يرابطون في صفاقس بالآلاف .. مهاجرو جنوب الصحراء يعدلون البوصلة نحو سواحل أوروبا

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/664334a3cf5666.91497565_moikgnhlpqfej.jpg width=100 align=left border=0>


(وات/تحرير أيمن الزمالي)- " استمرت رحلتي البر ة سبعة أشھر دون توقف .. عان ت ف ھا الو لات .. العطش والجوع والخوف والمخاطر .. انطلقتُ من الكوديفوار نحو مالي ثم الن جر أ ن تجمعنا قبل عبور الصحراء الجزائر ة في اتجاه صفاقس التونسية"، ھكذا تحدث "فانسون" الإ فواري عن رحلته ورفاقه الأربعين باتجاه أوروبا بعد أن أحبطتها السلطات التونسية نهاية الأسبوع في عرض البحر.

محاولة "فانسون" الهجرة سرا عبر البحر نحو "لمبادوزا" الإيطالية انطلقت من أحد شواطئ العوابد التابعة لولاية صفاقس الساحلية الواقعة في جنوب شرق تونس.





يتابع "فانسون" حد ثه، لفر ق وكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات) على متن خافرة تونس ة تابعة للحرس الحدود البحري لإقل م الوسط، سويعات قليلة بعد إفشال عملية الهجرة، " لن أتراجع مھما كلفني الأمر .. سأعود وأكرر المحاولة .. "
ويضيف قوله وقد استشاط غضبا، " غا تي الذھاب إلى أوروبا بكل الطرق الممكنة ولن يثنيني عن ذلك غير الموت".

على الأرض بصفاقس، تجمع الآلاف من المهاجرين غير النظاميين في مناطق مختلفة وتوزعوا في مخيمات وبات وجودهم محل جدل وطرح أكثر من نقطة استفهام لدى أبناء المنطقة، وكذلك لدى الرأي العام في تونس.
تحدث "حاجي" الس رال وني، المقيم بمخ م بـ"ھنش ر بن فرحات" غرب معتمدية العامرة، لفريق (وات) بلغة عربية تجمع بين لهجات مغاربية مختلفة، قائلا "تونس بلد إفر قي، ونحن لا نريد البقاء هنا".
"حاجي"، الناطق باسم المخيم الذي أوي آلاف المهاجرين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء وأغلبھم من المھاجر ن غ ر النظام ن، وجه النداء إلى السلطات التونس ة بقوله " دعونا نغادر نحو أوروبا .. افتحوا البحر أمامنا".
أصبحت صفاقس، المنطقة الھادئة المعروفة بحركيتها الاقتصادية وبسواحلها الممتدة المطلة على البحر الأبيض المتوسط، من أشھر المناطق لدى سكان عديد مدن وقرى بلدان إفر ق ا جنوب الصحراء.
بلغ صداها الصومال والسودان، شرقا، والكامرون، غربا، ومن هناك انتشر في أحزمة معتمديتي "العامرة" و"جبنيانة" 17 مخيما للمهاجرين غير النظاميين من جنوب الصحراء، يضم أصغرها قرابة 700 شخص وأكبرها الآلاف ..
وأضحت منطقتا "العامرة" و"جبنيانة" كلمة السر ونقطة الانطلاق للعبور إلى الضفة الأخرى من المتوسط.

// "النقطة صفر" !

في الل لة الفاصلة ب ن يومي الجمعة والسبت 10 و11 ماي الحالي، كان البحر "طِ ابْ" بلغة البحارة، والأجواء تشجع على الإبحار.
خافرة الحرس الوطني البحري تتوغل في عرض البحر بعد أن انطلقت رحلتھا من سواحل مد نة صفاقس، في أجواء ھادئة لا تنبئ بأي طارئ.
في النقطة صفر في عرض البحر، تمركزت الخافرة، التي قودھا ضابط شاب من الحرس الوطني خريج الجامعة التونسية وملاح مھندس لا عرف نوما ل لا ولا غفلة نھارا.
على الساعة الثالثة إلا ربع فجرا دبت على متن الخافرة حركة غير عادية وتسارعت الخطوات وانتظم الجميع من ضباط وأعوان متأهبين، كل في مكانه وكل في مھمته.
لم تمر دقائق قليلة حتى "استقبلت" الخافرة 41 مھاجرا غ ر نظامي من جنوب الصحراء، ب نھم "فانسون" الإيفواري .. جلبھم زورق سر ع تابع للحرس الوطني البحري للاحتفاظ بھم على متن الخافرة.
في الأشھر الأربعة الأولى من هذا العام، تمكن الحرس الوطني البحري الحدودي من إنقاذ ومنع أكثر من 21 ألفا و500 مهاجر حاولوا اجتياز الحدود البحرية خلسة نحو سواحل إيطاليا، وفق ما أكده الناطق باسم الإدارة العامة للحرس الوطني، حسام الدين الجبابلي، في لقاء خاص مع (وات).
أحبط الحرس البحري 751 محاولة إبحار غير نظامية نحو سواحل أوروبا .. أرقام قال ذات المصدر إنها فاقت، في زمن وجيز، أرقام جهود حماية الحدود البحرية على امتداد العام الماضي (2023).

// المطاردة ..
ظھر السبت 11 ماي، وبعد ليلة طويلة متعبة، كان الفر ق الصحفي لـ (وات) المرافق لدورية الحرس البحري أخذ نصيبا من الراحة في غرفة صغ رة، هي في الأصل مجهزة لاستراحة الضباط، فجأة تحركت الخافرة بسرعة قصوى متوغلة في عرض البحر بحوالي أكثر من 30 م لا.
رحلة المهاجرين السودان ن استمرت لنحو 12 ساعة .. كان القارب الحد دي البدائي حمل على متنه 61 مھاجرا، ب نھم امرأتان ورض عان .. تمكن منهم الإعياء وبدأت الم اه تغمر القارب ووقع تكليف عدد منهم بإفراغها بكل الوسائل المتاحة.
استمرت المطاردة في عرض البحر لمسافة طويلة، وتمكن طاقما الزورقين السريعين للحرس من السيطرة على هؤلاء المهاجرين بعد مفاوضات عسيرة، بعد رشقهم بحجارة كان يحملها المجتازون معهم، وتهديدات بإلقاء الرضيعين في البحر في صورة الاقتراب منهم ومنعهم من مواصلة الرحلة.

يحتل السودانيون المرتبة الأولى بنسب تفوق الـ 65 بالمائة من بين الجنسيات العربية الممتطية لقوارب "الموت" انطلاقا من سواحل صفاقس ..
وبشأن الأفارقة من جنوب الصحراء، يحتل المجتازون الغينيون المرتبة الأولى بنسبة 18 بالمائة، يليهم الغمبيون فالماليون والبوركينيون ثم الإيفواريون، وفق معطيات استقاها فريق (وات) الصحفي من مصادر مطلعة رفضت الكشف عن هويتها.
بحرف ة لافتة وقدرة فائقة على التعامل مع الوضع، تمكنت فرق الحرس البحري من الس طرة على القارب وإنقاذ الرض ع ن، قبل بق ة طاقم القارب الحديدي.
يعلق الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني على الحادثة بقوله "أفراد الحرس الوطني البحري التونسي يتميزون بالكفاءة والحرفية والتكوين الاستثنائي".

//المخيمات .. الوضع الصادم !
كانت خيبة الأمل والحسرة باد ة على الأعين والإعياء ماثلا على الوجوه الشاحبة لهؤلاء المهاجرين .. لقد أبحروا لأكثر من 12 ساعة وتمكنوا من التوغل بنحو 60 كلم في عرض البحر في اتجاه "لمبادوزا" الإيطالية انطلاقا من شواطئ العوابد.
في قرية "الحمايزية" القريبة من شاطئ العوابد، التي يقطنها نحو 700 ساكن، تزحف المخيمات المحيطة بالقرية يوما بعد يوم نحو الشواطئ، تاركة وراءها خرابا في غابات الزيتون والمحاصيل الفلاحية ورعبا لدى أصحاب الأرض.
حمل أحد أصحاب هذه الأراضي في يده غصن زيتون مزهر وقع كسره، موجها حديثه لفريق (وات) قائلا " أين السلط المعنية ؟ أرضنا يتم احتلالها ولم نعد قادرين حتى على الوصول إليها والتجوال فيها ".

يقول الناشط بالمجتمع المدني في معتمدية العامرة محمد بن فرح، في تصريحات لـ(وات)، " نحن نبحث عن حلول بكل السبل حتى تعود العامرة وجبنيانة لأهلها ..".
يتابع في هذا الشأن قوله " بعض الإخوة من جنوب الصحراء متعاونون، ولكن البقية لا يكترثون ولا يأبهون بما يمكن أن يتسببون فيه من أوضاع مزرية .. فلا هم لهم سوى التحضير لحرقة (هجرة سرية) نحو سواحل إيطاليا"..
وفق إحصائيات المفوض ة السام ة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئ ن، ھناك أكثر من 9 آلاف لاجئ وطالب لجوء من المسجل ن حال اً لدى مكتب المفوض ة في تونس ينحدرون من جنوب الصحراء والقرن الإفر قي وبعض دول الشرق الاوسط.
و صل أغلبهم إلى تونس براً أو جواً من البلدان المجاورة.
وفي المقابل، يقول الخبير في الدراسات الاستراتيجية والأمن الشامل نور الدين النيفر، لـ (وات)، " على أرض الواقع، يتجمهر الآلاف من أفارقة جنوب الصحراء أغلبيتهم الساحقة من المهاجرين غير النظاميين من المطلوبين للعدالة في بلدانهم ومن الفارين ومن دول في غير وضعية حرب، على غرار غينيا وكوت ديفوار".
ويرابط آلاف المهاجرين غير النظاميين بـ"العامرة" و"جبنيانة" على أهبة الاستعداد لاقتناص اللحظة للمرور إلى الضفة الأخرى للبحر المتوسط، إلى أوروبا، أرض أحلامهم.
عاين فريق (وات) تأقلم البعض منهم مع البيئة المحيطة، فمنهم من اتخذ له عملا وتعاونا مع بعض "المتمعشين" من وجودهم، إذ تكلف الرحلة القصيرة عبر دراجة نارية عشرين دينارا وأحيانا أكثر من ذلك، في حين يجني البعض الآخر آلاف الدينارات عبر توفير الحديد والمحركات المعدة لصناعة القوارب الحديدية .. أما المواد الغذائية فتباع في مخيمات المهاجرين بأضعاف أضعاف أثمانها.
وفي هذا السياق، قال نور الدين النيفر "إن عددا من طلائع أفارقة جنوب الصحراء اكتسبوا دهاء كبيرا وأصبحوا يتعاملون مباشرة مع المنظمات الإنسانية، في مخططات إجرامية ترمي إلى تنظيم عمليات تهريب المهاجرين انطلاقا من بلدانهم، وتوفير كلفة عمليات الهجرة غير النظامية التي تنطلق من صفاقس".
" لم تزرنا أية جمع ة ولم نلق أي دعم، نحن نسمع عنھا دون فعل في الواقع"، ذلك ما أكده المهاجر "حاجي" السيراليوني لـ (وات).
مساء الأحد 12 ماي الحالي، ھاتف "حاجي" أحد سكان "العامرة" الناشط بالمجتمع المدني المحلي، داع ا إ اه للمساعدة والتدخل من أجل توف ر س ارة إسعاف لإحدى النساء بالمخيم بعد أن داهمها مخاض الولادة.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 287547


babnet
*.*.*