سليانة: مها البرقاوي .. تحدّت البطالة لتصبح صاحبة مشروع في صناعة الأجبان يوفر مواطن شغل مباشر وغير مباشر

وات -
بإبتسامة ملؤها الثقة في النفس والثبات، تتوجه الشابة مها البرقاوي، إلى ورشتها بمنطقة المناصرية التابعة لمعتمدية برقو من ولاية سليانة، وتبدأ عملها بانزال أوعية ثقيلة مملوءة بالحليب الطازج، اولى مراحل صناعة الاجبان التى تحترفها.
مها البرقاوي (33 سنة) صاحبة شهادة عليا، مهندسة في الصناعات الغذائية، باحثة ودكتورة في نفس المجال، قادها الطموح والشغف إلى بعث مؤسستها الخاصة في صناعة الأجبان بجودة تخول لها الطموح في الولوج الى السوق العالمية، أطلقت عليها إسم "دار برقو" نسبة لمنطقتها.
لم تبحث مها عن العمل فى مؤسسة بمقابل، واختارت التعويل عن الذات، ايمانا منها بان الارادة تصنع المعجزات، لتكون مثالا مقنعا للشباب العاطل عن العمل، بان الابواب مفتوحة مادامت الارادة موجودة.
ترتدي قماشا قطنيا خفيفا منسوجا بشكل فضفاض وقبعة قطنية وقفازات، مخصّصة للوقاية من الجراثيم (على غرار ما يرتديه الاطار الطبي بغرف العمليات)، وتنطلق في عملها بتنظيف الأواني والمعدات والآلات التي تستعملها في تحويل الحليب إلى أجبان، وهي عملية تكررها أكثر من مرة يوميا.
بنبرة صوتها العالية الجهورية، تحدثت لصحفية وكالة تونس إفريقيا للأنباء، لتوضح ان اختصاصها صناعة الأجبان الطرية (الموتزاريلا,القوتة,التستوري) والمعتقة، وان فكرة المشروع انطلقت سنة 2020 بإمكانيات بسيطة، تلقت إثرها عدة دورات تكوينية إلى حين حصولها على دعم مادي في إطار مشروع تطوير المنظومات الفلاحية التابع للمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية، لتتضاعف بعدها كميات الإنتاج خاصّة في أواخر سنة 2024، واضافت انها اصبحت تشغّل 3 نساء من بينهنّ حاملات لشهائد عليا ومعطلين عن العمل منذ 15 سنة، فضلا عن تشغيل عدد من الفلاحين والمتساكنين المجاورين بصفة غير مباشرة، علّها تساهم في تنمية الاقتصاد المحلي والجهوي وحتى الوطني.
وبخصوص طاقة الإنتاج اليومية، لفتت إلى أنها تقوم رفقة زميلاتها، بتحويل ما بين 400 و500 لتر من الحليب إلى مايعادل 50 كغ من الأجبان، يتم ترويجها لفائدة مطاعم ومحلات أكلات خفيفة بالجهة وبالعاصمة وعدد من الولايات المجاورة، وتطمح الى بعث نقطة بيع مختصّة في الجهة وشراء سيارة مكيفة، لتأمين حاجيات كل الولايات، خاصة أن منتوجها لاقى إقبالا مكثفا خلال شهر رمضان.
وعن مراحل إعداد الجبن، ذكرت باعثة المشروع، بأنه يتم مراقبة الحليب ثم القيام بالتحاليل المخبرية وقيس درجة الحموضة ودرجة الحرارة والشروع بعد ذلك في التسخين وإضافة البادئات والتمليح والتشكيل، لتصل الى مرحلة النضج.
واشارت بالمناسبة، ال ان المشروع بحاجة لمزيد من الاعتمادات المالية الإضافية لتوسعته، كما تحدثت عن صعوبات مرتبطة بالوضعية الرديئة للطريق المؤدية إلى منطقة المناصرية (تبعد حوالي 1 كم على مدينة برقو) والتى تحول دون تنقلاتهم، خاصة خلال تساقط الأمطار، ممّا يعرقل عملية إيصال الطلبيات للحرفاء، مؤكدة ان ذلك لا يمنعها من مواصلة عملها بكل حب وشغف.
شغف مها وحرصها على التفاني في العمل، قادها الى بعث مشروع ثان لتثمين المنتوجات الفلاحية لمعتمدية برقو، وهو مشروع مختص في صنع المربي وتجفيف الغلال والحلوى، بإعتماد طريقة بيولوجية (100 بالمائة)، حيث مكنتها تجربتها الخاصة من ملاحظة تعفّف الاطفال في بعض الاحيان عن الاكل وخاصة الغذاء الصحي (ومن بينهم ابنتها الرضيعة)، فإبتكرت مزيجا من الغلال والنباتات الغابية (الأنج والخروب والريحان) والفواكه الجافة، لتتحول الفكرة الى إلى مشروع تزاوله منذ 5 سنوات، مع تامين ايصال الطلبيات إلى حرفائها (عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي).
ودعت في خاتمة اللقاء الشباب العاطل عن العمل، إلى الإيمان بقدراتهم والتعويل عن انفسهم ومواجهة التحديات لبلوغ الأهداف وكسر قاعدة الاتكال على الغير، كلّها أمل في أن تنتشر ثقافة بعث المشاريع في كامل الجهة.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 310843