الخليج الهادر و الجزية المنقوصة

بقلم الاستاذ بولبابه سالم
فجأة و دون الخطوات المتعارف عليها في تصدع العلاقات بين الدول ، اقدمت السعودية و الامارات و البحرين و مصر على قطع علاقاتهم مع قطر و طلبوا من القطريين الموجودين على اراضيهم مغادرة بلدانهم .
فجأة و دون الخطوات المتعارف عليها في تصدع العلاقات بين الدول ، اقدمت السعودية و الامارات و البحرين و مصر على قطع علاقاتهم مع قطر و طلبوا من القطريين الموجودين على اراضيهم مغادرة بلدانهم .
تبدو الاسباب التي ساقتها السعودية و الامارات غير جدية حول اتهام قطر بتغذية الارهاب و دعم الجماعات الارهابية ، فالجميع يعلم ان جبهة النصرة مثلا في سوريا تحظى برعاية و دعم سعودي قطري ضمن مساعيهم للاطاحة بالنظام السوري ، كما لم يعد خافيا دور الامارات في دعم الثورات المضادة و محاولتها الاطاحة بالحكومات المنتخبةو دورها في الانقلاب الذي حدث في مصر و بالتالي يبدو موضوع الارهاب مجرد تعمية على الاسباب الحقيقية،،
منذ حملته الانتخابية أعلن دونالد ترامب انه سيطالب ممالك الخليج بأنّ بقاءهم في السلطة مرتبط بالحماية الامريكية ، و بالتالي عليهم ان يدفعوا مزيدا من الاموال مقابل تلك الخدمة .
زار ترامب السعودية و حصد صفقات و مالا وفيرا بلغ 418 مليار دولار كما تعهدت الامارات بنفس الامر في اطار صفقات تسليح ضخمة ، لكن قطر تعهدت بمواصلة العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة دون تقديم هدايا مجانية ، و عند عودة ترامب الى واشنطن قال للامريكيين عبر تويتر انه قد جاءهم بمال كثير ، و كعادة الامبراطوريات فقد جمع الجزية رغم تغير التسميات بين العصور ، فلا ننسى انه اثار غضب اوروبا في قمة الناتو لما طلب مزيدا من المساهمات المالية و لم يتعهد بالدفاع عنها في صورة تعرضها لهجوم خارجي رغم ان ميثاق الحلف الاطلسي يتحدث عن الدفاع المشترك عند تعرض اي عضو الى عدوان.

يدير ترامب الولايات المتحدة كمدير شركة لا كرئيس دولة ، وهو شخصية راسمالية معروفة تتعامل دون اقنعة او ديبلوماسية و يذهب الى الهدف مباشرة . قد يكون ترامب غير راض عن حجم الجزية القطرية فاوعز الى جيرانها بازعاجها ، لكن الولايات المتحدة على لسان الناطق باسم البيت الابيض تفاجأت بالخطوة السعودية ، فلا ننسى ان العلاقات الخليجية ليست علاقات بين الدول بالمعنى الحديث بل هي علاقات قبلية تهتز بسهولة حتى بتصريح صحفي يتعلق خاصة بالشرف ، و لا مكان للحديث عن الاتفاقيات الاقتصادية و مصالح الشعوب فكل ذلك يمحى بجرة قلم.
ولأجل تلك الاسباب تعود العلاقات الى طبيعتها بنفس السرعة التي تصدعت بها ، و هاهي آخر الاخبار تتحدث عن وساطة امير الكويت الذي زار اليوم جدة في انتظار حلوله بالدوحة ، و هي وساطة شيخ القبيلة الذي سيجمع المتخاصمين تحت الخيمة ثم يتم تقبيل الانوف اعلانا عن المصالحة المرتقبة بعد تقديم تنازلات مشتركة ، و لن يخسر في الازمة سوى سيسي مصر الذي حول ام الدنيا الى ألعوبة بين يدي صبيان الخليج من الامراء المتطلعين الى السلطة ،،
و تجدر الاشارة في هذا الخصوص الى وجود صراع كبير داخل العائلة الحاكمة السعودية حول السلطة بعد الملك سلمان ، و جميعهم يتقرب الى واشنطن ، وهو نفس ما يحدث بين امراء آل نهيان في الامارات العربية المتحدة ،و مازالت السعودية تدفع الى اليوم ثمن تورطها في حرب اليمن بسبب صلف امرائها الصغار مما اجبرها على اقتراض 96 مليار دولار بفوائد مرتفعة .
للاسف الشديد ، صار التقرب من دوائر القرار الامريكية و الكيان الصهيوني وسيلة بعض دول الخليج للبقاء في السلطة و ردود فعل قادة الكيان الاسرائيلي حول الازمة تعكس حجم الهوان الذي بلغه العرب عندما صرح وزير الحرب السابق ان اسرائيل صارت شريكة لبعض الدول العربية ضد قطر و ضد كل من يهدد السلام .
ستهدا العاصفة الخليجية الهادرة و ستصمت الابواق المحلية الماجورة التي كشفت عن احقادها الايديولوجية المرضية في هجومها غير المبرر على دولة قطر التي ساندت تونس بسخاء بعد الثورة حتى قال عنها رئيس الدولة نفسه انها الدولة العربية الاكثر مساعدة لتونس ،،
كاتب و محلل سياسي
Comments
5 de 5 commentaires pour l'article 143739