المدير العام للمعهد الوطني للتراث في حوار مع "وات" : من المشاريع الكبرى إعادة بناء المتحف الوطني بقرطاج طبقا لمواصفات عالمية

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/6633b361a60ac0.63289692_kpgihljomeqnf.jpg width=100 align=left border=0>


(وات/الأسعد محمودي) - يعمل المعهد الوطني للتراث حاليا على إنجاز ثلاثة مشاريع كبرى هي المتحف الوطني بقرطاج، وجامع عقبة بن نافع بالقيروان، وجامع الزيتونة المعمور بمدينة تونس.

في لقاء مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء، بمناسبة الاحتفالات بشهر التراث (18 أفريل - 18 ماي)، تحدّث المدير العام للمعهد الوطني للتراث طارق البكوش عن رؤيته لإصلاح قطاع التراث وتثمينه، وعن المشاريع الجديدة الكبرى للمعهد، والتي منها أيضا مشروع شراكة مع المركز الوطني لرسم الخرائط والاستشعار عن بعد التابع لوزارة الدفاع الوطني، يهدف جرد جميع المواقع الأثرية في البلاد واستخدام تكنولوجيا عالية الجودة والدقة (scan réel) لتصوير المواقع والمعالم الأثرية.





يقول طارق البكوش، في مستهلّ حديثه، إن مشروع المتحف الوطني بقرطاج مموّل من اللجنة الأوروبية بقيمة 18 مليون يورو. ويتمثل هذا المشروع في إعادة بناء متحف قرطاج بالكامل وتهيئة محيطه، على أن يكون جاهزا بمواصفات متحفية عالمية لاستقبال زواره في شهر ديسمبر من سنة 2027.
وأفاد أن هذا المشروع الذي كان من المفترض أن تبدأ أشغاله سنة 2018، قد تعثّرت انطلاقته نتيجة عدة عوامل أبرزها جائحة كورونا.

جرد القطع الأثرية ورقمنتها

وبيّن المدير العام للمعهد الوطني للتراث أن مشروع هدم متحف قرطاج وإعادة بنائه سيكون فرصة لإعادة جرد القطع الأثرية ونقلها وصيانتها، ورقمنتها، مشيرا إلى أن عملية رقمنة الأرشيف ستكون جاهزة ومتاحة للعموم مع موفى سنة 2025.

ويُناهز عدد القطع الأثرية التي سيتم جردها ونقلها وأرشفتها حوالي 100 ألف قطعة، لذلك يعمل المعهد الوطني للتراث على أن تكون سنة 2024 سقفا زمنيا لإخراج القطع الأثرية من المتحف، سيما وقد تم إقرار 2024 سنة الجرد .

وبخصوص انطلاق الأشغال، أفاد أن اللجان العلمية ولجنة تنفيذ الأشغال جاهزة للعمل، بعد أن تمّ الاختيار على مكتب دراسات ألماني لإنجاز المشروع.

// نحو إعادة تهيئة سور القيروان

أما المشروع الثاني الذي يشتغل عليه المعهد الوطني للتراث، فهو إعادة تهيئة جامع عقبة بن نافع بالقيروان، وهذا المشروع الضخم مموّل من المملكة العربية السعودية بقيمة ناهزت 15 مليون دولار، وفق طارق البكوش.

ويتمثل المشروع الثالث في صيانة جامع الزيتونة المعمور المموّل أيضا من المملكة العربية السعودية بقيمة 7 ملايين دولار.

وفي سؤال لـ "وات" عن نتائج التحقيق المتعلّق بسقوط جزء من سور مدينة القيروان، والذي أسفر عن وفاة ثلاثة أشخاص، قال طارق البكوش إن أحداث قضية انهيار جزء من السور هي قضية مازالت أمام أنظار القضاء. وكشف أن المهندس التابع للمعهد الوطني للتراث والمشرف على سور القيروان قد تمّت تبرئته مؤخرا من قبل العدالة.

وبيّن أن من أبرز العوامل الرئيسية التي أدت إلى انهيار السور بتلك الطريقة، في شهر ديسمبر من العام المنقضي، هو تسرّب المياه من شبكة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه في المدينة العتيقة بالقيروان. ولاحظ أن هذا السور قد أصبح "هرِما"، وحتى الترميمات التي طالته سابقا كانت جزئية وعلى المدى القصير. وقال إن التفكير يجري حاليا في إمكانية إعادة تهيئة وترميم السور من جديد بنفس المقاييس والمواصفات العالمية حتى لا تتكرّر مثل هذه الحوادث مستقبلا، وحتى يحافظ السور على رونقه الجمالي ومكانته الحضارية والتاريخية. وأشار في هذا السياق إلى وجود اتصالات مع الجانب السعودي أيضا للتباحث في إمكانية التكفل بتمويل أشغال سور القيروان البالغ طوله حوالي 4 كيلومترات.

// 4500 موقع أثري

وتحوز البلاد التونسية على 4500 موقع أثري دون احتساب المواقع الأخرى المغمورة التي يتمّ اكتشافها من حين إلى آخر. وأفاد طارق البكوش، في هذا السياق، أن المعهد الوطني للتراث سيبرم اتفاقية تعاون وشراكة مع المركز الوطني لرسم الخرائط والاستشعار عن بعد، وذلك بهدف جرد جميع المواقع الأثرية في تونس وإدراجها في الخريطة، وهو ما سيمكن من تقريبها للراغبين في الاستثمار في القطاع الثقافي وتشجيع السياحة الثقافية.

كما تحدث عن مشروع ثان مع المركز لاستخدام تكنولوجيا عالية الجودة والدقة تعرف بتقنية "المسح الواقعي" والتي ستمكّن من تصوير المواقع والمعالم الأثرية، الأمر الذي سيساعد على إعادة بناء هذه المواقع كما كانت عليه في السابق إذا ما تعرّضت للانهيار، مضيفا أن الاستهلال في هذا المشروع بهذه التقنية (scan réel) سيكون على المواقع والمعالم المصنفة على لائحة التراث العالمي لليونسكو.


// ميزانية صيانة التراث لا تتجاوز 3 ملايين دينار

وبخصوص الميزانية المرصودة لنفقات وبرنامج التراث لسنة 2024 والتي تناهز 78 مليون دينار، لاحظ المدير العام للمعهد الوطني للتراث أن هذا المبلغ المرصود يضمّ 40 مليون دينار كتلة أجور، أما المبلغ المرصود للصيانة فهو في حدود 3 ملايين دينار. وأكد أن المحافظة على التراث هي مسؤولية جسيمة وهو مشروع وطني متكامل وليس من مهام المعهد وحده، داعيا إلى تضافر الجهود بين المعهد الوطني للتراث والسلطات المحلية والجهوية والوزارات من أجل صون التراث والمحافظة عليه في مختلف مناطق الجمهورية.

وأكد على القيمة التاريخية والحضارية للتراث التونسي الذي لا يقدّر بثمن، موضّحا أن التراث الوطني محلّ إعجاب واهتمام من العالم حيث استقطبت 15 قطعة أثرية من العهد البيزنطي 400 ألف زائر في ظرف 3 أشهر فقط، دون احتساب الزوار الافتراضيين، خلال مشاركة المعهد الوطني للتراث بهذه القطع بمتحف "لمتروبوليتان" في نيويورك.

وتطرّق إلى أهمية السياحة الثقافية في استقطاب السياح من أصقاع العالم على مدار السنة، بما أن تونس بلد استراتيجي يزخر بموروث ثقافي وحضاري ثري ومتنوع يبقى تثمينه والترويج له، رهين توفر الإمكانيات.

// صون التراث مسؤولية مشتركة

يعتقد طارق البكوش أن المواطن التونسي "غير واع بما يكفي" بأهمية صون التراث والمحافظة عليه، ويرى أن الجهود لابدّ أن تتضافر مع السلطات البلدية والمواطنين، قائلا "إذ من غير المقبول اليوم أن تسند السلطات البلدية رخصا للبناء في مناطق أثرية أو رخصا لحفر مسابح في مناطق مصنفة أثرية رغم إشعار المعهد الوطني للتراث ودعوته لاحترام القانون وتطبيقه.

وأفاد أن المعهد الوطني للتراث تدخّل في عديد المناسبات لترميم عدد من المعالم التاريخية في مدينة تونس العتيقة، على غرار معلم الخلدونية الذي زاره رئيس الجمهورية قيس سعيد موفى شهر فيفري الماضي وعدد من المعالم الأخرى، مؤكدا أن الأشغال الجارية حاليا بالخلدونية من المنتظر أن تستكمل في شهر أوت القادم.
وفسر أسباب إعادة ترميم هذا الفضاء من جديد موضحا أن هذا المعلم مجاور لبنايات قديمة على ملك الخواص، وهي بنايات مهملة ومغلقة وتعاني شدة الرطوبة مما انعكس سلبا على معلم الخلدونية. وبيّن في هذا السياق أن مصالح البلدية والمعهد الوطني للتراث أشعرت صاحب البناية بذلك لكنه لم يتفاعل إيجابيا ممّا أضرّ بالخلدونية، مشيرا إلى أن القانون لا يسمح للمعهد بالتدخّل على مستوى البناية المجاورة بما أنها ملك خاص.

وفي ختام حديثه مع "وات"، أكد طارق البكوش على ضرورة الوعي بأهمية حفظ التراث وصيانته، داعيا المواطنين إلى مزيد الانخراط من أجل المساهمة في حمايته والمحافظة عليه حتى تستفيد منه الأجيال القادمة. كما أكّد على وجوب ألّا يكتفي الخواص بالاستثمار في دور الضيافة والمطاعم السياحية في المدن العتيقة، مضيفا: "نحن نشجّع أيضا على إحداث مراكز ثقافية ومتاحف صغرى بما يُساهم في تثمين التراث والتعريف به".


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 286868


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female