لا لعرض تقرير لجنة الحريات على الاستفتاء، لا لتوسيع دائرة النقاش حوله!

نصرالدين السويلمي
مهزلة مكتملة الاركان، تلك التي تضمنتها ردود افعال العديد من النخب والنشطاء الذين مردوا على تسمية انفسهم بالعائلة الديمقراطية، جاءت المهزلة على خلفية مواقفهم من تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة، او ما تعارف عليه بلجنة بشرى بن الحاج حميدة، تلك المواقف التي كشفت عن كمية رهيبة من الدكتاتورية الانتهازية، واكدت ان هذه الكيانات والكائنات المتربصة لا تتعامل مع الديمقراطية كقيمة منتجة ومحفزة على الحرية، ولا تحتكم اليها في ادارة الشأن الجمعي بأشكال عادلة، بل تستعملها فقط في تمرير اجنداتها، ولا تتردد في مصادمة المجتمع والمرور عبر الفجوات للالتفاف على المضامين، وهي التي خانت حين طرقت ابواب الاجهزة الامنية وبوابات الثكنات واستجدت الاتحاد وحسّنت من مصيبة الانقلابات وحرضت على انتهاك السلم المدني، تفعل كل ذلك تحت مضلة الديمقراطية وتسوق للدكتاتورية من عقر دار الحرية التي منحها الشعب لنخبه.
مهزلة مكتملة الاركان، تلك التي تضمنتها ردود افعال العديد من النخب والنشطاء الذين مردوا على تسمية انفسهم بالعائلة الديمقراطية، جاءت المهزلة على خلفية مواقفهم من تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة، او ما تعارف عليه بلجنة بشرى بن الحاج حميدة، تلك المواقف التي كشفت عن كمية رهيبة من الدكتاتورية الانتهازية، واكدت ان هذه الكيانات والكائنات المتربصة لا تتعامل مع الديمقراطية كقيمة منتجة ومحفزة على الحرية، ولا تحتكم اليها في ادارة الشأن الجمعي بأشكال عادلة، بل تستعملها فقط في تمرير اجنداتها، ولا تتردد في مصادمة المجتمع والمرور عبر الفجوات للالتفاف على المضامين، وهي التي خانت حين طرقت ابواب الاجهزة الامنية وبوابات الثكنات واستجدت الاتحاد وحسّنت من مصيبة الانقلابات وحرضت على انتهاك السلم المدني، تفعل كل ذلك تحت مضلة الديمقراطية وتسوق للدكتاتورية من عقر دار الحرية التي منحها الشعب لنخبه.
لا نعني من قريب ولا من بعيد الاحزاب والدكاكين المدنية المشبوهة والشخصيات المتسكعة على مختلف الأنظمة تطلب المنصب بالشرف وتقايض الكرامة بالدينار الرمزي، فتلك فصيحة متفيهقة، تعلن تباعا انها تمارس بل تحترف اقدم مهنة مخزية في التاريخ، انما نعني اولئك الذين تحركوا في القطاع الحقوقي واعلنوا النضال السياسي وانكروا على الدكتاتورية وسخروا انفسهم في خدمة الواجب الوطني، ثم سقطوا صرعى في اول اختبار جدي، وبعد سنوات من الانتماء الديمقراطي والتمسح على محراب الحرية والتبتل لدولة القانون، كفروا بكل ذلك حين انهزمت احزابهم وبارت افكارهم وتعثرت اجنداتهم، حينها ولما تفطنوا الى انهم ليسوا نخبة الله المختارة، وانهم ابعد عن تمثيل الشعب من الارض عن كوكب زحل، نزعوا قناع الحرية وتخلوا عن ابتسامة غاندي واعرضوا عن سماحة مانديلا وتأبطوا "بول بوت".
آتراهم اشترطوا على الديمقراطية ان تنحاز اليهم لتبقى على قيد الحياة! وهم الذين حملوا باقة الورد في يد والحجارة في الاخرى، فان منحتهم الصناديق رضاها توجوها، وان اعرضت رجموها، عفيفة اذا اقدمت عليهم بغي اذا انصرفت لغيرهم. كان ذلك دابهم مع الانتخابات، ومازال هذا دابهم مع المقومات! مقومات الشعب وهويته.. يؤمنون بانهم الصوت الحكيم القادر على تقرير مصير الشعب دون استشارته، فالبروفسور والدكتور والعالم والباحث والطبيب والمهندس والخبير، كل هؤلاء وغيرهم من مكونات هذا الشعب الكريم، لا يمكنهم تقرير مصيرهم ولا يحسنون اختيار حكامهم ولا يستطيعون التباحث في شانهم وليس بوسعهم فهم متطلباتهم وسبر اغوارهم، يعتقدون ان الشعب يساوي العجز وانهم القدرة الخارقة التي ستنتشله من عجزه وتنقضه من نفسه القاصرة!!! ليس هذا من المبالغة في شيء، فاليوم لا يمكن التخفي او الافلات من هذا الأرشيف "الانترناتي" الرهيب، الذي يخزّن لغوهم بعناية ليفضحهم به حين يحاولون ممارسة الانكار كما الحمقى والاغبياء، او كما دولة المذياع الواحد والتلفاز الواحدة والجريدة الواحدة، وها نحن نرى الشحط "الديمقراطي" الطويل الثخين الابله، الذي كان للتو يتحدث في الشأن الديمقراطي ويحذر من هبة الشعب التونسي الابي ، نراه يحذر من مغبة طرح نتائج لجنة بشرى بالحاج على الاستفتاء العام! كتب الشحط ان المسائل الثقافية تحسم فيها النخبة وليس الشعب!!قبله قال زميله الشحط الموازي ان الانتخابات في مجتمع جاهل تعود بالمضرة على البلاد، شحط ثالث قال ان تونس تحتاج اليوم الى ارادة عسكرية وليس الى ارادة سياسية! لم يحذروا من طرح تقرير اللجنة على الاستفتاء فحسب، بل خونوا أي تنازل عن احد بنوده ومنعوا طرحه للنقاش بين شرائح النخب، ففي اذهانهم انهم هم النخبة وما دونهم العوام مهما سمت افكارهم وطفح تحصيلهم العلمي..
لقد كانت الفكرة في المنطلق ان تتم صياغة المسودة بشكل ذكي يدغدغ عواطف المجتمع ويستعمل عبارات انيقة ولطيفة في تحييد الآيات التي تعطل مشاريعهم، ثم يدفعون بالمشروع الى الاستفتاء، لكنهم وحين ادركوا ان حفريات الهوية في هذا الوطن عميقة وضاربة، اعرضوا عن فكرة الاستفتاء وقايضوا الرئيس ، واقنعوا بعض الرفاق بممارسة شيء من الرضا عن قرطاج، كعربون لتمرير القانون، وحينما كانوا يعدون المسودة وحين تجمعوا قبل ذلك وحين اقترحوا وحين نفذوا وتشاوروا وخططوا.. وضعوا كل شيء في حسبانهم إلا الشعب! فانه آخر من يعلم، تماما كبن علي والسيسي وهتلر ، يعرفون مصلحة الشعوب اكثر من الشعوب نفسها.
عزيزي المتابع، هل تعلم ان احدى المشاركات في لجنة بشرى بالحاج والتي ستقوم بقراءة جديدة لروح النص، وتنقب عن اسباب النزول وتغوص في المقاصد، كانت تعتقد الى وقت قريب وقبل ان يقع تصويبها، ان سورة الفاتحة، اسمها صورة الحمد لله!!! فالحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
Comments
9 de 9 commentaires pour l'article 163454