جحا في "جبهية" الى رياس تونس

المهدي الجندوبي
وصلت الجحفة الى باب الدار لكن الموكب لم يستطع الدخول، فقام فريق من أهل العروسة ينادي بتقصير ساق الجمل ليدخل الباب و عارضتهم اصوات جلّها من أهل العريس و اصحاب الجمل كيف نخسر جملنا و الحلّ في قطع رأس العروسة لتنخفض الجحفة و تمرّ من الباب القصير.
وصلت الجحفة الى باب الدار لكن الموكب لم يستطع الدخول، فقام فريق من أهل العروسة ينادي بتقصير ساق الجمل ليدخل الباب و عارضتهم اصوات جلّها من أهل العريس و اصحاب الجمل كيف نخسر جملنا و الحلّ في قطع رأس العروسة لتنخفض الجحفة و تمرّ من الباب القصير.
و بينما كان القوم في جدال و صياح كاد يعكّر أفراح الزيجة اقبل جحا حكيم قومه و بعد أن أنصت للجميع قال لهم الحل عندي فانصت اليه الحضور: ضعوني على ظهر الجمل وراء العروسة و إمتثل الجميع و عندما قارب الموكب الباب القصير ضرب جحا بلطف على رأس العروسة فإنخفضت الجحفة و مرّ الموكب من الباب القصير و عادت الطبول و المزامير الى صياحها معلنة إستمرار الحفل و باتت العروسة مكرّمة معززة.
تذكرت هذه القصة التراثية، مرّتين و أنا أتابع جدل تنصيب الوزراء و دستورية إجراءات التسمية و التصويت و موكب القسم و شروط المباشرة. المرّة الأولى عندما تحّدث الأستاذ جوهر مبارك بين جد و هزل على "جبهية" و هو أسلوب اصيل في التصالح يتمثل في إرسال جماعة من الوجهاء لتقريب وجهات نظر المتصارعين و أعجبني هذا التوجّه الى الإرث الجماعي عندما يعجز الجدل القانوني و الحوار السياسي على إيجاد حل.
و المرّة الثانية عندما قرأت إقتراح الأستاذ سمير ديلو الذي طالب الوزراء الأربعة المعنيين بتحفظ رئيس الجمهورية، بالإنسحاب و هي "تضحية" يقومون بها لتجاوز الأزمة و هكذا ننقذ التحوير و لا يتعطّل سبعة وزراء غير معنيين بتحفّظ الرئيس و في هذا المقترح شيء من ثقافة الحيل الشرعية و واقعية نصف الحل أفضل من لا شيء و مقولة "لا يجوع الذئب و لا يشتكي الراعي" و كلّها تحيل الى نظرة واقعية براغماتية و هي مدرسة من المدارس السياسية.
عندما تغلق كتب القانون و تعطّل قنوات الحوار السياسي و يتجمّد الذكاء و الإبتكار، لماذا لا نفتح كتب التراث فنستفتي جحا و ندخله لحظة ضمن "الجبهية" التي ستتوجّه الى رؤسائنا الثلاثة حسب مقترح الأستاذ جوهر مبارك. فلعلّ الحل يكون في هذه الرّزمة:
تنظيم حفل أداء اليمين ل 7 وزراء "لا غبار عليهم" من مجموع 11 شملتهم التسمية و التصويت و "كل شاه معلقة من كراعها".
ينسحب 4 وزراء حولهم تحفظ كما نصحهم الأستاذ ديلو، ليتفرّغوا للدفاع عن أنفسهم امام الجهات المعنية سواء الإدارية أو القضائية مقابل أن تقدّم رئاسة الجمهورية للقضاء ما تملكه من حجج إدانة و في صورة التبرئة يقدّم رئيس الجمهورية إعتذارا لكلّ من يستحقّه. مقاومة الفساد من مشمولات رئيس الجمهورية الدستورية و إحترام كل تونسي و حفظ عرضه من واجباته ايضا. و القيم لا تؤخذ واحدة بواحدة لكنّها منظومة متكاملة.
يقترح رئيس الحكومة 4 وزراء جدد بعد التثبت مع مصالح الرئاسة حول "نظافة" سيرتهم حسب "سكانير الرئاسة" خارج كلّ إعتبار سياسي، و يتفضّل النوّاب بالتصويت مجددا و ينتظم حفل أداء اليمين، لإستكمال الفريق الحكومي.
الفكر الجحائي، "ظاهره هزل و باطنه جد" لذلك إستطاعت هذه الشخصية الأدبية المرور عبر الكتب الى وعي الناس و إن شاء الله ترافق روح جحا و دعابته كل من يشتغل الآن في تونس على تقريب وجهات نظر رؤسائنا ليتفرغوا الى ما ينفع و تلك مهمّتهم و في ذلك شرفهم. فهل يكون جحا حليفنا في أولوية "التنمية و التشغيل"؟
Comments
1 de 1 commentaires pour l'article 219897