درس آخر للانقلابين في تونس ..

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/gasruiiniiiiiiii_13-51-07.jpg width=100 align=left border=0>


نصرالدين السويلمي

"زوجة ضابط شرطة شكت لي من ان راتب زوجها لا يكفي مصاريف المنزل ومدارس طفليها"، من اجل هذه العبارة الاكثر من عادية في دول العالم الثالث وفي نظم شبه ديكتاتورية، بل وفي مصر مبارك والحزب الوطني، من اجل عبارة انصاف في حق أسرة شرطي مصري، قامت سلطات الانقلاب بحبس الاعلامي خيري رمضان، احد كبار ابواق الانقلاب وعرابه المفضل الى جانب عمرو اديب واحمد موسى، بجريرة إهانة الشرطة، يحدث هذا في مصر الانقلاب حيث لا صوت يعلو فوق صوت العسكر والشرطة، وليذهب المجتمع المدني الى الجحيم ولتبيع الحرية عرضها لابو الهول وليمتهن الشرف مهنة القوادة عند الاهرامات، وليبل الشعب المصري ثورة 25 يناير ويشرب "دميتها"، لقد انتهت قصة الحرية وولى العهد الذي كان الاعلامي يطالب فيه بعزل الرئيس المنتخب ويصفه بالكافر، وولى العهد الذي كان يمكن فيه للراقصة الاستهتار بأول رئيس منتخب في تاريخ مصر الى حد القول"ريّس الزاي؟ دا ما يصلحش حتى بواب على الكباريه"، بل والادهى من ذلك انتهى عصر دكتاتورية مبارك اين كان يسمح للصحفيين بنقد كل من هم دون مبارك واسرته وسياساته العامة، لّى عهد مبارك البائس لصالح عهد الدمار الشامل، وانتهت فسحة السنة التي وفرتها 25 يناير وحل وباء الانقلاب ليجهز على كل الفسائل الجميلة التي اطلب ذات ربيع 2011، وها نحن بين يدي مرحلة بالكاد نعثر فيها عن معارض للرأس مالية المسلحة "على حد وصف عبد الوهاب الافندي" يقول كلمة حق مقتضبة، والقليل الذين قالوها من شفيق الى عنان مرورا بهشام جنينة وغيرهم، تلك القلة انتهت الى الاستسلام وغيرت اقوالها بعد أن غابت ليوم او يومين لدى المخابرات الحربية، لقد تمكن اللواء اركان حرب محمد فرج الشحات من اقناعهم بـــ"التي هي احسن" فغيروا أقولهم، حتى ان هيئة الدفاع التي رافعت على المستشار هشام جنينة، ولما تقطعت بها السبل استنجدت بفقه هيئة الدفاع التي رافعت عن الاعلامي التونسي معز بن غربية، واكدت ان موكلها"هشام جنينة" لم يكن بوعيه عندما تحدث عن وثائق عنان، حيث جاء في حيثيات المرافعة" أن جنينة أجرى الحديث وهو طريح الفراش يعاني من كسر في محجر العين، وكسر مضاعف في الساق، وكان واضحاً لكل من شاهد الحديث بعد بثه ما يعانيه من ألم وانهيار في الحالة الصحية العامة من جراء صدمة التعدي عليه، وما كتبه له الأطباء من مسكنات ومهدئات ذات آثار سلبية يقينية على الوعي والإدراك الكاملين"، ليس امام جنينة ودفاعه غير التراجع الذليل او الموت الشريف في اقبية المشير، وحتى ندرك ان الانقلاب يأكل ابناء سفاحه حين ينتهي من التهام ضحاياه ولعق دمائهم، يكفي القول ان هشام جنينة هو رئس الجهاز المركزي للمحاسبات، اعلى جهة رقابة مالية في مصر، وان سامي عنان ليس إلا رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية السابق ونائب لرئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة أثناء إدارة المجلس شئون البلاد عقب ثورة يناير2011، أما أحمد شفيق فهو وزير الطيران المدني و رئيس وزراء مصر السابق، رغم ذلك لم تنفع النياشين والولاءات ولا نفعت القرابين التي قدموها، وحين قصروا في الولاء، غابوا جميعا وراء الشمس تلبية لانقلاب جائع للبطش.





تلك عينات من قصص يومية ينتجها الوباء الانقلابي ويسوقها اعلام جعل مصر اضحوكة، ثم هو يتفنن في خدمة المشير ويبالغ في فنتازيا الاشاعة ضد خصومه، في الاثناء يترقب دوره الذي سياتي نتيجة هفوة ربما غير مقصودة، والمثير ان المشهد الاعلامي والحزبي ومختلف طبقات النخبة، الكل يدرك ان دوره سيأتي وان تأخر لحين، ولان مفعول العبودية اقوى من مفعول الهيروين، يبسط هؤلاء السنتهم بالمدح وبالتوازي يبسطون رقباهم استعدادا لموعد الذبح.


رغم ان الانقلاب السيساوي اختزل السياسة والفكر والفن والرياضة.. في مخفر وثكنة، واجهز على المجتمع المدني واعلن التصحر العام، إلا ان بعض التونسيين مازال يستهويهم المستنقع المصري، ويصرون على مد يد المساعدة للمال المنفّط كي يستنسخ لهم ولو"مشيّرصغير" تماما كما النعجة دوللي، ليدمر تجربتهم ويخلصهم من هاجس الحرية، وتراهم يتطوعون كعيون لجريمة إقليمية تستميت في العمل على اسقاط ثورة سبعطاش، حتى ان أحدهم ومن فرط انتفاخ غدده الايديولوجية، وحين حذروه من أن منظومات القمع في العالم العربي تريد استعمال فزاعة الاسلاميين للعودة الى معاقلها واعادة انتاج نفسها باكثر قتامة، قال" دولة بوليس بلا حركة النهضة افضل من دولة ديمقراطية فيها حركة النهضة"! الى هنا تكون لغة الكلام قد تعطلت، ولا عبارات تجزي عن كمية الانحطاط المعلنة آنفا، غير " لو أمطرت السماء حرية .. لرأيت بعض العبيد يحملون المظلات".

لقد جاء على تونس زمان، وصل فيه منسوب بعضهم من الهوان الى 9 درجات على سلم سعد حداد، حتى انهم استبدلوا تخويف اطفالهم من عبارة"ارقد جاك الغول"، الى عبارة "ارقد جاك مانديلا" انهم وحين يغضبون من احد ابنائهم يدعون عليه "يعطك حرية" بدل "يعط ضربة" ثم تغيرت صيغهم، وبدل تقريع الطفل بعبارة "يا بليد" اصبحوا يقرعونه بكلمة"يا وطني" ، لقد نخرهم الخزي الى حد قولهم في التعوذ "نعوذ بالله من دولة القانون والمؤسسات.."!


Comments


3 de 3 commentaires pour l'article 157217

Mandhouj  (France)  |Dimanche 11 Mars 2018 à 12:44 | Par           
ﷲ يسلط دولۃ العدل علی كل مجتمع ! :):):) .

Aziz75  (France)  |Mardi 6 Mars 2018 à 11:09 | Par           
ماذا أستطيع أن أضف لما قلته و كتبته.العلة تكمن في عقلية الإنسان العربي.منذ قرون خلت و فترة الإستعمار ثم ما بعده،أصبح المواطن ليس له وجود طبيعي إلا بالتخلي على إنسانيته للقاهر الذي يستعمل كما يحلو له.من لماأستعبدتم الناس و قد خلقتهم أمهم أحرار ،الى ،منذ متى حررتم الإنسان وهو خلق لخدمة سيده الواحد القهار.

MedTunisie  (Tunisia)  |Mardi 6 Mars 2018 à 08:22           
الانقلاب و هذه العقلية هو وباء خطير من صنع البشر المصاب بانفصام الشخصية و حب السيطرة و رفض الطرف الأخر


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female