ليلى طوبال في لقاء مع "وات": "اعتزلت الصعود على الركح ولم أعتزل فن المسرح وأساند قيس سعيّد بشدة"

سيكون تاريخ 13 أوت 2022 محفورا في ذاكرة الفنانة المسرحية ليلى طوبال التي خيّرت أن يكون موعد عرضها على ركح المسرح الروماني بقرطاج موعد آخر إطلالة لها على الركح، لتعتزل بعدها فن التمثيل، حيث قدمت مساء أمس عرضها الأخير "ياقوتة" على المسرح بعد مسيرة حافلة بالأعمال استمرّت حوالي 35 عاما.
وسجل هذا العرض "ياقوتة"، المدرج ضمن برمجة الدورة 56 لمهرجان قرطاج الدولي والذي تزامن مع الاحتفال بالعيد الوطني للمرأة التونسية الموافق ليوم 13 أوت من كل سنة، وهو تاريخ صدور مجلة الأحوال الشخصية سنة 1956، حضور وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي ووزيرة المراة والأسرة والطفولة وكبار السن آمال بلحاج موسى ووزيرة البيئة ليلى الشيخاوي، إلى جانب مجموعة هامة من النساء الناشطات في المجال الحقوقي وفي مجال الحرف اليدوية والفلاحة.
وسجل هذا العرض "ياقوتة"، المدرج ضمن برمجة الدورة 56 لمهرجان قرطاج الدولي والذي تزامن مع الاحتفال بالعيد الوطني للمرأة التونسية الموافق ليوم 13 أوت من كل سنة، وهو تاريخ صدور مجلة الأحوال الشخصية سنة 1956، حضور وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي ووزيرة المراة والأسرة والطفولة وكبار السن آمال بلحاج موسى ووزيرة البيئة ليلى الشيخاوي، إلى جانب مجموعة هامة من النساء الناشطات في المجال الحقوقي وفي مجال الحرف اليدوية والفلاحة.
ولئن لم تفصح ليلى طوبال عن أسباب هذا الاعتزال، فإنها أكدت في لقاء مع "وات" إثر العرض أن اعتزالها فن التمثيل لن يمنعها من مواصلة الكتابة المسرحية للمخرجين الشبان وتقديم ورشات تكوينية في فن الممثل. وقد اكتفت بالقول إن قرار هذا الاعتزال كان يراودها منذ سنة وأنها خيّرت أن يكون فراق خشبة المسرح عن حب.
وترى طوبال أن رسالة المرأة لم تكتمل بعد، فالعنف مازال مسلطا عليها والمشاكل مازالت قائمة. وذكرت أن الكتابة المسرحية لديها ليست نابعة من تخطيط مسبّق يتم التحضير له، قائلة في لقاء مع "وات" "أكتب بإحساس عميق عندما أشعر بالرغبة في الكتابة حول قضية ما". وتضيف: "عندما كتبت "سلوان" لم أتوقع أن تولد "حورية" ومن بعدها "ياقوتة"، إنها أعمال نابعة من المعيش اليومي".
أساند قيس سعيّد
ولم تخف ليلى طوبال مساندتها بشدة لرئيس الجمهورية قيس سعيد والتصويت بنعم على دستور 2022، رغم الانتقادات التي طالتها من ناشطين وناشطات في المجال الحقوقي. وقد عبّرت عن قناعتها بالتصويت على الدستور معتبرة أن الجدل الحاصل لا يتعلّق بمضمون الدستور بل بشخص قيس سعيّد في حد ذاته. وقالت: "أساند هذا الرجل لا لشيء إلا لأنه نظيف اليد ونواياه حسنة في إصلاح هذا البلد الذي نخره الفساد".
وانتقدت بشدّة الدعوات المحرّضة على التدخّل الأجنبي في تونس.
ونفت تلقيها أي عرض من أية جهة لتولي منصب سياسي، مؤكدة أنها ترفض بشدة المناصب السياسية داخل الدولة أو الانخراط في أحزاب سياسية. وقالت إنها تفضّل العمل السياسي من خلال العمل المسرحي.
ما حدث مع النهدي والعبدلي أمر مرفوض
وفي علاقة بحرية التعبير الفني، تؤمن ليلى طوبال بالحرية المطلقة التي تتجاوز كل الخطوط الحمراء. واعتبرت أن الإعلام كان قاسيا مع الأمين النهدي وأن ما حدث مع لطفي العبدلي في صفاقس أمر مرفوض.
وتذكر ليلى طوبال أنها تعرضت لمضايقات عديدة من طرف الأحزاب منها ماهو محسوب على الحداثة، حتى إن أحدها "خطّط مسبقا للدعوة لمقاطعة عروضي.
"ياقوتة": ثورة ركحية على الخطوط الحمراء للمجتمع والسياسة
وبعد عملها الموندرامي "حورية" (2017)، الذي خصّصته لمناهضة التشدد الديني والتكفير والإرهاب والدفاع عن حرية المرأة ومكتسباتها، يمكن اعتبار "ياقوتة" تتمة لـ "حورية" وما قبلهما "سلوان (2015) بما أن ليلى طوبال خصّصته للحديث عن فئات كثيرة من النساء مازالت حقوقهن مهضومة إلى اليوم ومازلن يتعرضن إلى شتى أنواع العنف إما باسم الأخلاق أو الدين أو السياسة، ولعل أبرزها العنف الجنسي والرمزي والنفسي والجسدي.
تدور أحداث مونودراما "ياقوتة" حول أم أنجبت بنتا خارج الأطر المتبعة في الزواج، فتهجر ابنتها مكرهة على ذلك ثم تحاول اللقاء بها بعد 24 سنة.
وخلال 90 دقيقة من العرض، انتفضت ليلى طوبال على الركح بقوة ضد الممارسات التي يتقيد بها المجتمع لإخراس كل صوت حر للمرأة ولكل ممارسة حرة لحقوقها الاجتماعية والثقافية والسياسية. فكانت الكلمات المنبعثة منها حبلى بالمعاني والرموز، تدعو فيها إلى التمرّد على "الخطوط الحمراء"، أبرزتها في العادات والتقاليد والدين والسياسة وتسلط النزعة الذكورية وغيرها من الأفكار التي تختزل دور المرأة في الجنس والإنجاب والاهتمام بالرجل.
ولئن كانت القضية المحورية لـ "ياقوتة" تدور حول الأمهات العازبات والإنجاب خارج أطر الزواج، فإن ليلى طوبال لم تفوّت في هذا العمل توثيق الأحداث المأساوية التي عرفتها البلاد خاصة خلال العشرية الأخيرة التي تلت الثورة، ومن ضمن هذه الأحداث وفاة متكررة لعاملات في ضيعات فلاحية بسبب انقلاب شاحنات تقلهنّ إلى العمل وكذلك حوادث اغتصاب وقتل تشغيل فتيات في عمر الزهور معينات منزلية والتحرش بالمرأة في وسائل النقل وفي أماكن العمل وغيرها من الحوادث واستغلالها في العلامات الإشهارية وفي رفع نسبة المشاهدة على القنوات التلفزيونية.
وعملت طوبال في "ياقوتة" على تكريم ضحايا العنف من النساء، إذ كلما استعرضت حادثة لضحايا العنف إلا أوقدت شمعة وفاء لأرواحهن، ليضاء الركح بالشموع رويدا رويدا مع نهاية العرض، وينقشع الظلام بنور الشموع، ولعله يكون رسالة أمل لانقشاع الظلم المسلط على المرأة.
وعلى ضوء هذه الشموع وما تحمله من آمال في غد أفضل، تُنهي ليلى طوبال عرضها بثورة على الواقع منشدة التغيير والتجديد. كما تنهي مسيرتها في مجال التمثيل بعد هذا العرض الأخير على ركح المسرح الروماني بقرطاج.
ولم تفوّت ليلى طوبال تخصيص الثلاثي زينب فرحات ولينا بن مهني والصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة بتكريم استثنائي، إذ علّقت صورهن في الممرّ الرئيسي المؤدي إلى مدرّجات المسرح. وأحاطت هذه الصور بالشموع والورود.
وقد تولت وزيرة الشؤون الثقافية الدكتورة حياة قطاط القرمازي تكريم ليلى طوبال إثر هذا العرض الختامي في مسيرة فنانة أثبتت منذ سنوات التزامها بقضايا الوطن والحريات.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 251329