ليبيا : صراع الجبابرة بعد نهاية حفتر

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5ed2d98ae8eb07.10537718_gmpqkejfhloin.jpg width=100 align=left border=0>
Credits Jakob Reimann/Flickr


بقلم الأستاذ بولبابه سالم

تتسارع الأحداث في ليبيا بعد سيطرة قوات الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا على كامل المنطقة الغربية المحاذية لتونس و انهيار ميليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر المسنود من الامارات و فرنسا و نظام السيسي ،، و كان سلاح الجو التركي قد لعب دورا حاسما في المعركة خاصة الطائرة المسيرة بيرقدار و القاذفة آنكا (العنقاء) حيث قصف جميع خطوط الامداد لقوات حفتر مع السيطرة على قاعدة الوطية الاستراتيجية القريبة من تونس . و كان حفتر الذي أعلن قبل سنتين معركة السيطرة على طرابلس قد استفاد من التفوق الجوي بدعم فرنسي و تمويل اماراتي لكن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية و التعاون الأمني بين انقرة و حكومة طرابلس غيرت مجرى الصراع حيث اراد الأتراك ضمان مصالحهم في ليبيا حيث تعمل عشرات الشركات التركية اضافة الى الاستفادة من التنقيب عن الغاز شرق البحر الأبيض المتوسط وسط صراع نفوذ متزايد مع فرنسا .

...

لكن تركيا دخلت بقوة أكبر لما انسحب حفتر من محادثات موسكو في فيفري الماضي و عندها توعده اردوغان بتلقينه درسا لن ينساه .
شعر الروس بالحرج بعد تأكد عدم فاعلية سلاحهم و خاصة منظومة بانتسير للدفاع الجوي التي باعتها لحفتر مع نشر صور مذلة لمرتزقة فاغنر الذين يقاتلون الى جانب حفتر رغم انهم ليسوا جنود نظاميين لكن لا شك ان لروسيا مصالحها أيضا التي تريد الا تخسرها و تهدد بتحريك طائراتها لأجلها.

تريد فرنسا ضمان مصالح شركة توتال النفطية كما تسعى ايطاليا المستعمر القديم لليبيا ألا تخرج صفر اليدين ، اما هدف الامارات الأساسي فهو ضرب الثورات العربية و اعادة الانظمة العسكرية للحكم خوفا من انتقال عدوى الحرية والديمقراطية الى شعوبها ، و قد كانت وراء الانقلاب في مصر و تسعى بكل الطرق عبر اذرعها الاعلامية و السياسية في تونس لبث البلبلة و الارباك في مهد الثورات العربية حتى تحولت القنوات التلفزية الممولة من الامارات الى منصات لابواق الثورة المضادة في تونس تحت عناوين مختلفة لكنها عجزت عن اختراقها في العمق.

التحولات السريعة الحاصة في ليبيا لم يواكلها عقل سياسي تونسي براغماتي ليستثمرها لفائدة بلادنا حيث مازالت بعض الجهات الايديديولوجية المغلقة تراهن على حفتر و تعتبره حليفا لها ضد الاسلام السياسي نكاية في خصمها الداخلي حركة النهضة رغم ان حفتر هدد تونس اكثر من مرة بينما بدت حكومة السراج حليفة موضوعيا لتونس و ساعدتها اكثر من مرة و لنا معها تعاون اقتصادي كبير كما لا ننسى التعاون الاستخباراتي في معركة بن قردان الحاسمة ضد الدواعش في عهد الرئيس الباجي قايد السبسي .

يحدث ذلك و نرى اتفاقا أمنيا و سياسيا قريبا بين الجزائر و حكومة طرابلس برعاية تركية ، و نتابع كيف تبرأ رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح من خليفة حفتر و اتهمه بالانفراد بالقرار و سافر الى القاهرة للقاء السيسي من أجل تدارك الأمر و البحث عن حل سياسي و عدم المراهنة على حفتر .. وهو ما دفع بالرئيس المصري الى مهاتفة ماكرون من أجل البحث عن حل سلمي للازمة الليبية لأن الحل العسكري بات مستحيلا بعد التطورات الأخيرة و مصر لا ترغب ايضا في تواجد قواعد تركية على حدودها الغربية .

لقد فهم الجميع ان التدخل التركي الحاسم و القوي لم يكن ليحدث دون ضوء اخضر أمريكي من أجل تحجيم نفوذ روسيا شرق المتوسط ، فتركيا عضو قوي في الحلف الأطلسي الذي تغير موقفه من الأزمة و صار قريبا من الموقف التركي و الأمريكي ، حيث هاتف وزير الخارجية بومبيو رئيس حكومة طرابلس فايز السراج لبحث مستقبل العملية السياسية في ليبيا .. لذلك عرقلت الولايات المتحدة الامريكية مشروع قرار فرنسي تونسي قبل ثلاثة اسابيع في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار . وقتها أدرك الفرنسيون ان العم سام قد دخل صلب المعركة .
اما التطور الأخير فهو طلب الافريكوم (القيادة العسكرية الامريكية في افريقيا) من تونس السماح بإرسال لواء أمني لمرافقة الخبراء الموجودين من اجل مراقبة التواجد العسكري الروسي في ليبيا .

انها لعبة الأمم و المصالح ، و تونس الاقرب الى طرابلس بحكم الجغرافيا و التاريخ و يجب ألا تغيب عن مشاريع إعادة الإعمار و النشاط الاقتصادي ، و مصلحة الدولة لا يجب ان تخضع للهواة و المراهقين السياسيين الذي مازال بعضهم يراهن على حفتر بعد ان نفض داعموه يديهم منه .

السياسة مصالح و رؤية و لا تدار بالعواطف و الايديولوجيات المنقرضة ، و هاهو رئيس وزراء ايطاليا يهاتف السراج و يحل رئيس وزراء مالطا ضيفا على طرابلس بعد حجز سلطات بلاده اموالا قادمة من روسيا كانت متجهة نحو حفتر .

للاسف ، بعض الاصوات في تونس المدعومة خارجيا لإحداث الفوضى بقيت في وضعية التسلل و لم تواكب التطورات الاقليمية .
كاتب و محلل سياسي



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


4 de 4 commentaires pour l'article 204256

Nouri  (Switzerland)  |Dimanche 31 Mai 2020 à 15:41           
هل هنالك تعمد لتعقيد الوضع في ليبيا كما جرى في سوريا ؟؟؟
وكأن نفس الخطة تعيد نفسها بالتدخل الروسي بدون ردود فعل غربية إلا شفاهيا وتركوا المجال الى تركيا وروسيا كي يتخاصمان وكأنه يوجد تنسيق بين الروس والغرب كي لا يتدخل احد منهم لان الهدف هو نفسه للجميع الا وهو محاربة الاسلام السياسي وكل التصريحات للحلف الاطلسي تبقى حبر على ورق ولا اعتقد انهم سيتدخلون.
وعن تونس المهم ان لا تتدخل في تونس وهذا يعلمه الروس فهي خط احمر للغرب ولكن وجودهم في ليبيا قد يساعدهم عن محاربة من لم يقدر عليه حفتر وعزل تونس كالبلد العربي الديمقراطي الوحيد ومحاربة الاسلام السياسي بطرق اخرى في تونس. والله اعلم

BenMoussa  (Tunisia)  |Dimanche 31 Mai 2020 à 15:32           
الحياد لا يكون بين الحق والباطل بين الخير والشر وبين الظالم والممظلوم
الحياد في هذه الحالة خيانة ورذالة

Fessi425  (Tunisia)  |Dimanche 31 Mai 2020 à 08:14           
اللهم أنصر إخواننا المسلمين المسالمين في ليبيا و في سورية على أعداءك و أعداءهم و على كل من ظلمهم من الصهاينة و الإمارات و مصر و السعودية و فرنسا و روسيا وأنصرهم على المجرمين و الارهابيين حفتر و جنوده و بشار أبو نعجة و من ولاهم و أيدهم ودعمهم اللهم أضرب الظالمين بالظالمين وأجعل كيدهم في نحورهم يا رب العالمين.

مشروع الإنقلابي الإماراتي السعودي بالتعاون مع حثالة النظام البائد للمخلوع و العملاء فرنسا في تونس باتة بالفشل الذريع و المدوي و إن شاء الله سوف توحد كلمة المسلمين من المشرق إلى المغرب كما كانت في الخلفاء الأموية و في عهد الإمبراطورية العثمانية

Ahmed01  (France)  |Samedi 30 Mai 2020 à 23:29           
للأسف ، بعض الأصوات المدعومة خارجيّا تروج وتسوق للاحتلال العثماني لليبيا وإعادتها إيالة تابعة للباب العالي
لأن تدخل أردوغان المباشر في ليبيا هو في الحقيقة " لله في سبيل الله ، وإرسال آلاف المرتزقة من
إدلب ـ بعد ضمها مثل لواء اسكندرون ـ هو لإرساء الديمقراطيّة

يا شيخ بولبابة ، على حدّ قول أبي العلاء
هذا كلامٌ له خبيءٌ.....معناهُ ليس لنا عقولُ


babnet
All Radio in One    
*.*.*