الهيئات الدستورية: عندما تعصف ''الحسابات'' و''التجاذبات'' باستحقاقات بناء مؤسسات الجمهورية الثانية

<img src=http://www.babnet.net/images/9/kais720.jpg width=100 align=left border=0>


باب نات - يشهد مسار تركيز معظم الهيئات الدستورية، التي نص على إحداثها دستور 27 جانفي 2014، تباطؤا كبيرا، أرجعه خبراء في القانون العام ومختصون في الشأن السياسي أساسا، إلى ما يعرفه المشهد الوطني من تجاذبات، تستبطن، وبأشكال مختلفة، سعي قوى نافذة سياسيا ومدنيا، إلى حيازة أكبر تمثيل ممكن لها صلب هذه الهيئات.
وبالتوازي مع التباطؤ الذي سجله هذا المسار، يعرف عمل "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات"، أهم منجز مؤسساتي بعد الثورة وبعد صياغة الدستور، بعض التعطيل والتعثر، جراء تأخر المصادقة على مشروع قانون الانتخابات البلدية، بسبب الجدل والخلافات حول مشاركة الأمنيين والعسكريين في هذا الاستحقاق الانتخابي من عدمها، وأيضا، وفق عديد المحللين والمتابعين، بسبب "حسابات سياسوية" و"استراتيجيات تموقع" تقف وراءها بعض الأحزاب.


وفي هذا السياق، قال أستاذ القانون الدستوري، قيس سعيد، في تصريحات لوكالة تونس افريقيا للأنباء (وات)، "إن كل الأطراف السياسية تحاول أن تجد لها موقعا ضمن الهيئات الدستورية، وأن تؤثر في قراراتها"، مبرزا أهمية هذه الهيئات المضمنة في الباب السادس من دستور الجمهورية الثانية في دعم الديمقراطية بالبلاد، وهي "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات" (الفصل 126) و"الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري" (الفصل 127) و"هيئة حقوق الإنسان" (الفصل 128) و"هيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة" (الفصل 129) و"هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد" (الفصل 130).





المجلس الأعلى للقضاء
أما "المجلس الأعلى للسلطة القضائية"، الذي أقر إحداثه دستور الجمهورية الثانية في بابه الخامس المتعلق بالسلطة القضائية (الفصول من 112 إلى 117)، وهو أيضا هيئة دستورية هامة، فإن مسار تركيزه، وإن سجل تقدما حاسما، فإنه يعرف بدوره بعض التعثر، بالنظر إلى أن القانون المنظم له ينص على وجوب انعقاد أولى جلساته بعد شهر من تاريخ إعلان النتائج النهائية لانتخاب أعضائه، الصادرة في 14 نوفمبر 2016، وهو أجل تم تجاوزه.
ويضم هذا المجلس أربعة هياكل تشمل مجلس القضاء العدلي، ومجلس القضاء الإداري، ومجلس القضاء المالي، والجلسة العامة للمجالس القضائية الثلاثة، إلى جانب تضمين الدستور إحداث محكمة دستورية (الفصول من 118 إلى 124) توكل إليها مهمة مراقبة دستورية مشاريع القوانين.
ويُرجع الأستاذ قيس سعيد أسباب تأخر انعقاد المجلس الأعلى للقضاء، إلى ما وصفه بـ "الصراع الدائر بين السلطة السياسية والقضاة، وبين القضاة أنفسهم"، مضيفا في هذا الصدد، أن "السلطة القضائية، التي يفترض أن تكون مستقلة، مازالت تتجاذبها رياح السياسة والسياسيين"، على حد تعبيره، وهي وضعية تنطبق أيضا، حسب المتحدث، على مسار تركيز المحكمة الدستورية.

ممثلو جمعية القضاة التونسيين، التي تواصل خلال النصف الثاني من شهر ديسمبر تنفيذ جملة من التحركات الاحتجاجية، يفسرون تعطل تركيز المجلس بـ"تخلف رئيس الحكومة في الإمضاء بالمطابقة على التسميات التي قدمتها الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي"، وهو ما اعتبرته رئيسة الجمعية، روضة القرافي "انحرافا خطيرا في مسار تركيز المجلس".
ووفق ما ذكرته القرافي في تصريح سابق لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، فإن المجلس لم ينعقد بسبب تأخر إمضاء الأوامر المتعلقة بسبعة أعضاء من المعينين بالصفة في تركيبة المجلس الأعلى للقضاء، يتم تسميتهم بالرأي المطابق، ويشغلون الخطط السامية بالمؤسسات القضائية، وهم الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، ووكيل الدولة لدى محكمة التعقيب، والمتفقد العام بوزارة العدل، ووكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية، ورئيس المحكمة العقارية، والرئيس الأول للمحكمة الإدارية، ورئيس دائرة المحاسبات.
ومن بين هذه التسميات التي قدمتها الهيئة الوقتية للقضاء العدلي، اقتراح القاضية فوزية بن علية (الرئيسة الأولى لمحكمة الاستئناف بالكاف) لشغل خطة الرئيس الأول لمحكمة التعقيب.
فيما لم يستبعد عضو المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين، حمدي مراد، التوجه إلى القضاء الإداري للبت في هذه المسألة.


هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد
عهدت إلى الهيئة الوطنية (الوقتية) لمكافحة الفساد، التي يرأسها حاليا العميد، شوقي الطبيب، مهمة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد المصادق عليها يوم 9 ديسمبر الجاري، تزامنا مع اليوم العالمي لمكافحة الفساد، في انتظار تركيز "هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد" تفعيلا لما ورد في الفصل 130 من الدستور، الذي ينص على أن "هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد تسهم في سياسات الحوكمة الرشيدة ومنع الفساد ومكافحته ومتابعة تنفيذها ونشر ثقافتها، وتعزّز مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة".
وقد فسر الأستاذ قيس سعيد بطء إحداث هذه الهيئة بالقول "إنه تم التراجع عن مشروع القانون الإطاري العام المعد منذ أشهر"، مضيفا أن "النية قد تتجه نحو إعادة صياغة مشروع قانون جديد لجميع الهيئات الدستورية، مما سيتطلب بعض الوقت لإحداثها".
وفي المقابل، يرى عميد المحامين التونسيين، عامر المحرزي أنه "ينبغي توفر إرادة سياسية حقيقة لتركيز هذه الهيئة"، لافتا إلى أن الحلول مضمنة بالدستور وبالنصوص القانونية، "وما على الحكومة إلا تفعيلها، حتى لا تتقاعس في مكافحة الفساد"، الذي يعد من الأولويات المعلنة في برنامج حكومة الوحدة الوطنية.
وقد أجمع مختلف رؤساء وقادة الاحزاب السياسية الموقعة على وثيقة قرطاج في سلسلة من الأحاديث السابقة لوكالة تونس افريقيا للأنباء، على أن حرب الحكومة على الفساد، لم تبدأ بعد.

وفي هذا الصدد، اعتبر عصام الشابي، القيادي والناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري، أن فتح حكومة الشاهد هذا الملف بصورة جدية، يقتضي انتهاج سياسة تقوم على الشفافية، والكشف عن كافة الحقائق بشأن بارونات وحيتان ورؤوس الفساد، سواء منها الموجودة في أجهزة الدولة، أو صلب الأحزاب السياسية، أو تلك الناشطة خارج الدوائر الرسمية، وتقديمها إلى القضاء.

وقال رئيس حزب المبادرة الوطنية الدستورية، كمال مرجان، إن حرب حكومة يوسف الشاهد على ما أسماه بـ"أخطبوط الفساد"، ينبغي أن "تكون قوية وشاملة، ولا تستثني أية فئة أو جهة أو قطاع "، مشيرا إلى ضرورة فتح كل الملفات، وحسن توظيف آليات مكافحة الفساد، وعلى رأسها القضاء والهيئات المتخصصة، إلى جانب دعم انخراط مكونات المجتمع المدني والمواطن نفسه في عملية متابعة الفساد وكشف التجاوزات.

الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نجحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات
وهي هيئة عمومية دائمة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي، في تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية في 23 أكتوبر 2014، كما حصدت هذه الهيئة جوائز وطنية ودولية، لعل أهمها جائزة "جو باكستر" لسنة 2016 من قبل المؤسسة الدولية للنظم الانتخابية، خلال سهرة الانتخابات الرئاسية الامريكية في 8 نوفمبر الفارط.

وقد اعتبر نبيل بفون، عضو الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات، في تصريح ل"وات" أن "الهيئة، ولئن لم تشهد تعطيلا كبيرا في عملية تركيزها كسائر الهيئات الدستورية الأخرى، فإن تعطيل مسار عملها، هو الذي يعد المشكل الأكبر لهذه الهيئة"، مؤكدا على أن تأخير الإنتخابات البلدية "لن يكون عمليا للتونسيين، وسيؤثر في نسبة مشاركتهم مستقبلا في إنتخابات 2019 وذكر بفون بتصريح سابق لرئيس هيئة الإنتخابات، شفيق صرصار، قال فيه "إن عدم إجراء الإنتخابات في 2017، يعد كارثة"، مشيرا إلى أن الهيئة تجندت منذ الإنتهاء من الإنتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2014، "تحسبا لهذا الموعد الإنتخابي، وتخوفا من الآجال التي سيتم وضعها بعد مشروع تنقيح قانون الإنتخابات والإستفتاء، خاصة وأن العملية صعبة ومعقدة لكثرة الدوائر البلدية (350) والقائمات التي ستفوق 6 آلاف قائمة".
كما بين أن التأخير في موعد الإنتخابات البلدية، التي كانت متوقعا في البداية، تنظيمها أواخر 2015، ثم أواخر 2016، إلى عام 2017، جعل الهيئة تثير مسألة التجاذبات السياسية، رغم حرصها على أن تبقى هيئة محايدة ومستقلة.
وبخصوص مشاركة الأمنيين والعسكريين في الإنتخابات، وما تطرحه هذه المسألة من إشكاليات، قال نبيل بفون، "إن رئيس الهيئة قدّم خلال جلسة بمجلس نواب الشعب موقفا واضحا، تمثل في إعتبار المسألة تشريعية سياسية، ويمكن للبرلمان الحسم فيها، شرط مراجعة الهيئة".
وبين في هذا الشأن أن "إعلام هيئة الإنتخابات بهذا الإجراء، سببه أن قبول مشاركة الأمنيين والعسكريين في الإنتخابات يتطلب النظر في بعض التفاصيل، على غرار إمكانية قيام الأمنيين والعسكريين بالإنتخاب، قبل يومين من الموعد المحدد، ليتمكنوا من التفرغ لتأمين الإنتخابات، من جهة، والبت في مشاكل العناوين، من جهة أخرى".
وأكد بفون أن الهيئة تفضل تزامن إجراء الإنتخابات المحلية والجهوية، لإعتبارات لوجستية وتنظيمية، ملاجظا أن الخوض إعلاميا في الإنتخابات الجهوية، ما زال مغيبا، رغم أهمية المسألة.


باقي الهيئات الدستورية... غياب الارادة السياسية الفعلية
وفي ما يتعلق ببقية الهيئات الدستورية، بين الأستاذ قيس سعيد أن تعطل مسار تركيزها، "قد يعود إلى تأخر إعداد النصوص القانونية الخاصة بها صلب وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان"، مبينا أن القضية الرئيسية تبقى دائما في الأهداف التي يمكن أن تحققها هذه الهيئات.
ويرى أن الإرادة السياسية التي تم التعبير عنها على مستوى الخطاب السياسي في أكثر من مناسبة، "لا تتبعها إرادة سياسية حقيقية على مستوى التفعيل".
ولاحظ أن "هناك أطرافا فاعلة في المشهد السياسي (لم يسمها) تسعى لأن تكون لها تمثيلية قوية في هذه الهيئات"، مما سيؤثر، وفق تقديره، على استقلاليتها، لكنه شدد في المقابل، على أن أعضاء هذه الهيئات الدستورية "بإمكانهم فرض هذه الاستقلالية التي ارتكزت عليها الهيئات".

هيئة الحقيقة والكرامة
هذه الهيئة، التي لا تعد من الهيئات الدستورية الدائمة، والمحدثة بمقتضى أحكام القانون الأساسي عدد 53 لسنة 2013 المتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها، تقدمت إلى حد اليوم في إنجاز المهام الموكولة إليها، لاسيما على صعيدي جمع وتبويب ملفات ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وإطلاق جلسات الاستماع العلنية للضحايا، إلا أن مسار عمل الهيئة رافقه ولا يزال كثير من الجدل، على خلفية تركيبتها ومنهجية عملها.

جدل بعنوان مؤاخذات "إجرائية وقانونية" متصلة أساسا بعدم اكتمال تركيبة الهيئة، وأيضا لأسباب سياسية، عنوانها الأبرز، مؤاخذات بعض الأطراف السياسية على أداء رئيسة الهيئة، سهام بن سدرين.
ففي ما يتعلق بسد الشغورات الحاصلة بهيئة الحقيقة والكرامة، يعتقد الأستاذ قيس سعيد، أن هذه الهيئة "جاءت تركيبتها بناءً على التوازنات التي أحدثتها انتخابات 23 أكتوبر 2011".
ويضيف قوله إن "تغير التوازنات في المشهد السياسي بعد الانتخابات التشريعية سنة 2014، عطل سد الشغورات الحاصلة بها"، مما "يبرر" وفق قوله "محاولة التأثير على أعمالها".
ورغم توفق الهيئة في تنظيم جلسات استماع علنية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي وقعت بين 1955 و2013، وهو ما يدخل في إطار التعويض عن سنوات التعتيم وكشف حقيقة الانتهاكات، بعيدا عن التشهير أو تصفية حسابات شخصية أو ذاتية أو حزبية، وفق ما أكده عضو الهيئة، خالد الكريشي ل"وات"، بمناسبة أولى الجلسات المنعقدة في 17 نوفمبر 2016، فإن سير عمل الهيئة مازال يلاقي اعتراض عديد المتابعين للشأن السياسي، وحتى الفاعلين فيه، وهو ما قد يفسر غياب الرؤساء الثلاثة عن هذه الجلسات.


Comments


4 de 4 commentaires pour l'article 135927

Mourad Jemni  (Tunisia)  |Lundi 26 Decembre 2016 à 03:28           
بانت الاطراف السياسية التي تكفر بالثورة و هي تنتظر استكمال بقية جلسات الاستماع لهيئة الحقيقة و الكرامة و من ثم وضع اليد على ما تبقى من الهيئات و لكن هيهات الشعب فائق و على الحساب خذ قضية الشهيد محمد الزواري التي كشفت الكثير من الحسابات المغشوشة

Mandhouj  (France)  |Dimanche 25 Decembre 2016 à 19:34           
رغم سواد المرحلة و عدم إستكمال المسارات الثورية و على رأسها الدستورية ، الثورة التونسية لها تتويجات عدة ، منها انخراط الكثير من أبناء الشعب و الكثير من احزابه و منظماته الاجتماعية في الحفاظ على وحدته ضد ارادات تقسيم المجتمع سواء كانت من جهة الثورة المضادة أو جهة الارهاب ... و هناك التتويج الأول للثورة ، وهو هروب بن علي و زوجته السارقة ، و هم لا يزالان مطلوبين من طرف القضاء ... فهو فعلا هروب باهي جدا ...


بن علي هرب ستبقى في الذاكرة التونسية دون نسيان ..

بن علي هرب .

Mandhouj  (France)  |Dimanche 25 Decembre 2016 à 17:41           
تصحيح و عفوا (يمكن حذف التعليق الأول) .


دون إستكمال مسارات الثورة، الدستوري منها ، الانتخابي -إنتخابات المحليات و تركيز اللامركزية- ، كما مسار العدالة الانتقالية/المصالحة الاقتصادية المالية و الوطبية، ستبقى الدولة في حالة من الشلل المؤسساتي و في كل مصالحها و قطاعاتها عبر غياب الإصلاحات العميقة التي دونها سيبقى الفساد يتفبرك و يتقنن ليمتزج أكثر فاكثر مع كل ما هو طبيعي و منظم . كما دون ذلك الاستكمال للمسارات ستبقى مكينة فبركة الضعف العام للدولة و للمجتمع تشتغل بكل الأرياحية ...

نتمنى أن يستفيق التونسي ، المواطن و المسؤول ...

لماذا لم تستكمل المسارات ؟

هناك عدة عوامل ، منها أن الثورة المضادة قوية جدا و استطاعت أن تدخل عملية كسر عظم الثورة في مساراتها ، و طريق تحقيق اهدافها . فترعرعت عدة قوى مساندة من النمط المعولم الداخلي و الخارجي ، و تكفلت بذلك .. حتى أصبح لما نتكلم عن أهداف الثورة خروج عن المعقول . ثم الاعلام الوطني المرئي و المسموع، تجند لحماية مصالح النظام البائد ، في دولته العميقة و اللوبيات التي تحمي مصالح القوى التجمعية السارق منها و الخائن للوطن . هناك أسباب أخرى تدخلت ، على
رأسها عدم وضوح الرؤية و الأجندة للذين حملوا الثورة حتى هروب بن علي .. ثم ضعف الأحزاب التي ساندت الثورة و إزداد ذلك الضعف في توظيف الخلافات الاديلوجية لقسم ظهر بعضها و حتى تحالفها مع قوى الثورة المضادة و أزلام النظام البائد . ثم أن عقيدة المواطن في أغلب الأحيان كانت عقيدة إستهلاكية ، و دخلت على الخط الأموال السياسية لتفسد الانتقال الديمقراطي ... كذلك الذي ساهم في فبركة الضعف العام للمجتمع و الدولة هو عدم إستطاعة حكومات ما بعد الثورة (حكومات ما بعد
إنتخابات 23 أكتوبر) في صناعة التعويل على الذات و إستمر خط المديونية ينخر ليس فقط استقلالية القرار الوطني بل حتى مسارات الثورة ... تعقد الحالة الدولية و خاصة في العالم العربي كان له تأثير كبير أيضا ... يمكن تعداد عدة أسباب أخرى ... لكن الكلام يطول .

هل إستكمال المسارات أصبح منامة عتارس ؟
لا أعتقد ، و أملي كبير ، في أن يجد التونسي طريق إستكمال المسارات ، و القيام بالاصلاحات الضرورية ، و في بناء دولته الجديدة ، المدنية ، الديمقراطية ، القوية؛ لتحمي ابنائها و ثرواتها و سيادتها الترابية و في القرار ..

Mandhouj  (France)  |Dimanche 25 Decembre 2016 à 17:16           
دون إستكمال مسارات الثورة، الدستوري منها ، الانتخابي -إنتخابات المحليات و تركيز اللامركزية- ، كما مسار العدالة الانتقالية/المصالحة الاقتصادية المالية و الوطبية، ستبقى الدولة في حالة من الشلل المؤسساتي و في كل مصالحها و قطاعاتها اعبر غياب الإصلاحات العميقة التي دونها سيبقى الفساد يتفبرك و يتقنن ليمتزج أكفر فاكثر مع كل ما هو طبيعي و منظم ؛ كما دون ذلك الاستكمال للمسارات ستبقى مكينة فبركة الضعف العام للدولة و للمجتمع تشتغل بكل الأرياحية ...

نتمنى أن يستفيق التونسي ، المواطن و المسؤول ...

لماذا لم تستكمل المسارات ؟

هناك عدة عوامل ، منها أن الثورة المضادة قوية جدا و استطاعت أن تدخل عملية كسر عظم الثورة في مساراتها ، و طريق تحقيق اهدافها . فترعرعت عدة قوى مساندة من النمط المعولم الداخلي و الخارجي ، و تكفلت بذلك .. حتى أصبح لم نتكلم عن أهداف الثورة خروج عن المعقول . ثم الاعلام الوطني المرئي و المسموع، تجند لحماية مصالح النظام البائد ، في دولته العميقة و اللوبيات التي تحمي مصالح القوى التجمعية السارق منها و الخائن للوطن . هناك أسباب أخرى تحيرت ، على
رأسها عدم وضوح الرؤية و الأجندة للذين حملوا الثورة حتى هروب بن علي .. ثم ضعف الأحزاب التي ساندت الثورة و إزدياد ذلك الضعف في توظيف الخلافات الاديلوجية القسم ظهر بعضها و حتى تحالفها مع قوى الثورة المضادة و ازلام النظام البائد . ثم أن عقيدة المواطن في أغلب الأحيان كانت عقيدة إستهلاكية ، و دخلت على الخط الأموال السياسية لتفسد الانتقال الديمقراطي ... كذلك الذي ساهم في فبركة الضعف العام للمجتمع و الدولة هو عدم إستطاعة حكومات ما بعد الثورة (حكومات
ما بعد إنتخابات 23 أكتوبر ) في صناعة التعويل على الذات و إستمر خط المديونية ينخر ليس فقط استقلالية القرار الوطني بل حتى مسارات الثورة ... تعقد الحالة الدولية وخاصة في العالم العربي كان له تأثير كبير أيضا ... يمكن تعداد عدة أسباب أخرى ... لكن الكلام يطول .

هل إستكمال المسارات أصبح منامة عتارس ؟
لا أعتقد ، و أملي كبير ، في أن يجد التونسي طريق إستكمال المسارات ، و القيام بالاصلاحات الضرورية ، و في بناء دولته الجديدة ، المدنية ، الديمقراطية ، القوية؛ لتحمي ابنائها و ثرواتها و سيادتها الترابية و في القرار ..


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female