ما فُهم في الغرب على أنه رسالة ردع مباشرة لا تحتمل التأويل.
وتكتسب كالينينغراد أهمية استثنائية في الحسابات الروسية، باعتبارها مقاطعة معزولة جغرافيًا بين بولندا وليتوانيا، وتُعد قاعدة عسكرية متقدمة لروسيا على بحر البلطيق. ومن هذا المنطلق، يرى محللون غربيون أن أي حديث عن حصارها يُلامس جوهر الأمن القومي الروسي، ويُفسر سبب اللهجة الحادة التي اعتمدها بوتين.
صحف بريطانية وغربية، من بينها ديلي إكسبريس، رأت في خطاب بوتين محاولة لتوسيع مفهوم «الخطوط الحمراء» ليشمل ليس فقط أوكرانيا، بل كامل المجال الحيوي الروسي في أوروبا الشرقية، واعتبرت أن موسكو تسعى من خلال هذه التحذيرات إلى ردع أي خطوات أوروبية مستقبلية قد تُتخذ تحت غطاء العقوبات أو القيود اللوجستية.
في المقابل، حاولت بعض العواصم الأوروبية التقليل من حدة التصريحات الروسية، معتبرة أن الإجراءات التي فُرضت سابقًا عبر ليتوانيا تندرج في إطار تطبيق عقوبات أوروبية، لا في سياق حصار شامل. غير أن مراكز بحث غربية حذّرت من الاستخفاف بالرسائل الروسية، مشيرة إلى أن كالينينغراد تمثل نقطة احتكاك مباشرة بين روسيا وحلف الناتو، وأن أي سوء تقدير قد يقود إلى مواجهة قد تكون شرارة لحرب عالمية ثالثة.
كما أن التخطيط لتجميد أو استخدام ما بين 185 و220 مليار دولار من الأصول الروسية المجمدة في بلجيكا، وتخصيصها لإعادة إعمار أوكرانيا في شكل قرض يُسدَّد بعد نهاية الحرب، سيواجه بردّ انتقامي كبير من جانب روسيا. وتخشى بروكسل أن تجد نفسها وحيدة في مواجهته، وهو ما جعلها ترفض هذه الخطوة وتطالب بتوزيع المخاطر بين جميع دول الاتحاد إذا ما تم استخدام هذه الأموال، وهو ما لم يتم القبول به.
وبدل ذلك، قرر الاتحاد الأوروبي تقديم قرض بقيمة حوالي 90 مليار يورو لأوكرانيا بضمانات دول الاتحاد، وليس عن طريق استغلال الأصول الروسية المجمدة.
وتجدر الإشارة إلى أن نحو 300 مليار يورو من احتياطيات روسيا الأجنبية جُمّدت منذ بدء العملية العسكرية الخاصة، أكثر من ثلثيها في أوروبا، بينها 180 مليارًا محتجزة لدى «يوروكليير» وحدها. وقد حوّل الاتحاد الأوروبي حتى نوفمبر 2025 ما قيمته 18.1 مليار يورو من عوائد هذه الأصول لأوكرانيا، في حين ترفض موسكو مبدأ «التعويضات» جملة وتفصيلًا، وتصف هذه الإجراءات بأنها «سرقة منظمة».
ويرى خبراء في الشؤون الاستراتيجية أن التخبّط في المواقف وسوء التقدير للقوة الروسية يعكس في العمق حالة القلق داخل الرأي العام الغربي من انتقال الصراع من مرحلة الحرب بالوكالة إلى مواجهة مباشرة، خاصة في ظل انسداد الأفق السياسي للحرب في أوكرانيا.
الحلف النووي
مع كل العقوبات المفروضة على روسيا، والتي ستُفرض سواء من الاتحاد الأوروبي أو من الولايات المتحدة الأمريكية التي يبدو أنها قررت النأي بنفسها عن هذا الصراع، ومع كل الضعف والشلل الذي أصاب روسيا واقتصادها ومواطنيها، لا يجب تجاهل حقيقة مرعبة أخرى، وهي أن روسيا وحلفاءها يمتلكون أكثر من 60 بالمائة من الترسانة النووية العالمية (روسيا، الصين، كوريا الشمالية).كما لا يمكن تجاهل تهديدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي لن يتورّع عن استعمال السلاح النووي، وليس من الصعب عليه إقناع الصين وكوريا الشمالية بذلك، إذا ما أحسّ بتفتّت إمبراطوريته التي يجلس على كرسيها منذ حوالي ربع قرن، متنقلًا بين منصبي رئيس الوزراء والرئيس، ليصبح القيصر رقم 20 الذي لا يريد أن ينازعه أحد في سلطاته.





Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 320633