: في ندوة علمية حول الإطار القانوني للقطاع السمعي البصري.. دعوة الى تجاوز الهنات في المرسوم 116 وحماية الهيئة القادمة من ضغوط الأحزاب واللوبيات

وات -
أجمع المشاركون في ندوة علمية حول "الإطار القانوني للقطاع السمعي البصري: الموجود والمنشود" المنعقدة اليوم الثلاثاء بدار المحامي بالعاصمة، على ضرورة الضغط في اتجاه تمرير مشروع القانون الذي تم إعداده بتشريك كافة الأطراف ذات العلاقة، والذي تبنته الكتلة الديمقراطية في مجلس نواب الشعب، باعتباره ينص على ضمانات لحماية القطاع من ضغط الأحزاب ولوبيات رجال الأعمال.
فقد اعتبر الأستاذ المبرز في القانون مصطفى بن لطيف، أن العديد من المبادرات القانونية المقدمة مؤخرا في مجال الإعلام فيها الكثير من الشد إلى الخلف والتهديد الواضح لمكتسبات حرية الإعلام بعد الثورة، ملاحظا أن الصراع مازال قائما بخصوص السيطرة على الإعلام وتطويعه لخدمة أطراف سياسية وذلك عبر المنظومة القانونية.
وذكّر بأن المرسومين 115 و116 رغم ما يتضمنانه من هنات ونقاط ضعف، كانا بمثابة البوصلة للقطاع الإعلامي الذي شهد الكثير من الفوضى والعشوائية بعد الثورة وخاصة الإعلام العمومي، معتبرا أن مشروع القانون الذي اقترحته كتلة ائتلاف الكرامة لتعديل المرسوم 116 فيه الكثير من الخطر على الحريات ويفتح المجال للاستثمار الأجنبي في الاعلام وحذف الإجازة كشرط أساسي لبعث قناة تلفزية أو إذاعية.
وقال إن مشروع القانون المتعلق بالقطاع السمعي البصري المعروض على لجنة الحقوق والحريات والعلاقاقات الخارجية في البرلمان، والذي كان ثمرة مشاورات وتشارك بين مختلف الأطراف ذات العلاقة، هو إجمالا مشروع متكامل ويضم الكثير من النقاط الإيجابية باعتباره نصا توافقيا، داعيا إلى الإسراع بالمصادقة عليه وقطع الطريق أمام التعديلات التي تسعى الحكومة لإدخالها على النص الأصلي الذي سحبته لإفساح المجال أمام مشروع كتلة ائتلاف الكرامة ومشروعها.
من جهته، لفت نقيب الصحفيين محمد ياسين الجلاصي، إلى أن السياق العام لإصدار المرسوم 116 يختلف تماما عن السياق الذي يتم فيه اليوم مناقشة مشروع القانون الذي سينقح المرسوم، ذلك أن الهاجس الرئيسي بعد الثورة كان حذف العقوبة السجنية على العاملين في القطاع والحصول على أكبر قدر من الحريات وضماناتها، مشيرا إلى أن الهيئات التعديلية والهياكل المهنية لقطاع الصحافة راكمت تجربة هامة بعد مرور عشر سنوات جعلت الهاجس الرئيسي اليوم الحفاظ على المكتسبات والوقوف سدا منيعا أمام كل المحاولات للرجوع إلى الوراء وتطويع الإعلام لخدمة اللوبيات السياسية والمالية.
ونبه بدوره إلى المخاطر والتهديدات القائمة إذا ما تم تمرير التعديلات التي ترغب حكومة هشام المشيشي في إدخالها على مشروع القانون الجديد لقطاع الإعلام السمعي البصري، على غرار تحديد نسبة الحصص للمستثمر الأجنبي في المؤسسات الإعلامية، مؤكدا ضرورة ألا تتجاوز هذه النسبة الثلاثين في المائة حتى لا تكون للمستثمر صلاحية التدخل في الخط التحريري.
كما بين أن تجاوز الهنات في عمل الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري كان من أهم الهواجس عند صياغة مشروع القانون الجديد، مذكرا في هذا الصددن بأن المخالفات التي أصدرتها "الهايكا" لم تكن رادعة بالقدر الكافي، وأن المرسوم لم يتضمن الضمانات الكافية لذلك، مما مكن العديد من المؤسسات الإعلامية الخاصة من ايجاد طرق مختلفة للالتفاف حول القانون وعدم تنفيذ المخالفات والأحكام المسلطة عليها.
ولاحظ أن الوضع السياسي كرس بدوره مسألة إفلات وسائل الإعلام من العقاب، من ذلك وجود ثلاث قنوات خارجة عن القانون ولأصحابها كتل نيابية كبيرة في البرلمان، معتبرا أن المبادرات الأخيرة لتعديل مشروع القانون تهدف إلى التشريع لهذه القنوات التي فيها قرارات غلق وشبهات تبييض الأموال ومخالفات عديدة .
كما أكد الجلاصي، أن الأهم في مشروع القانون الجديد هو السلطة الترتيبية التي ترى الحكومة أنها بالضرورة من اختصاص رئيس الحكومة، والحال أن الدستور يسند السلطة الترتيبية لهيئة الاتصال السمعي البصري الدستورية، معتبرا أن تمرير هذا التعديل فيه ضرب لاستقلالية الهيئة ومحاولة واضحة لتقييد صلاحياتها .
وأبرز من جهة أخرى، ضرورة الحسم في مسألة تمويل القنوات التلفزية، مبينا أنه وإلى حد اليوم هناك قنوات تتلقى تمويلات ضخمة ممولها مجهول، وأن البنك المركزي يجب أن يتدخل ويحدد الجهات التي تقف وراء دخول مبالغ هامة لتمويل هذه المؤسسات الإعلامية.
أما عميد المحامين إبراهيم بودربالة، فقد أشار إلى وجود مخاطر من أن تؤثر قوى اجنبية مالية وسياسية على الرأي العام وتوجهه ضد مصلحة الوطن، إذا ما تم فتح الباب أمام سيطرة الاستثمار الأجنبي على القطاع السمعي البصري من خلال سن قانون في هذا الإتجاه ، مشددا على ضرورة أن ينص القانون الجديد للاتصال السمعي البصري على ضوابط تحد من إمكانية تمركز جهات لا تخدم مصلحة البلاد في وسائل الاعلام الوطنية .
ومن بين المقترحات التي ستقدمها عمادة المحامين لرئاسة الحكومة، في إطار الاستشارة التي أطلقتها حول تعديل مشروع القانون المتعلق بالاتصال السمعي البصري، مراقبة التمويل الأجنبي ومراقبة مضامين وسائل الإعلام التي يمكن أن توجه الرأي العام بصفة سلبية، وضرورة مراقبة مسألة منح الإجازة لفتح قناة إذاعية أو تلفزية.
وطرحت المحامية نهى الخضراوي، موضوع شرعية "الهايكا"، مبينة أنه بالرجوع الى الفصل 127 من الدستور فإن أعضاء هذه الهيئة يمارسون مهامهم لمدة ست سنوات غير قابلة للتجديد، كما أن الفصل 148 من الأحكام الانتقالية للدستور تقر مواصلة الهيئة لمهامها الى حين انتخاب الهيئة الجديدة دون التطرق الى الأعضاء ، مقترحة تغيير رئيس الهيئة بأمر وتعيين أعضاء جدد بطريقة سد الشغور.
يذكر أن هذا اللقاء قد تم تنظيمه بمبادرة من مركز الشمال للدراسات والبحوث والتوثيق للمحامين، تحت اشراف الهيئة الوطنية للمحامين بتونس.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 215645