عروسية الفرجاني: تقريب الثقافة من أبناء الأرياف وإسعادهم أحد أهم أهداف الجمعية الثقافية الاجتماعية بسيدي البشير

باب نات - ليث الهذلي (11 سنة) طفل من منطقة بازينة التابعة لولاية بنزرت لم يسبق أن حضر أي مهرجان أو عرض ثقافي، ولم يسبق له أن زار مدينة بنزرت إلا مساء الجمعة بمناسبة عرض الفنانة يسرى محنوش في اختتام الدورة 35 لمهرجان بنزرت الدولي.

ليث ليس الطفل الوحيد في منطقته بل هو واحد من بين أكثر من أربعين شخصا بين أطفال وكبار تتراوح أعمارهم بين 6 سنوات و38 سنة لم يسبق أن خرجوا من قريتهم قبل تلك الليلة، حيث أتيحت لهم فرصة اكتشاف مركز الولاية التي ينتمون إليها ومشاهدة عرض فني لا تتاح مشاهدته لهم إلا على شاشة التلفاز.

مبادرة استقدام أهالي الأرياف إلى مهرجان بنزرت وتقريب الثقافة منهم والمساهمة في انفتاحهم على محيطهم، قامت بها الجمعية الثقافية الاجتماعية بسيدي البشير التابعة لمنطقة جومين، برئاسة أصيلة الجهة عروسية الفرجاني وذلك بدعم من السلط المحلية والجهوية والهيئة المديرة لمهرجان بنزرت الدولي.

في حديث لـ(وات) مساء الجمعة على هامش عرض الاختتام، بينت رئيسة الجمعية أن هذه الرحلة الثقافية الترفيهية والاستطلاعية هي الثالثة من نوعها خلال الدورة 35 لمهرجان بنزرت، لفائدة أبناء العائلات المحرومة التي لا تعرف بنزرت ولم يسبق أن تابعت أي عرض أو مهرجان ثقافي، حيث تم في بداية أيام المهرجان تنظيم رحلة لفائدة 54 طفلا تابعوا عرض السحر لفؤاد الجليدي مساء 20 جويلية، فيما استفاد 60 شخصا من متابعة عرض حسان الدوس مساء 16 أوت.

وبعيون اغرورقت بالدموع، أعربت رئيسة الجمعية، عن امتنانها للسلط الجهوية والمحلية وخاصة والي بنزرت محمد قويدر والمعتمد الأول اللذين ساهما في تيسير قدوم أهالي الأرياف عبر تخصيص حافلات بأسعار تفاضلية، كما حرصا على توفير عشاء لهم خلال هذه السهرات بالتعاون مع الجمعية.
ونوهت بقبول الهيئة المديرة لمهرجان بنزرت برئاسة مهدي السيفاوي هذه البادرة والمساهمة فيها بتخصيص دعوات لأبناء الأرياف وفتح فضاء المهرجان مجانا أمامهم للاستمتاع بعروض الدورة 35 للمهرجان، معربة عن أملها في تكرار مثل هذه المبادرات الثقافية الاجتماعية والإنسانية بدرجة أولى.

وتواصل عروسية الفرجاني حديثها، وقد اغرورقت عيناها بالدموع: "أمنيتي أن يتكرر ما قامت به جمعيتنا بمساعدة السلط الجهوية، في كل ولايات الجمهورية، وتنسج على منوالنا بقية الجمعيات حتى نسعد أبناء الأرياف من مختلف الأعمار أينما كانوا، ونقرّب منهم الثقافة وبذلك نبعد عنهم خطر الإرهاب وغيره من المخاطر التي تتهددهم".
وتعمل الجمعية الثقافية الاجتماعية بسيدي البشير منذ تأسيسها في فيفري 2015 على تنظيم عديد الأنشطة الثقافية والاجتماعية، وقد امتدت نشاطاتها مؤخرا، لتشمل أنشطة الأسرة والطفولة والشباب والرياضة وذلك بطلب من السّلط الجهوية نظرا لما أبدته من نشاط واهتمام جدي بأبناء الأرياف بحسب ما أوضحته رئيستها لوكالة تونس افريقيا للأنباء.
وأضافت أن الجمعية تبنت، تبعا لذلك، عملية تنشيط مؤسسات شبابية وأخرى تربوية للأطفال في جومين وبازينة في إطار التشارك بين الدولة ومكونات المجتمع المدني.
ومنذ تأسيسها قامت هذه الجمعية، التي تضم اليوم نحو 150 منخرطا من التسع عمادات التابعة لمعتمدية جومين وخاصة المناطق الريفية المجاورة لبازينة وسيدي بشير، بتنشيط عدة عروض مسرحية وسينمائية وتنظيم مباريات ثقافية ومسابقات في المدارس الابتدائية الاومباريات ثقافية ونظمت كذلك الدورة الأولى لمهرجان سيدي البشير الذي امتد على 4 أيام (من 28 إلى 31 جويلية 2017 ) وبخصوص مصادر تمويل الجمعية، بينت عروسية الفرجاني أن مختلف هذه الأنشطة تقام في جزء كبير منها بتمويل ذاتي (من قبل رئيسة الجمعية)، فضلا عن توفر دعم من عدد من الخواص من رجال أعمال وأصدقاء يؤمنون بدور الثقافة في تغيير واقع الأرياف، كما تحصلت الجمعية مؤخرا على دعم من الولاية ومن وزارة الشؤون الثقافية منذ انطلاق البرنامج الوطني مدن الفنون بجهة بنزرت في شهر أفريل الماضي تجسيدا لمبدأ حق الأرياف في الثقافة.