افتي يا مفتي

تريد الشهرة.. المجد.. المال..
تبحث عن قاعدة شعبية تحفظ عن ظهر قلب اسمك وصورتك..
لديك كاريزما وقدرة على الضحك على الذقون..
تبحث عن قاعدة شعبية تحفظ عن ظهر قلب اسمك وصورتك..
لديك كاريزما وقدرة على الضحك على الذقون..
ترغب في أن تكون شخصية العام..
لا تتوجه ل"ستار أكاديمي" أو "سوبر ستار".. إليك الجديد.. "مفتي ستار" أكاديمية قد تفتح بابها قريبا ليتسابق مشتركوها في إصدار اغرب الفتاوى وأكثرها جلبا للأنظار وإذهالا للمشاهدين.. وتصيد اكبر عدد من المصوتين وطبعا جني ملايين الدولارات..
الشروط : موهبة في استبلاه الناس، ثقافة دينية عامة، وجه عبوس، خيال واسع وقدرة على الاستنباط..
الجائزة قناة دينية تبث برامج الفائز 24 ساعة في اليوم لا داعية غيره، لا إمام غيره ولا مفتي غيره يدحض فتواه..
آسفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة...
ولكن فوضى الفتاوى التي تعيشها الفضائيات والتي انتعشت في السنوات الأخيرة تبعث على التهكم أحيانا والحزن أحيانا أخرى.. تخمة الفتاوى هنا وهناك صارت تبعث على الغثيان ولا سبيل لهضمها جميعا..
شيوخ نسوا أنفسهم وأصبحوا يتفننون في التحريم والتحليل رغم أن "الحلال بيّن والحرام بيّن".. نفس السؤال يجيب عنه أكثر من شيخ وتختلف الإجابة بين شيخ وآخر وكل وفق مرجعياته وبلده والجهة التي تقف ورائه وسياسة القناة وغيرها..وأصبح تعدد الأجوبة وتناقضها أحيانا كثيرة فرصة لتصيد الأيسر بدون ارجحية الدليل وكل يأخذ بعين الاعتبار الفتوى التي تلائمه حتى ولو كان سندها ضعيف ما دام هناك من يتحمل وزرها يوم البعث..

فتاوى نسمعها فلا نصدق آذاننا.. من العبيكان وفتوى إرضاع الكبير التي بدأت بإجازة إرضاع الخدم وزملاء العمل حتى يحلل الاختلاط ثم نقحت لتصبح جائزة في حالات خاصة كالتبني أو إرضاع الزوجة شقيق زوجها في حال إقامته معهم مع أن ابسط الناس يعلم أن حرمة الرضاعة ذات شروط معينة مخالفة للفتوى..إلى آخر يرد على سؤال تافه من عقل مريض بفتوى أكثر... حيث حرم التضحية بخروف أكل من صحيفة فيها إساءة للإسلام وكأن الخروف تعمد فعل ذلك.. شيخ آخر أفتى بعدم جواز رد السلام على الببغاء المدرب حتى مازحا وحرم مشاهدة الأطفال "ميكي ماوس" لان الفار نجس ولا يجب أن يحبه الصغار كما حرم مشاهدة سلسلة "بوكيمون" لأنها تؤيد نظرية داروين حول النشوء والارتقاء ..
الفتاوى الغريبة ليست حكرا على المتشددين فقط بل طالت أولئك الذين يدعون أنفسهم شيوخ الواقع ويواكبون العصر مثل جمال البنا الذي حلل التدخين في نهار رمضان وأحل تبادل القبلات بين الشباب مدعيا أن هذا يسمى في الفقه "اللّمم" أي المعصية الصغيرة التي تحول دون ارتكاب المعاصي الكبرى.. جمال البنا ذهب ابعد من هذا حيث ادعى أن الحجاب ليس فرضا على كل النساء في الوقت الذي يفتي آخرون بأن النقاب فرض..
ولعل أكثرها شذوذا الفتوى التي احتلت المرتبة الأولى في استفتاء قامت به مجلة "فوريين بوليسي" الأمريكية حول اغبي خمس فتاوى إسلامية لصاحبها رشيد حسن خليل حيث أفتى ببطلان زواج كل اثنين تعمدا التجرد كليا من ملابسهما أثناء العلاقة الحميمة.. وتحولت هذه الفتوى وغيرها إلى مصدرا للتندر والسخرية من المسلمين حتى فيما بينهم..
وأصبح بعض الشيوخ يطوعون مواد الشريعة حسب أهواء طلابها وأصبحت الفتاوى مواقف شخصية ومدعاة للشهرة ..
فهل انتهت القضايا المحلية وامتلك المسلمون ثقافة دينية شاملة حول العبادات ومسالك الإيمان فاتجه العلماء إلى إصدار فتاوى صاعقة للعقول والخوض فيما لا يهم عامة الناس ولا يقود المجتمعات الإسلامية خطوة للأمام..؟
ومن يدفع هؤلاء ويورطهم في الحديث عن جزئيات تافهة تشوه صورة الإسلام؟ فالفتاوى صارت ككرة الثلج تكبر شيئا فشيئا حتى تكاد أن تحجب جوهر الدين وسماحته في زمن أصبح البعض لا يمارس ابسط تفاصيل حياته إلا بعد الحصول على فتوى..
يقول الرسول الكريم صلى الله عليه واله وسلم : "أجرأكم على الفتوى أجرأكم على النار"..
خالقنا واحد.. نبينا واحد.. قرآننا واحد فلماذا هذا التضارب في التحليل والتحريم ولماذا هذا الكم من الفتاوى الشاذة عن صراط العقل..؟
قد يصرخ البعض اتقوا الله إن لحوم العلماء مسمومة ولكن مثل هؤلاء فتاويهم هي المسمومة ويجب وضع حد لها..
مديحة بن محمود
Comments
21 de 21 commentaires pour l'article 28157