المصادقة على قانون المصالحة الحدث الأبرز في تونس على امتداد قرابة أسبوع

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/arp130917x1.jpg width=100 align=left border=0>


باب نات - (وات- سارة حطاب)- مثلت مصادقة مجلس نواب الشعب الاربعاء 13 سبتمبر 2017 على مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمصالحة في المجال الإداري، برمته، بموافقة 117 نائبا واحتفاظ نائب واحد واعتراض 9 آخرين الحدث الأبرز على الساحة السياسية الوطنية على امتداد قرابة أسبوع.

وشهدت الجلسة العامة لمناقشة مشروع القانون عدد 49 لسنة 2015 أجواء "صاخبة" حاول خلالها نواب المعارضة تعطيل سير الجلسة بترديد شعارات رافضة له مقابل ترديد نواب الإئتلاف الحكومي للنشيد الوطني.

وتمثل الأصوات 117 التي تبنت هذا القانون حزبي الائتلاف الحاكم (النهضة والنداء ) وشريكهما في هذا الائتلاف آفاق تونس الى جانب حركة مشروع تونس (كتلة الحرة).





وينص قانون المصالحة في المجال الإداري ( 7 فصول وفصل اضافي يحدد فترة تطبيقه والممتدة من غرة جويلية 1955 الى 14 جانفي 2011) في فصله الثاني على أنه "لا يخضع للمؤاخذة الجزائية الموظفون العموميون وأشباههم على معنى الفصلين 82 و96 من المجلة الجزائية بالنسبة للأفعال التي تم القيام بها، والمتصلة بمخالفة التراتيب أو الإضرار بالادارة لتحقيق فائدة لا وجه لها للغير، شريطة عدم الحصول على منفعة لا وجه لها لأنفسهم. وبموجب ذلك تتوقف التتبعات والمحاكمات في شأن تلك الأفعال".

وتواصلت ردود أفعال الناشطين السياسيين ومكونات المجتمع المدني والمنظمات حول هذا القانون، الذي يتيح لمن ارتكب تجاوزات ادارية في العهد السابق دون الحصول على امتيازات ايقاف اجراءات التتبع ضده، وانقسمت الآراء بين من يرى فيه "انكسارا لمضامين الثورة وخيانة لدماء الشهداء وبين من يعتبره صفحة ضرورية في تاريخ البلاد كان من اللازم طيها والانطلاق من جديد بعيدا عن ضغوطات العدالة الانتقالية".



وفي هذا السياق اعتبر مدير ديوان رئيس الجمهورية سليم العزابي قبيل المصادقة على مشروع القانون، أن تونس في حاجة إلى المصالحة والتوافق والوحدة الوطنية، مشيرا إلى أن النسخة الاخيرة من مشروع القانون هي النسخة الأكثر توافقية.
وبرر مبادرة رئيس الجمهورية باقتراح مشروع هذا القانون، ب"تحرير الطاقات داخل الإدارة التونسية وإعادة العجلة الاقتصادية إلى سالف نشاطها وتحفيز المشاريع التنموية المتوقفة بسبب تراجع مردودية الموظفين العموميين"، مؤكدا أنه لا يهدف إلى تبييض الفساد.
وأشار إلى "تنازل" جهة المبادرة على عديد فصول مشروع القانون من أجل الحصول على أكبر قدر من التوافقات. ولفت إلى أن القانون، الذي خضع لعمليات تنقيح على مدى سنتين، اقتصر في نسخته النهائية على الفصول المتعلقة بالموظفين العموميين الذين لم يحققوا منفعة ذاتية مباشرة أو غير مباشرة وأسقط الفصول المتعلقة بمخالفات الصرف.


في المقابل عبر المجلس الأعلى للقضاء عن أسفه من مصادقة مجلس نواب الشعب على هذا القانون قبل الحصول على رأيه، معتبرا أن الآراء الاستشارية الوجوبية ولو كانت غير ملزمة تبقى مرحلة أساسية من مراحل مسار المصادقة على مشاريع القوانين وضمانة لتحصينها من الخروقات الدستورية.

وشدد المجلس في بيان أصدره الخميس 14 سبتمبر 2017 على تمسّكه بصلاحية ابداء الرأي -الواردة بالفصل 114 من الدستور التونسي والفصل 42 من القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء - والتي تقتضي ممارستها آجالا معقولة كما ذهب الى ذلك فقه قضاء الهيئة الوقتية لدستورية القوانين.
وذكر في هذا الصدد بأنّ الآجال التي منحت إليه لابداء الرأي على طولها لم تكن كافية باعتبار أن أشغال المجلس الأعلى للقضاء تجري في ظروف صعبة لا سيما في ظل غياب مقرّ خاصّ به وموارد بشرية ومادية لتيسير عمله الى جانب تعطل إجراءات صرف الميزانية المخصصة له وتزامن ابداء الرأي مع فترة النظرفي الحركة القضائية وتسميات القضاة وفق نص البيان .

وكان عضو المجلس الاعلى للقضاء عماد الخصخوصي أفاد في تصريح سابق ل//وات// أنه تعذر على المجلس أن يجتمع يوم الثلاثاء 12 سبتمبر2017 ، بسبب عدم توفر النصاب، لابداء رأيه في مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمصالحة في المجال الاداري، بطلب من البرلمان.
وقرر مجلس النواب في اجتماع مكتبه الجمعة 28 جويلية 2017 ، إرجاء النظر في مشروع القانون المتعلق بالمصالحة في المجال الإداري لاستكمال الاستشارة الوجوبية من قبل المجلس الأعلى للقضاء، والنظر فيه في جلسة عامة قادمة.

وأكدت الهيئة السياسية لحركة نداء تونس من جانبها أن المصادقة على قانون المصالحة الإدارية، الذي اقترحه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، "مكسب تاريخي لا يوجد فيه منتصر ومهزوم بل فقط منتصر وحيد هو تونس".

وقالت الحركة، في بيان اصدرته مباشرة عقب المصادقة على القانون، إن كتلتها النيابية "كافحت وثابرت بقوة وتصميم من أجل المصادقة على قانون يفتح المجال أمام مرحلة جديدة في تاريخ تونس عنوانها المصالحة والتكاتف والوحدة بين جميع التونسيين لكي يسهموا في بناء بلدهم".

كما حيت حركة نداء تونس بقية الكتل البرلمانية التي صوتت لفائدة مشروع قانون المصالحة الادارية مضيفة أن "تصويتهم كان بوعي وطني رفيع ومسؤول يبعث مجددا رسالة إلى العالم عن استثنائية النموذج التونسي في الذهاب بالانتقال الديمقراطي نحو مربع المصالحة والوئام الوطني بعيدا عن منطق العنف والاقتتال والفوضى" وثمنت حركة النهضة في بيان مماثل مصادقة مجلس نواب الشعب على القانون ذاته بعد أن تمّ ادخال تحويرات جوهرية على صيغته الأولية لسنة 2015 عبر توافقات جعلته أكثر اندراجا ضمن قانون العدالة الانتقالية وأحكام الدستور الجديد. واعتبرته خطوة ضرورية وهامة في اتجاه تحرير الإدارة وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة وجمع العائلة التونسية الموسعة على قاعدتي العفو والتسامح وليس تبييضا للفساد وتغطية على الفاسدين كما يدعي البعض.

وتواصلت ردود افعال مكونات الساحة السياسية منذ تبني القانون، وعمد نواب المعارضة مباشرة اثر المصادقة على القانون تجميع أكثر من أربعين توقيعا حسب ما أفاد به النائب فيصل التبيني من اجل الطعن فيه لدى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين.



و قال التبيني (صوت الفلاحين) في تصربح ل"وات" ان نواب المعارضة متأكدون من أن القانون سيسقط لدى الهيئة لأنه مخالف لروح الدستور التي تجعل من المصالحة جزءا لاحقا للمحاسبة ، مشيرا الى أن الرسائل التي وجهها البرلمان يوم الاربعاء 17 سبتمبر كانت في جلها تدل على "انتهاء المسار الثوري وعودة الى استبداد الاغلبية العددية".

وأعلن الحزب الجمهوري، دعمه توجه النواب للطعن في دستورية القانون الأساسي المتعلق بالمصالحة في المجال الإداري، ومساندته لكافة التحركات السلمية الرافضة لهذا القانون، محملا الكتل البرلمانية ، مسؤولية التداعيات السياسية للمصادقة على هذا القانون.



وإعتبر الحزب، في بيان اصدره الخميس 14 سبتمبر الحالي ، أن المصادقة على هذا القانون في دورة برلمانية استثنائية، بعثت برسالة سلبية حول أولويات تونس في المرحلة الراهنة، وما تقتضيه من إصلاحات اقتصادية ومكافحة الفساد وتنمية للجهات الداخلية التي تضمنها إعلان حكومة الوحدة الوطنية وأكدته أولويات وثيقة قرطاج.



وفي ما يتعلق بموقف الاتحاد العام التونسي للشغل من هذا الموضوع، فقد دعا الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي، كافة الفاعلين السياسيين والاجتماعيين وجميع الاطراف المعنية إلى ضرورة توفير الضوابط الضامنة لتناغم قانون المصالحة، مع أحكام الدستور التونسي وقانون العدالة الانتقالية وآلياتها المتعلقة بالمساءلة والمكاشفة والمحاسبة. وبين الطبوبي أن الاتحاد "ضد سياسة التشفي وليس ضد المصالحة في المطلق" مؤكدا أن المرحلة "تحتم اليوم واكثر من اي وقت مضى، ضرورة التوافق لاستكمال مسار الانتقال الديمقراطي وتكريس مؤسساته الدستورية".



وعبر مجلس الهيئة الوطنية للمحامين بتونس من جهته عن رفضه للقانون الأساسي المتعلق بالمصالحة في المجال الإداري داعيا في بيان له أعضاء مجلس نواب الشعب إلى تدارك ما صدر عنهم من خطإ جسيم في حقوق الشعب ومكتسباته والطعن في القانون المعني، مؤكدا حق منظمات المجتمع المدني في التصدي له عبر كافة الوسائل القانونية المتاحة. وأضاف أن في المصادقة على مشروع القانون انتهاك لمبدأ المساواة أمام القانون بين عموم أفراد الشعب باقتصاره على فئة معينة فضلا عن انتهاكه مبدأ سيادة القانون باقرار تعطيل قوانين جزائية نافذة، معتبرا أن في تمريره إصرار على تبييض الفساد والالتفاف على مسار العدالة الانتقالية وانتكاسة لمسار الانتقال الديمقراطي.


وقد نفذ ظهر أمس السبت، نشطاء حملة "مانيش مسامح" من مختلف الحساسيات السياسية والمدنية، الرافضة لقانون المصالحة في المجال الاداري، مسيرة جابت شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة ، رفع خلالها المحتجون شعارات مناهضة لكل من حركتي نداء تونس والنهضة، ذهبوا الى حد المناداة باسقاط منظومة الحكم الحالية.

و شارك في هذه المسيرة عدد من رؤساء الأحزاب، على غرار حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية، وغازي الشواشي الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي وزهير المغزاوي الأمين عام لحركة الشعب ومحمد الحامدي الأمين العام لحزب التحالف الديمقراطي وزهير حمدي الأمين العام لحزب التيار الشعبي.

وإعتبر زهير المغزاوي الأمين عام لحركة الشعب، في تصريح ل (وات)، أن قانون المصالحة الإدارية الذي وقع تمريره عبر آلية الأغلبية البرلمانية "هو خيانة للثورة ولتضحيات الشهداء" وقال عمار عمروسية عضو مجلس نواب الشعب عن الجبهة الشعبية، "إن قانون المصالحة الإدارية هو حلقة ضمن مخطّط كامل يطبخ في قصر قرطاج وفي دوائر الحكم" في حين دعا زهير حمدي القيادي بالجبهة الشعبية والأمين العام لحزب التيار الشعبي، الى "ضرورة الذهاب إلى إنتخابات تشريعية مبكرة"، أما محمد الحامدي الأمين العام لحزب التحالف الديمقراطي، فقد أكد ضرورة أن تأخذ الأغلبية الحاكمة مسيرة اليوم بعين الاعتبار، لان تمرير قوانين حساسة كالمصالحة الإدارية بامكانه "أن يسبب شرخا في المنظومة المجتمعية".

واعتبرت المدونة والناشطة الحقوقية لينا بن مهني، أن مسيرة أمس السبت هي تأكيد على رفض قانون المصالحة في المجال الإداري، قبل الدخول في عملية المحاسبة لمن نهبوا ثروات البلاد.
ويجمع المتابعون للشأن السياسي أن الأسبوع القادم لن يكون أكثر هدوء بعد أن اتفقت كتلتا حركة النهضة ونداء تونس على أن تنعقد جلسة عامة يوم الأربعاء 20 سبتمبر 2017تخصص لاستكمال سدّ الشغور بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بما يقيم الدليل على أن موعد الانتخابات البلدية سيؤجل إلى ما بعد 17 ديسمبر 2017.


وكان رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي ربط في حوار لجريدة "الصحافة"اصداره الأمر الرئاسي المتعلق بدعوة الناخبين إلى الاقتراع بسد الشغورات بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات .

وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ذكرت في عديد المناسبات أن آخر أجل لاصدار الأمر الرئاسي هو 18 سبتمبر 2017 وفق الرزنامة الانتخابية التي ضبطتها مسبقا.

يشار الى أن مجلس نواب الشعب يعقد يومي 19 و20 سبتمبر 2017 جلسة عامة لتسديد الشغورات في تركيبة الهيئة الانتخابية.


Comments


1 de 1 commentaires pour l'article 147812

Mandhouj  (France)  |Dimanche 17 Septembre 2017 à 11:41           

المصادقة على قانون المصالحة الإدارية هي عملية خروج عن روح التوافق ، الذي على أساسه ينظم الحكم ، خاصة في القضايا الحاسمة مثل قضايا العدالة الانتقالية/المصالحة التي يسعى نظام الحكم تمريرها دون المرور بهيئة الحقيقة و الكرامة .. فهي مرور بقوة (forcing)، و تحيل أيضا ... كان يمكن فتح حوار وطني في شأن مثل هذه القضايا ..
بما أن السبسي وعد في الحملة الانتخابية بتمرير قانون المصالحة الاقتصادية و المالية ، لكن المجتمع صمد في وجهه منذ ورقته الأولى في المصالحة الاقتصادية و المالية .. ذهب قصر قرطاج تحت مسمى آخر (المصالحة الإدارية ) حتى يمرر القانون .. لكن العقل الديمقراطي يرفض مثل هذا المرور بقوة (forcing).. هنا لسنا في إطار إرادة الصندوق ، نحن اليوم في مغالطلة.. خاصة و أن المجتمع من بداية الثورة تكلم عن المصالحة الوطنية و رفض الذهاب في عملية انتقامية .. ليس لأنه لا
يقدر .. لأنه مقتنع بأن تونس يمكن أن تكون للجميع .. هل أخطاء الشعب في هذا الخيار ؟ لا أعتقد .. لكن أنصار الثورة المضادة لم يفهموا شيأ من رحمة الشعب .. لذلك اليوم هناك صمود ضد هذا القانون .. الذي كان من الممكن في إطار حوار وطني إعداد ورقة توافقية ، يكون فيها نفع للمجتمع .

القبول بهذا المرور بالقوة ، سيفتح الأبواب على مصرعيها لأشياء أخطر من ذلك .. و هنا من واجب المجتمع أن يقول للسبسي و لمافيا قرطاج : ليس كل ما يوعد في الحمالات الانتخابية يمكن أن يمرر بسهولة هكذا ... هناك الخطاب الانتخابي ، و هناك العمل الحكومي الديمقراطي الذي يجب أن تلتزم به الديمقراطيات. خاصة في قضايا حساسة مثل هذه .. إذا نسكت اليوم ، غدا سيكون بيع الشركات العمومية ، مثل صب الماء نشرب .. هذا غير ممكن ..

بما أن هناك مبادرة تبديل النظام من طرف نداء تونس ، و هناك نية التوريث ، حتى عبر المرور بالبرلمان (إنتخابات تشريعية جزئية في دائرة ألمانيا )، فالمصادقة على قانون المصالحة الإدارية لا يمكن أن يفهم خارج إرادة الإنقلاب .


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female