شهيد الخرسانة

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5b0de53a948d47.48117507_nlkfigqmohpej.jpg width=100 align=left border=0>


أبو مـــــــازن

اللعنة، هل يفعلها إنسان العصر الحديث، هل سبق لمثل هذا الصنيع الشنيع هتلر؟ كلا لقد كان يقتل و يخنق و لكنّه يدفن الجثث أو يتركها على الطريق يتلقّاها المارّون. هل روى التاريخ أنّ الفاشية والحقبة الاستعمارية اقترفت مثل هذا الجرم بالتحديد؟ اللعنة ثانية، لم يسبق أحد لمثل هذه الفضاعة الا فارديناند في العصر الوسيط ضد المورسكيين المسلمين ابان عودة الأندلس الى الديكتاتورية المسيحية. حينها كان الانسان ينشر حيّا و يقطّع حتى الموت ثم يطبخ طعاما لآكلي البشر. الصور ة بشعة تكاد تنسيك انسانيتك مهما اختلفت مع الشهيد في شخصه أو أفكاره أو حزبه أو أفعاله اذ يضمن القانون الدولي و كل الأعراف الوضعية في السلم والحرب حرمة الجثة. لقد ذهب الكيان الصهيوني رمز البطش والاجرام الى ابعد من ذلك اذ يحتفظ بجثامين الشهداء الفلسطيين لمبادلتهم بأسراه الأحياء والاموات.

...

مات الشهيد المطماطي وغُيّب جسده عن أهله فلا هم دفنوه ولا زاروه ولا قرؤوا عل قبره فاتحة الكتاب بل بقوا لاهثين وراء سراب لم يكد ليتحقق لولا العدالة الانتقالية وهيئة الحقيقة والكرامة التي سارع الانقلابيون لحسم أمرها بفتات من الأصوات النيابية. الألم اذا مستحكم في عائلة الشهيد وخلاّنه و أفراد بلدته وحزبه وكل محترم لحرمة الجسد اذا فارقتها الروح مهما كان الجرم و الحكم. هذا الجرم الذي يبدو أنّه لا يتعدى طباعة منشور أو توزيعه أو اجتماع تحت جنح السرية لعمل سياسي مقموع او مجرّد شبهة أتى بها بعض القوّادة لمّا عرفوا أنّ الشهيد دمث الأخلاق و عالي الحياء أو ملتزم بصلاته في المسجد.

هل تعيد المحكمة المنعقدة الحق لأصحابه، قطعا لن يعود الشهيد وهو في دار القرار ولكنّ معرفة مكان دفنه بتلك الطريقة البشعة قد يهدّئ من روع عجوز صابرة لأكثر من عقدين من الزمن . عجوز كانت تحمل "القفة" لابنها الشهيد وهي لا تعلم أنّ الشهداء لا يقتاتون خشاش الأرض بل يسبّحون بحمد لله على نعمته وينتظرون الجزاء الأوفى. هي عدالة الأرض التي قد تصلح الحال فتمنع حدوث مثل هذا الاجرام في قادم السنوات فلا يتكرر على أيدي بشر يتكلمون كما نتكلم و يعيشون كما نعيش ثم تخرس نفس المحكمة عديد الأصوات الناعقة عن علم و عن جهل "كنّا قبل الثورة خير" مهما تهاوى الاقتصاد ومهما افتقدنا للسيولة. لقد مرّت عديد الدول بمثل هذه الحقبة الاقتصادية العصيبة ولكن ضمان العدل والانصاف بين الناس والعمل الدؤوب قادرين على أن يغيّرا الحال الى أحسن حال. تلك هي تركيا أواخر القرن الماضي كيف اصطنعت مجدا في بضع سنوات و تلك هي اليونان منذ سنوات كانت على باب الافلاس واليوم وضعت حجر الاستقرار السياسي ليتلوه استقرار اقتصادي و لحاق بركب العملاق الأوروبي.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


5 de 5 commentaires pour l'article 162582

Ammar  (Tunisia)  |Jeudi 31 Mai 2018 à 00h 46m |           
برنامج بساعتين حول قضية كمال المطماطي والعدالة الانتقالية على قناة حنبعل تكسر به التعتيم الإعلامي... الإعلامية إيمان المداحي العلايمي تثبت منذ مدة أنها استثناء في الفضاء الإعلامي التونسي...

Cartaginois2011  (Tunisia)  |Mercredi 30 Mai 2018 à 10h 59m |           
لقد عرف الشعب،منذ القضية الأولى التي قدمتها العدالة الانتقالية،لماذا كل تلك الحرب التي شنها شبه السياسيون وشبه الإعلاميون على ما يسمّونه هيئة بن سدرين لدفنها

Myassine  (Tunisia)  |Mercredi 30 Mai 2018 à 07h 57m |           
كيف قريت المقال قلبي وجعني...آنا كيف نشوف واحد كيف المقبور علي شورّب يعملولو هاك القاوق الكل قريب يخرجوه رمز لتونس و واحد كيف الشهيد كمال المطماطي مازالو يلوجو وين مدفون نعرف آنا وين و مع شكون عايش....فقط

BenMoussa  (Tunisia)  |Mercredi 30 Mai 2018 à 07h 36m |           
مقال في قمة الروعة في كل جوانبه
اللهم جازي الكاتب عنه كل خير

Almokh  (Tunisia)  |Mercredi 30 Mai 2018 à 07h 09m |           
خبراء التجهيز يتساءلون عن سبب تحرّك جسور تونس ؟نسوا بأنّ في جوفها دفن بركان ثائر


babnet
All Radio in One    
*.*.*