طيف واسع من التونسيين، يرى أن الإسلام السياسي هو أصل الأزمة، و أن الباجي قايد السبسي ما كان عليه أن يضع يده في يد الإسلام السياسي، و هو المحنك و المخضرم و السياسي القادر على إخراج البلاد من عنق الزجاجة( و العبارة له)، و قدرته على الإلتفاف و التعاطي مع إكراهات الواقع السياسي، و إفرازاته ..

ما كان أحد يتصور أن الباجي قايد السبسي، يعجز عن إخراج تونس من أزمتها دون النهضة ، كيف نجح الباجي في إقناع التونسيين أنه لا خيار لهم الا أن نضع أيدينا في أيادي النهضاويين!؟؟. كيف يمكن أن نقنع أن النهضة رقم صعب في المعادلة السياسية و أنه بدونها لا حكم و لا ملك، و لا استقرار و لا حل..
الباجي جعل من بعبع النهضة، أمرا واقعا على التونسيين قبوله، أحبوا أم كرهوا و قد نجح في جعلها جزء من السلطة لا كلاًّ في المعارضة، لهذا تعاظم أمرها، منذ إتفاق باريس بين الشيخين، و قد فشل في إقناعها بالتخلي عن الجانب الدعوي، رغم حضوره الرمزي و التكتيكي في مؤتمرها العاشر...
الباجي فشل في تونسة النهضة، رغم إقرارها بذلك في مناسبات عديدة، لكن تخوّف التونسيين من إنتخاب قيس سعيد رغم تعاطفهم معه، يجد ما يبرره في تدخل النهضة، و دعمها للرجل صراحة و علانية، بالرغم من تصريح الرجل ليلة الصمت الإنتخابي أنه مستقل عنها و عن غيرها و أن من يريد أن يدعم فليفعل، و من يريد أن يصطف في الجانب الآخر فله ذلك..
إنتخاب التونسيين للنهضة يرى فيه التونسيون فشلا للباجي، و نجاحا لراشد في التعاطي مع مشكلات، تونس و نضجا تكتيكيا عاليا، و قدرة فائقة على تماسك القاعدة الانتخابية للنهضة رغم تقلصها منذ ثماني سنوات..

الإسلام السياسي من جديد، في تونس ، رغم إصرار البعض على إقصائه، و سحقه ، و هو من يحدد السياسات القادمة و هو من يتقلد السلطة التنفيذية، مرة أخرى، غير أن جزء لا بأس به من التونسيين ، ممن يعارضون مونبليزير ، سيجدون في مقاطعة الإنتخابات، موقفا صريحا و واضحا من النهضة، رغم تعاطفهم مع قيس سعيد..