لماذا يخشى الشاهد طلب تجديد الثقة من البرلمان؟!

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5b1073b74a8797.36007778_hlngmpjokfieq.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: شكري بن عيسى (*)

بعيدا عن "الحرب" المشهرة من الشاهد على نجل السبسي حافظ، التي لا تهم الشعب التونسي في أغلبه، ولَم تأت بالحلّ الذي طال للانسداد القاتل الذي تعيشه البلاد على اغلب المستويات، السؤال الأبرز اليوم بعد تعطّل حوار قرطاج واستمرار الخلاف الحاد، لماذا لا يتوجه صاحب القصبة نحو البرلمان مصدر الشرعية، وطلب تجديد الثقة في حكومته ليحسم التطاحن السياسي الذي أصبح يشل البلاد بشكل ملحوظ؟!





اليوم الأزمة أقرها الجميع بما فيهم الرئاسة ورئاسة الحكومة والأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية، فقط الاختلاف في الفشل العميق ودرجته، بين النداء والاتحاد الذين يتحدثون عن "الانهيار" وماشابه الى النهضة والشاهد الذين يكتفون بـ"الأزمة" ومشتقاتها، ولكن الحقيقة بقطع النظر عن المواقف والتوصيفات، الانسداد الآن اصبح حقيقة معيشة، وحدّته وتمظهراته الصارخة صارت خاصة على المستوى السياسي، فبعد التأزم الاقتصادي والاجتماعي الحادين المشهد اليوم أصبح مفتوحا على فوضى سياسية صاخبة، لعل ابرز تمظهراتها علاقة الشاهد بحزبه.

من الأزمة الاقتصادية-الاجتماعية.. الى الازمة السياسية

الأزمة الحادة كانت تمظهراتها في البداية اقتصادية واجتماعية، انطلقت مباشرة بعد دخول قانون المجبى (عفوا قانون المالية) لسنة 2018 حيّز التنفيذ، بتفجّر اجتماعي واسع طال عديد الجهات ركّزت عليه الصحافة الدولية بشكل عميق، ولعلّ أبرز المقالات الذي لخّص الوضع كان للخبيرة الاقتصادية في المرصد التونسي للاقتصاد جيهان شندول في صحيفة "الغارديان" البريطانية ، التي ربطت الاحتجاجات الحادة بما فرضه صندوق النقد الدولي من سياسات عبر قوانين المالية، والمقال الذي كان واسع الانتشار واستنفر ردا سريعا من الصندوق الدولي، كان تحت عنوان لافت ومعبِّر في نفس الان: "صندوق النقد الدولي يخنق تونس ".

واليوم الانسداد صار عميقا وارتفع الى المستوى السياسي، بعد وصول الحوار الذي فتح في قرطاج الى التعطل الذي استدعى التعليق، والتمترس الصلب للاتحاد ونداء تونس من أجل رحيل الشاهد، في ظل حياد ظاهر للسبسي "راعي" الحوار، قابله دعم كبير من النهضة للشاهد الذي أشهر "الحرب" على حافظ وحاشيته، في مواجهة صارت ساحتها وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي وكانت منصتها الاولى القناة الوطنية، في ظل حالة احباط اجتماعية متزايدة، حول تدهور المقدرة الشرائية العميقة وارتفاع البطالة وتدهور الدينار، يزيد في حدتها الانسداد السياسي الذي تحوّل الى تصفية حسابات معلنة بين الشاهد ونجل السبسي.

الشاهد.. اهتراء الشرعية

ورئيس الحكومة الذي فقد الدعم النسبي الذي ناله عند انطلاقه، سواء عبر خروج عديد الأحزاب من وثيقة قرطاج الاولى، أساسا حركة الشعب والمشروع وآفاق والوطني الحر (قبل تراجعه)، واليوم بعد المناهضة المعلنة من حزبه (النداء) الذي أعلن صراحة ان الحكومة أصبحت "عنوان أزمة"، وخاصة من المنظمة الشغيلة التي لم تعد تقبل باستمراره، اصبح في هذه اللحظة تقريبا بلا سند سياسي ولن يجد الأغلبية المستوجبة لتمرير سياسات ومشاريع قوانين حكومته وما يسميه إصلاحات، وحتى ما يراهن عليه من تغيير الوضع لفائدته في النداء لن يكون سريعا، فضلا عن أنّه لن يكون سهلا فالسبسي الابن احكم قبضته على المحليات والجهويات، وحتى ان تزعزع النداء فزيادة تشققه لن تزيد الوضع الحكومي الا تأزما، فالحكومة غارقة بلا نزاعات مباشرة فما بالك والتطاحن اليوم اصبح مدمرا.

"مخارج" دستورية.. صريحة

والحقيقة أنّ الدستور لئن لم يتوقّع حالة سحب الحزب الاغلبي الثقة من مرشحه لرئاسة الحكومة (هذا "الإنجاز" التونسي الفريد)، فقد توقّع حالات الأزمات السياسية داخل الحكومة، ووضع جملة من الاليات الدستورية يتم عبرها حسم الأمر بتغيير الحكومة أو تثبيتها (تجديد الثقة)، منح المبادرة فيها لطرفين أساسيين، النواب ورئيس الجمهورية، عبر طلب سحب الثقة بالنسبة للطرف الأول (فصل 97)، وعبر طلب تجديد الثقة بالنسبة للثاني (الفصل 99)، ولكنه أيضا فسح المجال واسعا لطرف ثالث: رئيس الحكومة (الفصل 98)، المعني اليوم بثقة أصبحت مهزوزة في شخصه وحكومته، وشرعيته السياسية أصبحت محل شكوك عميقة وتجريح واسع.

النداء المعني بشكل كبير برحيل الشاهد، لم يمارس هذا الحق الدستوري لعدم تأكده من تحقيق الأغلبية المستوجبة (109)، وأيضا حتى العدد المطلوب لتقديم اللائحة (73)، كما أنه قد يكون من باب عدم تحمل سابقة في تاريخه بطلب رسمي بعزل رئيس الحكومة المنتمي له، ولو أنه سابقا لم يتردد في سحق الصيد، أما رئيس الجمهورية فقد امتنع عن الأمر حتى بعدما طلب منه في حوار قرطاج الثاني، وذلك لأسباب تكتيكية لعل أهمها الضغط الدولي عليه بعدم تغيير الشاهد، وثانيها ان الطلب يعني صراحة إقراره بفشل استجلابه الشاهد وحوار قرطاج واحد، وثالثها هو السقوط في حالة حل البرلمان في صورة عدم إمكانية تشكيل حكومة جديدة او عدم منحها الثقة من البرلمان، وقد يصل الأمر الى استقالة رئيس الجمهورية في حالة اخرى حددها الدستور عند تجدد الطلب مرتين مع رفض البرلمان سحب الثقة.

رعب الشاهد من البرلمان

اليوم الحقيقة الشاهد هو المعني الأكبر بثقة البرلمان، في ظل المبادرات الموازية التي تعطلت هذا الأسبوع، وفِي ظل تصاعد السهام التي تشكك في شرعيته، والعطالة التي تعيشها الحكومة على عديد المستويات، وتصاعد الأضرار سواء بالديمقراطية الهشة او بمصالح الشعب المسحوق في أغلبه او مصالح الوطن او صورة تونس التي اصبح عراكها "الرسمي" على شاشات الفضائيات، والأصل أن ساكن القصبة هو المحمول عليه واجب التوجه للبرلمان لطلب تجديد الثقة، وحسم الصراع وإطفاء الحرائق التي طالت الجميع، وتحرير الحكومة ومؤسسات الدولة من الأسر الذي وقعت فيه نتيجة صراعات مدمرة لا علاقة لها بمنطق الدولة.

وضعية اليوم ذكرتنا بمراحل مؤلمة في تاريخ تونس في آخر أيام بورقيبة، لما أصبحت الدولة مشلولة والصراع على السلطة كاسرا، والشاهد اليوم ظاهر أنه غير معني بالمصلحة الوطنية وما يعنيه سوى الكرسي، ولذلك فلن يتوجه للبرلمان لطلب تجديد الثقة، فالثابت حسابيا أنه لن ينال الأغلبية المستوجبة، اذ النداء بأغلبيته كما كتل المعارضة في أكثريتها لن تمنحه الثقة، وحتى النهضة فليس ثابتا أن تصوّت لاستمراره كتلة واحدة، وسيكون من بينها عديد المحتفظين والمعترضين، وقد تنقلب في آخر لحظة ان تأكدت من قوة رياح العزل، و"المضمون" اليوم هو الكتلة الوطنية وربما كتلة المشروع ان حدث تفاهم ما.

ولذلك لا يتجرأ الشاهد للتوجه للبرلمان ووضع الحبل حول عنقه، خاصة أنه سيجد نفسه في وضع مخزي سياسيا، وسيناله سيل عارم من التوبيخ والتجريح خاصة من حزبه، ويصبح أسير رحمة بعض الكلمات المشفقة من النهضة، والاشكال الأكبر بالنسبة للشاهد أنه سيخسر مستقبله السياسي نهائيا، فلن يستطيع لا احداث الاختراق داخل حزبه عند عزله من الحكومة، ولن يقدر على تكوين حزب قوي، وتجربة مرزوق وجمعة لازالت ماثلة امامه، وحتى السدنة التي حوله اليوم على غرار الدهماني وبن غربية ووليد جلاد وربما سمير بالطيب اغلبها وجوه مستهلكة، وحنفية المال الإقليمي من الإمارات صارت شحيحة، وسيكون بطارية غير قابلة للشحن خاصة وانه سيخرج منكّسا برصيد فارغ!!

(*) قانوني وناشط حقوقي


Comments


4 de 4 commentaires pour l'article 162705

Moezz  ()  |Vendredi 1 Juin 2018 à 15:58           
لم افهم الى اين يريد بن عيسى الوصول.لماذا تريد من الشاهد الذهاب الى المجلس؟ لماذا لا يطالب النواب من الشاهد الحضور؟
انا احس ان بن عيسى عندو نرجسية كبيرة داخله

Mandhouj  (France)  |Vendredi 1 Juin 2018 à 09:48           
En final, on pourra expliquer de différentes manières ce qui se passe aujourd'hui, en matière de la crise politique actuelle; mais ce que dont je suis convaincu : Aujourd'hui tous les partis sont rentrés dans une phase de gestion du temps.. 2019, 2019, 2019. Et là le crime politique , est collectif, s'il y a crime bien évidement. Après à chacun de porter sa propre analyse.

Mandhouj  (France)  |Vendredi 1 Juin 2018 à 09:43           
ربما التوجه للبرلمان يعمق الأزمة .. ثم يبقى الحل الأنجع التوجه للصندوق .. و هذا نداء تونس يرفضه ، و يخافه .. نداء تونس تأسس لغاية إحداث توازن سياسي في مرحلة معينة .. ثم تكسر على عتبة الحكم .. منذ 2014 حدثت مراجعات عدة داخل النداء .. النتيجة كانت حرب شقوق .. ثم انبثقت عن نفس الكتلة البرلمانية الندائية عدة كتل .. و عدة احزاب .. هذا دليل عن ماذا ؟ هذا دليل على أن النداء إستوفى وجوده كحزب يحدث التوازن .. الإنتخابات البلدية تثبت هذا .. ما يحدث اليوم
من أزمة بين الشاهد و بين حافظ ، دليل على هذا .. اليوم هل يجب تعميق الأزمة بالذهاب أمام مجلس الشعب لطلب الثيقة من جديد ؟ و النتيجة الأولى التي ستحدث، هي انشقاقات جديدة في صلب الكتلة الندائية ؛ ثم البقاء على خطاب أن ما أنتجته إنتخابات 2014 هو الذي يعتمد في تشكيل الحكومة .. و هذا أكبر غلط و مغالطة للناس .. ثم على مستوى البلاد ستكون الحكومة أضعف مما هي عليه الآن .. إذا اردنا أن نكون عقلانيين ، لا يمكن أن نرى الحل عبر التوجه لطلب الثيقة .. الحل إذا
اردنا يكون في القبول بأن الكتلة الأولى يطلب منها الرئيس لتأسيس حكومة و إعادة فبركة تحالفات جديدة تتعدى الأحزاب التي امضت على وثيقة قرطاج ، على أساس برنامج حكومي جديد .. أو التوجه من الآن للصندوق ، و لا نترك البلاد هكذا ، في حالة ضعف حكومي .. الظاهر للعيان هو أن كل الأحزاب تبحث عن ربح الوقت لتكون مستعدة لمواعيد 2019 ، الرئاسية و التشريعية .. حزب النهضة يريد هذا ، "حزب" نداء تونس، أو بالاحرى رئيس الجمهورية يريد هذا .. أمام كل هذا ، نجد امامنا
حافظ قائد السبسي يحب يرفس و يخفص، ليستولى على الحكم ، حتى ولو له 10 نواب يؤيدوه .. كيف واجه الرئيس هذه الطموحات الغير شرعية لإبنه ؟ علق العمل بوثيقة قرطاج ! الآن المواقف الواضحة ، هي لحزب النهضة الذي يريد فتح الحوار من جديد حول الوثيقة ، و موقف الجبهة الذي يعتبر أن احزاب الحكم، منظومة الحكم ، داخلها أزمة عميقة ، لا يخول لها أن تحكم .. ما هو موقف النداء ؟ هناك عديد جهات تتكلم بإسم النداء .. إذا نحن أمام شكشوكة تصريحات ، و غياب موقف ... النتيجة ،
نحن هنا أمام وضع غير سليم .. الشعب ماذا يترقب ؟ يترقب جرءة سياسية مسؤولة تنهي الأزمة .. و ليس جرعة تسميم أو تخدير ، حتى لا نهتم كمواطنين بالشأن العام .. هذه جرءة المسؤولة ، هل ستكون الدعوة لإنتخابات تشريعية من هنا لشهر سبتمبر أو أكتوبر ؟ أم أمر آخر ؟ نترقب !

Oceanus  (France)  |Jeudi 31 Mai 2018 à 23:44           
Et pourquoi doit il passer devant le parlement si son probleme est avec une personne ou une seule cote .


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female