رئيس جمهورية أم رئيس عصابة ؟

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5d5bdb726e02b7.61271345_niqmlkefghojp.jpg width=100 align=left border=0>
نبيل القروي


بقلم حامد الماطري

قصة التقطتها مسامعنا ونحن أطفال صغار، تتحدّث رجل طاعن في السّنّ، من سكّان المدينة، لا يخرج من داره الا ليلاً ويتحاشى الناس والمحافل مهما كان الحدث.. بقي حبيساً لأكثر من أربعين عاماً، لا لمرض او لجنون، بل عقاباً من باقي اهل الحاضرة.

...

ليست خرافة، هي قصة واقعية حدثت في مدينة تونس قبيل الاستقلال، وحقيقة أطوارها ان الرجل كان قد اقدم على جرم اخلاقي كبير، قوبل باستنكار كبير، ولكنه كان مدعوماً من قريب له، كان صاحب نفوذ وفتوى، تدخّل لصالحه، ووجد له التأويل الذي سمح له بالخروج من مأزقه بأخفّ الأضرار، فَمَرَّت فعلته مندون مساءلة..

صحيح انّه "منع بعملته" على المستوى القضائي والرسمي، لكن المجتمع لم يتقبّل المسألة وعاقبه على طريقته، فكان الرجل كلما شهدوه في الأسواق لا يكلّمه احد، لا يبيعونه ولا يسلّمون عليه، وكثيراً ما شوهد والأطفال يرشقونه بالحجارة وينزعون شاشيته عن راسه ويمرّغون جبّته في الأرض ولا ترى من ينهاهم عن ذلك في مشهد غير مألوف.. تواصل الامر لأسابيع قبل ان يفهم انه منبوذ فلم يعد يخرج من منزله إلا ليلاً، وبعد ان تغلق أبواب السوق.

يوم جنازته، سمعت أحد الحاضرين يقول: أخيراً كتب له ان يخرج من داره في وضح النهار، للمرة الأولى والأخيرة.
لطالما استحضرت هذه القصة كدليل على نضج المجتمعات وقدرتها على تعديل البوصلة والدفاع عن الحق، حتى عندما يعجز القانون، او اذا تخاذلت السلطة عن ذلك..

في سياق مثيل، اعتقد أنّ شخصية مثل نبيل القروي اليوم، يفترض ان تعرف وقفة شعبية موحّدة، خصوصاً بعد أدائه على امتداد السنين اللي عرفناه فيهم، عهد بن علي و"بونا الحنين"، مدرسة الذّلّ والتزلّف وتبييض الفساد والاستبداد، الى عهد الثورة، بل عهد الرّكوب، -والذي أتقنه نبيل وجوقته أيّما إتقان- والاستغلال السياسي، والتحيّل على القانون، وكلّ الخروقات القانونية والسياسية والأخلاقية التي أقدم عليها مع سبق الإصرار والترصّد..

التسريبات الصّوتيّة العديدة التي نشرت وتداولها الكثيرون، وبالرغم من شناعة محتواها، كشفت للعيان- لمن لا يزال يشك في ذلك- قبح الوجه الذي يخفيه ولد القروي، وانحطاطه الأخلاقي.

عندما حصل اوّل التسريبات والتي تناول فيها "تعليماته" التي يقدّمها لعاملين في قناته من "الصحافيين"، والتي يأمرهم فيها بهرسلة آبائهم ونشر الشائعات والاكاذيب عنهم وفضحهم بين جيرانهم، بأساليبٍ -علاوة على كونها مجرّمةً قانوناً- هي ايضاً فتحت مستوى جديداً في النذالة والانحطاط التي لطالما كان نبيلوقناته من "روّادها"، اثار استغرابي وقوف القضاء التّونسيّ موقف المتفرّج مما يفعله القروي. لطالما تحرّكت النيابة العمومية تجاه ما هو أقلّ من هذا بكثير، وصمتهما هنا أمر مريب يوحي للناس بأن العدالة ليست الا مسالة نسبية، يحركها معيار موازين القوى ..

عمليّاً، وعلى مراحل مختلفة، نبيل وقناته خرقا على الأقل قوانين العمل السياسي والصحافة والانتخابات والجباية.. اتساءل ماذا ننتظر لنراه وراء القضبان؟

كذلك عجيب أن معشر الصحافيين تعامل مع المسألة تعاملاً معيباً وانتهازيّاً، اذ لم يستنهض أحدٌ همّته للدفاع عن شرف المهنة، وتحاشوا إغضاب من يمكن ان يصبح ربّ نعمتهم يوماً.. وحتى عندما تحرّكت نقابة الصحافيين، ترك أعضاؤها لوحدهم وكأنًّهم لا يمثلون الا أنفسهم..

أشدّ ما اثار إحباطي حقّاً كان ردّة فعل الشعب التونسي -سواء من النخبة او العامّة- الذي كان تعاطيه على سلبيَّة مزعجة. لا زلت اعتقد انه كان يفترض بالشعب التونسي ان يقاطعه مقاطعة كاملة، هو وتلفزته وكل من يدافع عنهما. بل انني لا احترم سياسيّاً يقبل بالظّهور في هاته القناة الخارجة عن القانون والعرف والاخلاق..

منذ عرفناه، لم يدع نبيل فرصة للركوب على الأحداث، من مقتل شكري بلعيد، الى تجنيده المطبّلين والداعمين له لترشيحه كرئيس حكومة محتمل بعد الحبيب الصيد. حتى وفاة ابنه في حادث سير، كان "فرصة" لم يدعها ولد القروي تمرّ من دون استغلالها، فصنع منها تراجيديا بإخراج تلفزي، ورسم ملامح أسطورة "فاعل الخير" الذي يعانق المحتاجين ويزورهم ويتنقل بين قراهم المنسية..

الحقيقة هي أنّه لا يحب "الزواولة" بل يحتقرهم.. يتاجر بآمالهم.. لا يكتفي بتصوير معاناتهم وحاجتهم وذلّهم وهو يقدّم لهم المقرونة والطماطم فحسب، بل يعدهم بمنزل لكل من ينتخبه، ويطرد من يجادله او يرفض التّرسيم في الانتخابات...
هو لا يحمل برنامجاً الا التحيّل والانتهازية والكذب..
هو لا يحبّ تونس بل ينظر اليها نظرة مغتصب يتأهّب لقطع الطريق على ضحيته.

هو لا يؤمن الا بالمال والسلطة والنفوذ، مكانه الحقيقي هو في دور رئيس العصابة لا رئيس الجمهورية..

جمع من حوله سقط المتاع من انتهازيي السياسة ويتأهّب لحكم بلد انجبت ولا تزال علماء ومفكرين وزعماء.. لا غصباً ولا إكراهاً، بل برضى الشعب ومباركته وفي انتخابات حرة ونزيهة! أمن قلّة الرجال والنساء من الشرفاء؟ أأصبحت الخضراء عاقراً او رخيصة حتى يتجرّأ عليها مثل هؤلاء؟

استطلاعات الرأي تعطي تقدّماً نسبيّاً لأبي خليل. وتشتت أصوات الندائيين والليبراليين بين اكثر من مرشّح قد يعطيه فرصة جدّية للتواجد في الدور الثاني. والخوف يومها من عمليّة تصويت "مفيد" جديدة ل"قطع طريق" أمام مرشّح النهضة، قد تدفع بصاحبنا الى قصر قرطاج!

بالامس قدّم لنا "ولد الرياحي" نفسه فحسبناها نكتة سخيفة، ولكن ها نحن اليوم على وقع كابوس مزعج نتمنّى حقّاً ان نستفيق منه سريعاً.

هو ينظر إلينا جميعاً ويبتسم في خبث قائلاً: لولا عماكم، ما نعيش معاكم!
شعبي العزيز: أفق من غيبوبتك و"آقف لبلادك" قبل ان تفعل بنفسك ما لا يفعله العدو بعدوه..



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


1 de 1 commentaires pour l'article 187674

BABANETTOO  (France)  |Mardi 20 Août 2019 à 14h 03m |           
Il y a des peuples cons ... aussi.

La seule issue pour sauver la mise et de voter massivement dès le premier tour en faveur de MOUROU.

Mais il se peut aussi, que ENNAHDHA, pour barrer la route à ce clown de Karoui, donne une consigne de votre au profit de ZEBIDI ...

Mais en politique, il y a l'espoir et la réalité ...

Vous imaginez Karoui à Carthage ???

C'est une vraie possibilité mais quel malheur ...

Certains peuples sont cons, je le répète ... à bon entendant


babnet
All Radio in One    
*.*.*