كَلامُنا لَفْظٌ مُفِيدٌ كاسْتَقِمْ ... ... اسْم وفِعْل ثُمَّ حَرْفٌ الكَلِمْ.
(ألفية ابن مالك)
نحن نعيش فترة بداية الفتن و الفساد و لا غرابة في أن نستمع أو نقرأ تدخّلات من أطراف مناشدين للإسلام من ألفاظ شوارع الزّندقة و الفساد. هم متجهّلة ضعاف الشّخصيّة و ثقافتهم سطحيّة يختفون وراء الدّين للقيام بما تشتهي به أنفسهم. هم بلا مبادئ يتستّرون بمظاهر البراءة و يغيّرون مواقفهم حسب المواقع كالحرباء. هم لا يواجهون النّاس أحياء بكامل وعيهم و لكن يعتدوا عليهم أمواتا باستعمال المخدّرات كنفس الشّيطان و غيرها، هم يسترزقون منها و من الأموات و سرقة
المنازل في غياب ساكنيها، هم الإرهاب الحقيقي، هم من يزرعون السّم و يتّهمون ضحاياه، هم جبناء قادرين على القيام بأبشع الجرائم كقتل النّفس البريئة الّتي حرّم الله قتلها. هم من باعوا وطنهم و دينهم بشغفهم للمادّة منهم ممّن وقع استعمالهم من مناشدين لنظام الإستبداد و منهم ممّن أصبحوا عملاء لخصوم و أعداء و معظمهم منافقين مختفين وراء أحزاب دينيّة. بإمكان الدّولة إنشاء شبكات ذبذبية مبطّنة بثلاث طبقات مختلفة تخرق برامج التّيه و الإستتار و تنسج الزّمن مع
المكان لمعاينتهم و القضاء عليهم، هذا لو اعتمدت على الدّكاترة الباحثين من العلماء المتّقين......علينا أن لا نخشى البشر و أن نتّحد ضدّ كلّ ظواهر الفساد و أن لن نتراجع عن محاربتهم و وضعهم في المكان الّذي يستحقّونه و هذا لآخر رمق من حياتنا. إنّ الصمت و عدم الوقوف ضدّهم خوفا من بطشهم لهو دليل من عدم إيمانكم بقدرة الله و بطشه الشّديد. هناك من قال لي أراك باحثا وحيدا لك العديد من الشّهادات العليا تأخذ العلم كلّ يوم و لا عمل لك فيه يحسن أحوالك و يستجيب
لرغباتك و لا يمكن لك أن تواجه الفاسدين جاوبته إنّ الله مع المتّقين الصّابرين و أخذ العلم على قاعدة واجب من المهد إلى اللّحد و أعتبره الجهاد الأكبر في سبيل الله فلا تبجّح و افتخار بكسبه و ما أوتينا من العلم إلاّ قليلا. ردّ عليّ ضاحكا إنّك نكرة عند النّاس و لا مال و لا جاه و لا نفر. جاوبته لي سجلّ مرقوم عند الله يكفيني و لم أكفر بنعمه و ما خلقت إلاّ لأعبده و كلّ مخلوق على الأرض من مثقال فتيل إلى حوت لم يخلق عبثا و يقوم بأدواره في حفظ وضع الميزان من
مولده إلى أن يموت و لو كان مدّة حياته جزء من الألف من الثّانية. أدوار نجهل الكثير منها و لا يدرك القليل منها إلاّ من يخشى اللّه من العلماء الصّادقين. كلّ حيّ فاعل و كلّ فاعل حيّ و ينتهي فعله و يغلق سجلّه عند موته. إنّ الله أحصى كلّ شيء عددا و ما أحصيناه من نعم الله ليومنا هذا لقطرة ماء من بحر عميق واسع لا حدود لمداه. فنحن غير قادرين أن ندرك عدد الكائنات بالحجر الّذي منه الماء انفجر. قال لي مطأطأ الرّأس إنّك تعيش بين أحلام و خيال بعيدا عن الواقع
و أنصحك بأن تستيقظ من سباتك و تسعى للنيل من نصيبك من الحياة . جاوبته إنّي أرى ما لا تراه إني أسلمت أمري إلى الله و لن أتراجع عن إنجاح ثورة علميّة تضع حدّا لما نعيشه اليوم من ذلّ و تبعيّة و اضمحلال. إنّ أشدّ النّاس كفرا هم من الأعراب. و لو أنّ أجدادي أتوا من الشّرق في عام 478 هجري، فالأعراب تكاثرت في الوطن العربي و هم مزيج من بدو عرب رحّل و عجم يطغى عليهم المكر و الإعتزاز بالنّفس و حبّ الذّات و المال و الجاه والملذّات. كانوا و لازالوا الآخرين في
الوغى و الأوّلين في الغنم و الثّراء.
علينا أن نعترف بكلّ عمل صالح و نعتبر فاعله من رجال الدّولة و لو كان في فترة وجيزة إلى أن يقترب من منزلة رجال الدولة الشّرفاء المحسنين الّذين لا يسألون أجرا ولا مقاما و هم لإقامة العدل و المراقبة ساهرون. أنا مع الحقّ و أطوف حوله و لست بمناشد لأيّ حزب أو فرد ما. نبأني الدّهر بأنّ معظم المظاهر و حسن القول ملآنة خدع و كذب . و أختم تدخّلي في هذا اليوم المبارك بالصّلاة و السّلام على أشرف المرسلين محمّد ابن عبد الله صلّى الله عليه و سلّم .