إنجازات حكومة النجاحات

بقلم وسام الأطرش
تكرّر الحديث في الآونة الأخيرة عن فشل حكومة الصيد خصوصا بعد أن لوّح بالاستقالة في أكثر من مناسبة، وراح كلّ طرف ينسب الفشل في أداء الحكومة إلى جهة بعينها بحسب الانتماءات والولاءات والحسابات السياسية الضيقة أو إلى وزير بعينه إذا صارت الحسابات شخصية، وصار الحديث عن التعيينات أو التحويرات في الحكومة والوزارات وباقي المؤسسات مطلبا جادا لدى
العديد من الجهات، وهكذا راح الإعلام يوجه أسهم النقد بدوره ويوزعها مجانا هنا وهناك، إذا استثنينا من سطعت عليهم شمس الباجي قائد السبسي من شرفته في قرطاج، أو من اتّقوا غضب زمرته ولو بشق تمرة من تمرات نخلة النداء المثمرة.
تكرّر الحديث في الآونة الأخيرة عن فشل حكومة الصيد خصوصا بعد أن لوّح بالاستقالة في أكثر من مناسبة، وراح كلّ طرف ينسب الفشل في أداء الحكومة إلى جهة بعينها بحسب الانتماءات والولاءات والحسابات السياسية الضيقة أو إلى وزير بعينه إذا صارت الحسابات شخصية، وصار الحديث عن التعيينات أو التحويرات في الحكومة والوزارات وباقي المؤسسات مطلبا جادا لدى

لذلك، كان حريّا بكل سياسي عاقل في هذه البلاد وجادّ في مسار دفع الظلم عن أهلها، أن لا ينشغل بما أتاحته الديمقراطية الناشئة من أساليب سب وشتم داخل مجلس ممثلي الشعب وخارجه، جعلت كل حزب بما لديهم فرحون، ودفعت أمثال برهان بسيس ذات مساء إلى أن يعطينا دروسا في الأخلاق الحميدة وإن كان صادقا في كشف أكذوبة الحياد، ولا بما اعتبره البعض فشلا ذريعا في إدارة شؤون البلاد وعجزا عن حل مشاكل العباد، إذا ثبت وبالأدلة أن الفشل مطلوب وأن العجز مقصود وأن استمرار وتأبيد كليهما محمود وأن إضعاف الحكومة أمر منشود، وأنّ وراء هذا الانحدار المبرمج جهة نافذة تخطط له وتموّله وتستفيد من استمراره وبقاء ظله مخيما على كامل أرجاء البلاد.
من هنا، كان الأجدر بمن سلم من تأثيرات البرمجة اللغوية العصبية لإعلامنا الرسمي المخترق أن يبحث عمّا نجحت في تحقيقه حكومة الصيد إلى حد الآن وأن يعدد إنجازات حكومة النجاحات ليكتشف بنفسه الدور المنوط بها منذ البداية وأنها لم تفشل في رعاية شؤون الناس إلا لنجاحها في رعاية شؤون لوبيات الفساد المالي، وإليك سيدي القارئ جزءً من هذه الإنجازات، ولك سديد النظر:
لقد نجحت الحكومة الحالية برئاسة الحبيب الصيد في التستر على ملف نقل الإرهاب من الجبال إلى وسط العاصمة من أجل عيون مديري مصانع تفريخ الإرهاب العابر للحدود، وعلى إخماد صوت الأمني عبد الكريم العبيدي من سجنه في المرناقية بعد أن كاد يفضح حقيقة الأمن الموازي، كما نجحت في دفن حقيقة مقتل سفيان الشورابي ونذير القطاري مع جثتيهما في درنة بعد أن ساوم بهما حفتر بالوكالة مع السبسي ما اضطر هذا الأخير إلى الجلوس إلى طاولة الحوار مع رئيس حكومة فجر ليبيا وبدعوة جزائرية، وبالتالي فقد نجحت في القيام بعملية إجهاض لولادة تيار سياسي وإعلامي كان سيطرح سؤال شكون قتل سفيان ونذير؟ .
نعم، لقد نجح إعلامنا نجاحا منقطع النظير في تشليك الجهات الحاكمة وتوجيه أصابع الاتهام إليها مقابل تقديس الجهات المتحكمة وتنزيهها عن الذكر أمام العامّة، فسلط الضوء على الأولى وأبقى الثانية في الكواليس بعيدا عن الأنظار حيث تُعقد الصفقات وتُحاك المؤامرات وتُدسّ الدسائس ضمن مخططات إقليمية ودولية رهيبة تستخدم كلا من البرلمان والحكومة كواجهة لعملها بل كقفازين تمسح فيهما جرم التشريع والتنفيذ، فقط من أجل أن تبقى جسر عبور للاستعمار ويبقى من سواها وقود حرب باردة قابلة للإنفجار في أي لحظة.
فهاهي رموز الصهيونية تروح وتغدو على البلاد وكأنها ملك اليمين، وهاهم عملاؤها يقررون مصير شعب نيابة عنه فيوقعون الإتفاقيات والمعاهدات، وهاهي المنظمات المشبوهة تتسابق على اختطاف جيل بأكمله وغسل أدمغته بالكامل، وهاهي عقود النفط والغاز تُمدد وتُجدد حسب الطلب بلا حسيب أو رقيب، وهاهم وزراء الهانة والمهانة يتبادلون القبلات مع وفود مؤسسات النهب الدولي ويبررون سياسة لله يا محسنين في الإقتصاد.
آخر ما طلب من حكومة النجاحات التي يتنافس قوى النهب الدولي على ترويضها كل على شاكلته، كان يوم الإثنين 11 ماي 2015 ضمن زيارة سرية لم تتجاوز مدتها الأربع ساعات قام بها مدير عام شركة بريتش غاز البريطانية Chris Weston على متن طائرته الخاصة، حيث التقى مباشرة برئيس الدولة الباجي قائد السبسي ثم رئيس الحكومة الحبيب الصيد ثم وزير الصناعة زكرياء، استطاع من خلالها ترك رسالة تهديد بالرحيل في صورة فتح ملف استخدام مبلغ 345 مليون دولار بشكل غير قانوني من قبل هذه الشركة البريطانية المنتصبة في تونس منذ 1989، والتي اضطرت في العام الماضي لإنشاء شركة أميلكار بتروليوم أوبرايشن حين واجهت صعوبات في تجديد رخصة حقل أميلكار للتنقيب عن الغاز الطبيعي وذلك عن طريق كل من المدير العام لبريتش غاز تونس ميخائيل ريز ونائبه مهدي بن عبد الله. (يذكر أن بعض وسائل الإعلام تحدثت عن زيارة لرئيس المكتب التنفيذي لبريتش غاز Helge Lund في حين أن من قام بالزيارة بنفسه هو المدير العام للشركة).

إذن، هو نجاح في اختلاق الأزمة باليد اليمنى عن طريق الإمساك بحكومة خاضعة خانعة غارقة في العمالة إلى النخاع وفرض التوافق على الشركاء المتشاكسين، ثم تقديم الحلول باليد اليسرى في شكل قروض ومساعدات مشروطة، أو تهديد بالدخول في مرحلة الفوضى الخلاقة أمام تنامي الموجة الداعشية المصطنعة في العالم.
من أراد أن يتأكد من صحة هذا الكلام، فليسأل السبسي ..... عن سياق حديث مدير بريتش غاز في زيارته السرية عن المجمع الكيميائي وشركة فسفاط قفصة وتعداده لمشاكل البلد نيابة عن أهله! ليدرك حينها أنه قد أريد لتونس أن تنتقل ديمقراطيا وعلى وقع معزوفة الإرهاب، من حكومة الاغتيالات إلى حكومة الكفاءات إلى حكومة النجاحات، حيث تُعدّد إنجازات أرباب الرأسمالية على أنقاض جثث أبناء الأمة الإسلامية...


Comments
25 de 25 commentaires pour l'article 105798