وتبقى فلسطين شرف هذه الأمة

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/jerusalem-pixabay.jpg width=100 align=left border=0>


رضا حرشاني

بعد أكثر من مائة عام من وعد بلفور المشؤوم الذي أعطى من لا يملك لمن لا يستحق وبعد عدة حروب بائسة خاضها العرب بلا استعداد ولا قيادة، مازال الكيان الصهيوني ينتزع مع مطلع كل شمس مزيداً من أرض فلسطين ليزرع فيها المزيد من المستوطنات حتى كاد يستقر له الأمر على كامل الأراضي الفلسطينية التي شرد شعبها في الجهات الأربع.

...

ثلاثة وسبعون عامًا مرت على النكبة، ثلاثة وسبعون عامًا كانت مليئة بالقتل والمجازر والتهجير واغتصاب الأرض وتزييف التاريخ. ثلاثة وسبعون عامًا كان ضحيتها تهجير نحو مليون فلسطيني رافقته عملية تطهير واسعة بحق كل ما هو فلسطيني، واقترف فيها العدو المقيت عشرات المجازر بحق الفلسطينيين، منها مجازر دير ياسين والطنطورة، أدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني. ثلاثة وسبعون عامًا والكيان البغيض يصر على عدم حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

ثلاثة وسبعون عامًا مازال الكيان الصهيوني يحاول فيها طمس معالم الأرض عبر بناء المستوطنات ومصادرة أملاك الفلسطينيين وهو يمارس عنصريته المقيتة وأيديولوجيته الوحشية عليهم. لا شك أن الذاكرة الفلسطينية تحمل من قصص التطهير العرقي بحق أبنائها ما يفوق المجلدات، ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي لا حصر لها هي شهادة حية على ذلك الواقع الأليم. ثلاثة وسبعون عامًا أصبح فيها الكيان الغاصب قوة نووية وتكنولوجية كبيرة. ثم أخيرا وصل إلى ذروة ما يمكن أن يصل إليه ألا وهو الدعم العربي المفضوح، وهرولة الأنظمة العربية إلى التطبيع مع تل أبيب. هذا الاستسلام العربي واضح ومفضوح ولا يمكن غسل عاره ببيانات استنكار وشجب لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا بمظاهرات تهتف "القدس لنا", كل ذلك قبض ريح. فما عادت العروبة فخر وتفاخر بل أصبحت غريبة ومهجورة وعبء على الأنظمة العاجزة حتى ان تطرد عن وجهها ذبابة.

في لحظات العجز تلك تبقى فلسطين وحدها، بغير عون ولا مدد، تخط الرحلة بدمائها وتتحدى غطرسة الكيان الصهيوني بالصدور العارية، بالحجر والمقلاع وطائرات الورق وشجاعة شباب ورث امانة مفاتيح العودة عن أجداده فكان خير خلف لخير سلف، شباب لا يهاب الرصاص ولا القنابل ولا تجزعه مئات الجنازات اليومية ولا أعداد الجرحى الكبيرة.


اليوم، يواصل الفلسطينيون وحدهم، من القدس إلى الجليل إلى بيت لحم ونابلس والخليل وأريحا ورام الله انتفاضة الروح والدم، بتضحيات تكتب بدماء الشهداء على وقع زغاريد الأمهات المرابطات فيعجز الطغاة عن فهم سر هذا الشعب العظيم. هذا الشعب على الرغم من التهجير والحصار والجوع والخذلان لا يتراجع أبدا، واثق من نصر الله، يولد ويتناسل، كل مولود جديد فيه هو موهوب للوعد الذي لا يكذب أبدا، يعيش ويكبر ويزرع البرتقال والزعتر ويغرس شجر الزيتون فيغرس الحياة في أرض عليها ما يستحقّ الحياة. شعب فلسطين، شعب الأنبياء لا يفنيه أبدا قتلة الأنبياء، كطائر الفينيق يحترق ليبعث من رماده ومن الردم والأنقاض أكثر عنفوانا وأكثر إصرارا على انتزاع حقه وهو منتزعه لا محالة، في كل قطرة من دماء أبناء هذا الشعب سوف تنبت وردة الحلم الأبدي وتوقد شعلة أمل وعزم يحملها ورثة الوعد جيلا بعد جيل.

ليست هذه المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يترك فيها الشعب الفلسطيني وحيدا، ويتنكر الجميع لحقوقه وعدالته وأوجاعه، وخرائط أرضه الممزقة بسكاكين العدو البغيض لكن فلسطين لن تسقط، ولسوف تنتصر بدمها وتعلي صوت الشهيد على أنين الخونة والعبيد. فهذه الأرض، أرض المحشر والمنشر، من النهر إلى البحر ـ كانت وستظل مهما طال الزمن ـ حقًا للفلسطينيين ما دام على الأرض نفس فلسطينيّ.

الفلسطينيون اليوم يدافعون عن شرف الأمة وكرامتها، يدافعون عن المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي الكريم ودعمهم ومساندتهم ليس منة أو تطوع، بل هو واجب على كل إنسان حر وشريف تمليه الإخوة في الإنسانية قبل الدين.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 225891


babnet
All Radio in One    
*.*.*