رئيس جمعية "مبدعون" بوعرادة في لقاء مع "وات" : المشاريع الثقافية يجب أن تستمر ويكون لها جذور حتى تينع وتزهر

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/662eb68e7eba18.20956212_leqmpkginjhof.jpg width=100 align=left border=0>


من أهم اللقاءات التي تابعها رواد الدورة الثامنة والثلاثين لمعرض تونس الدولي للكتاب بقصر المعارض بالكرم (19-28 أفريل 2024) هو حفل توقيع مجموعة من الكتاب الصغار من أطفال بوعرادة من ولاية سليانة لمجموعتين قصصيتين جماعيتين، وسط إعجاب من زوار المعرض الذين تحلقوا حول الأطفال معجبين بما أنجزوا ومشجعين لهم على مواصلة الدرب.

اللقاء كان في جناح "دار الكتاب" للنشر والتوزيع، يوم الجمعة، وكان فرصة لا فقط للأطفال الذين حدثوا بحماس عن هذه التجربة، بل كذلك لمن حضروا التوقيع وتحدثوا مع الأطفال، فتحدثوا معهم مطولا باهتمام، واستمعوا إلى تحمسهم لتجربة ورشة الكتابة "متطوعون" بوعرادة التي أقيمت تحت إشراف الكاتبة والقاصة جميلة الشريف.
في حوار مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء على هامش حفل التوقيع تحدث رئيس جمعية "متطوعون" بوعرادة عمر الوسلاتي عن هذه التجربة التي كانت انطلقت مع الكاتب والروائي كمال الرياحي، وكانت في شكل مبادرة لزرع المكتبات في الأرياف ثم تواصلت وتعززت بتنظيم ورشات للكتابة أثمرت مجموعتين قصصيتين لليافعين هما "كبرعم لامسته الريح فأزهر..." و"نزهة في حدائق بيض"، وقد أشرفت على الورشتين الكاتبة جميلة الشريف. وأكد على أهمية المحافظة على المشاريع الثقافية وعلى ضرورة استمراريتها حتى تينع وتزهر. كما أكد على وجوب إيلاء عناية بالأطفال على وجه الخصوص لأنهم بناة المستقبل والقادرون على تغيير واقع الأوطان نحو الأفضل.
...

وفي ما يلي نص الحوار :


وات // كنتم تزرعون مكتبات الخيال في المدارس من أجل التغيير، كيف فكرتم في أن يصبح أطفال المدارس بأنفسهم جزءا من هذا التغيير ؟

ع. الوسلاتي // بداية أوجه تحية إلى صديقي ورفيقي كمال الرياحي الذي بدأت معه التجربة، وعندما بدأنا التفكير في شعار لهذه المبادرة اخترنا شعار لنرفع الكتاب في وجه الجريمة والجهل والتخلف والإرهاب. فبدأنا بزراعة المكتبات، هذا المشروع الذي يفتح مجالا للأطفال للتخلي عن الجريمة كأداة للتعبير عن كياناتهم. ولكن رغم الأثر الإيجابي لزراعة المكتبات فهو غير كاف، فكرنا في مصير هؤلاء الأطفال بعد قراءة الكتب. لذلك أطلقنا في جمعية "متطوعون" بوعرادة ورشات الكتابة.
فمن خلال مكتبات الخيال وبعد أن يكون الطفل قد تحصل على رصيد من المعارف، ينطلق في اكتشاف كيانه من خلال الكتابة. وكان الإقبال كبيرا على هذه التجربة التي أثمرت في العام الأول إنتاج مجموعة قصصية بعنوان "كبرعم لامسته الريح فأزهر" والموسم الثاني مجموعة بعنوان "نزهة في حدائق بيض" وقد لاحظنا رغبة كبيرة لدى الأطفال في التغيير وفي بناء كياناتهم حيث أصبح لهم وجهات نظر وصاروا يعبرون عن آرائهم بكل حرية واستقلالية.
وبالتالي فنحن بذلك نساهم في صنع مواطن الغد، نحن الذين نأتي من الهامش انتقلنا إلى ديناميكية أخرى ثقافية كان لها تداعيات سواء على المنطقة أو على مستوى وطني فقد أصبحت هذه التجربة نموذجا يحتذى به في جهات أخرى وأصبح هناك ورشات كتابة في المكتبات العمومية في مدن الشمال والجنوب وصار الناس يقلدون فكرة زرع المكتبات وهذا جيد. ففكرة زرع المكتبات هي مشروع ثقافي متكامل يدفع الناس الى التخلي عن فكرة الانتظار، والقيام بالتغيير بأنفسهم.


وات // مالذي تقومون به حتى لا تبقى هذه التجربة حبيسة عدد محدود من الأشخاص، من يدعم أنشطة جمعيتكم ؟
ع. الوسلاتي // تتواصل أنشطتنا منذ سنوات بالشراكة مع "دار الكتاب" للنشر والتوزيع، ومع أصدقاء ورفاق آمنوا بالمشروع الثقافي وبأن أداة تغيير المجتمعات هي نشر الوعي، فطالما أن الوعي معدوم، لا يمكن أن تتغير الشعوب. وانطلاقا من هذه التجارب قد نؤسس لمجتمع الوعي، مجتمع مثقف. هذه الفكرة ننقلها من خلال منصاتنا ومنصات التواصل الاجتماعي وصفحة الجمعية ومن خلال أصدقائنا ووسائل الإعلام التي بدأت تتحدث عن هذه التجربة وتساهم في انتشارها.


وات // هل ستستمر ورشات الكتابة أم ستطلقون تجارب أخرى في إطار سلسلة من المشاريع التي تقومون بإنجازها ؟
ع. الوسلاتي // نظرا للإقبال الكبير والطلب على ورشات الكتابة، سنواصل هذه الورشات وطالما ثمة عدوى إيجابية. ويجب أن نستمر في دعم الأطفال لأننا نعول عليهم في تغيير واقعهم فالطفل الذي في المدرسة اليوم سيكون غدا في المعهد ثم طالبا في الجامعة ثم مسؤولا في العمل فإذا تربى على ثقافة التغيير والتعويل على الذات والوعي حتما هذا سيؤثر في تونس أخرى ممكنة من خلال مشروع ثقافي متكامل لا مشروع هامشي موسمي ومناسباتي. فالمشاريع الثقافية يجب أن تستمر ويكون لها جذور حتى تينع وتزهر.


وات // ولكن هل من السهل المحافظة على الاستمرارية خاصة وأن العمل تطوعي؟
ع.الوسلاتي // أولا أريد أن أتوجه بالمناسبة بالشكر إلى القاصة والروائية جميلة الشريف، التي تولت تأطير التلاميذ وتوجيههم خلال ورشتي الكتابة، تطوعا. فالتطوع هو شعار جمعيتنا وهو ثقافة، وكل من يساعدنا منذ سنوات، يعلم ذلك جيدا. فالجمعية بدأت في شكل مبادرة فردية منذ 2016 وتأسست قانونيا في 2019 . وفي خمس سنوات حققت الجمعية الكثير. حاليا لنا ورشة للروبوتيك وإذاعة للشباب وإذاعة محلية تهتم بأصوات من لا صوت لهم في الإعلام بشكل عام الى جانب ورشة الكتابة، كما توفر الجمعية مساحة قانونية لمساعدة الناس في الولوج إلى العدالة، وتوفر المساعدة للنساء ضحايا العنف. وللجمعية أيضا فريق متنقل لرعاية المسنين. فهي عبارة عن خلية تعبر عن المجتمع المحلي، وتلبي جميع احتياجاته الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والمعرفية وغيرها.


وات // وما هي الاحتياجات التي ستلبيها الجمعية من خلال مداخيل بيع هذين الإصدارين ؟
ع. الوسلاتي // بالنسبة للكتابين أصدرتهما "دار الكتاب"، مشكورة، بشكل مجاني وستخصص المداخيل لمساعدة الأطفال من خلال توفير اللوازم المدرسية لأقرانهم للاستمرار في الدراسة ومجابهة ظاهرة الانقطاع عن التعليم. كما أن جزءا من العائدات موجه إلى زراعة المكتبات لأن هذا المشروع المتواصل هو تمهيد إلى مشروع كُتّاب، ومواطنين صالحين، فالمواطن الصالح والواعي هو الذي يحمي بلده ويؤسس له ويبقى في بلده ولا يهاجر ولا يهرب.

وات // ولكن هذا لا يعني أن من هاجر ليس مواطنا صالحا ؟
ع . الوسلاتي // لا طبعا. هو مواطن صالح ولكن الذي اختار الهجرة من أجل مورد رزق أعتقد أنه في معظم الأحيان اختار العيش في رفاهية وهذا من حقه، ولكن في تقديري من اختاروا البقاء هم اختاروا الوطن، وهم يضحون من أجل بنائه والسعى إلى تغييره من أجل الأجيال القادمة.

وات // في حديثك عن الأجيال القادمة والوفاء للأجيال السابقة علمنا أنكم ستزرعون مكتبة قريبا باسم قامة من القامات التونسية ؟
ع. الوسلاتي // نعم نحن في مشروع زراعة المكتبات اخترنا التسميات الرمزية فقد أطلقنا على المكتبات أسماء كل من الصغير أولاد أحمد، ومحمود المسعدي ومحمد العريبي ولينا بن مهني وبشيرة بن مراد. والآن اخترنا إطلاق مكتبة باسم فاطمة حداد أستاذة الفلسفة وعميدة كلية 9 أفريل (كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس). وأردنا من خلال ذلك تكريمها أولا، وثانيا تمرير رسالة للمثقفين والفلاسفة والمفكرين وكل المبدعين ندعوهم فيها إلى العودة إلى الميدان لتغيير الواقع إذ يجب أن يتحول الوعي الموجود في الكتب إلى واقع وممارسة وفكرة للتغيير.

وات // وعمليا، ماهي أدوات التغيير ؟
ع. الوسلاتي // أدوات التغيير كثيرة، منها هذه المبادرات، فإطلاق اسم فاطمة الحداد على مكتبة في مدرسة ريفية بسيدي عرفة في معتمدية بوعرادة بولاية سليانة (يوم 4 ماي 2024)، مثلا سيدفع التلاميذ للتساؤل عنها والبحث عن كتبها ومسيرتها. مع العلم أن جمعية "مبدعون" ستتولى في اليوم ذاته تركيز مكتبة في الشارع أمام بلدية بوعرادة، لفائدة أهالي المنطقة بهدف تحفيزهم على القراءة، إيمانا بدور القراءة إرساء الوعي وبناء المجتمع.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 286647


babnet
All Radio in One    
*.*.*