هشام العجبوني: الشركات الأهلية إهدار للمال العام .. لن تنجح ولن تغير الاقتصاد التونسي”

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/6916335258a6d9.24758987_kjilgfphenqom.jpg width=100 align=left border=0>


اعتبر الخبير المحاسب هشام العجبوني أنّ تجربة الشركات الأهلية تمثل “إهدارًا للمال العام” ولن تكون قادرة على تغيير الواقع الاقتصادي التونسي، وفق تقديره.

وأوضح العجبوني، خلال حضوره في برنامج إيكوماغ على إذاعة إكسبراس أف أم، أنّ هذه الشركات تتمتع بعديد الامتيازات لكنها عاجزة عن بعث مشاريع ذات قيمة مضافة عالية، مضيفًا أنّ النسيج الاقتصادي الرسمي يضم مئات الآلاف من المؤسسات التي تم إقصاؤها من الدعم الموجه للشركات الأهلية (حوالي 200 شركة فقط)، معتبرًا ذلك شكلًا من التمييز بين الفاعلين الاقتصاديين.





وشدّد على أنّ نجاح الاستثمار يتطلب رؤية واضحة وإصلاحات عميقة، مؤكدًا أنّه “لا يمكن تحقيق النمو عبر الشركات الأهلية التي لن تخلق الثروة ولا القيمة المضافة”. ولفت إلى أنّ الضغط الجبائي في تونس يبلغ نحو 25.4 بالمائة، وهو الأعلى في إفريقيا، في ظلّ غياب خدمات عمومية بالجودة المطلوبة.

وبيّن أنّ الخطايا المالية المنتظر جمعها في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2026 تناهز 600 مليون دينار، مشيرًا إلى وجود إجراءات جبائية كان لها انعكاس سلبي على النشاط الاقتصادي، مع تحذيره من انعكاسات تضخمية نتيجة اقتراض البنك المركزي لفائدة الحكومة لتغطية النفقات العمومية.

كما لاحظ أنّ ميزانيتي وزارتي الداخلية والدفاع تقدّران بـ 11.2 مليار دينار، وهي قيمة تفوق مجموع ميزانيتي وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي.


“الوضع الاقتصادي يشهد أزمة خانقة”

وأكد هشام العجبوني أنّ الاقتصاد التونسي يعيش أزمة خانقة، تتسم بـ نسبة تضخّم مرتفعة ونمو ضعيف، وهو ما يصنف في خانة الركود التضخمي المستمر منذ سنوات، إلى جانب تأثيرات الصدمات الخارجية.

وأشار إلى أنّ 14 بالمائة فقط من ميزانية الدعم تم صرفها، لافتًا إلى أنّ نسبة التضخم المحسوسة من قبل المواطن أعلى مما يعلنه المعهد الوطني للإحصاء، وأنّ الخلل بين العرض والطلب ومنظومات الإنتاج لا يزال قائماً لغياب الإصلاحات.

وأوضح أن قانون المالية لا يمكن أن يعوّض الإصلاحات الهيكلية الكبرى، مثل إصلاح المنشآت العمومية والإدارة والجباية وقانون الصرف، مبيّنًا أنّ مناخ الاستثمار مازال غير محفّز في ظلّ تراجع عامل الثقة.

وتحدث عن مخطط التنمية 2026-2030، ملاحظًا أنه تم إعداد مشروع قانون المالية قبل استكمال المخطط، مشيرًا إلى أنّ تونس لم تستعد بعد نسبة الناتج المحلي الإجمالي لما قبل جائحة كوفيد-19.

ووفق تقديرات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فإن معدل النمو المتوقع بين 2025 و2029 لن يتجاوز 1.4 بالمائة، وهو معدل لا يتيح خلق الثروة أو فرص التشغيل، في ظل استمرار ما وصفه بـ “السياسات الترقيعية”.

وأكد أنّ الإنفاق العمومي يوجَّه أساسًا إلى شراء السلم الاجتماعي وتمويل النفقات ذات الطابع الاجتماعي دون تحريك محركات الاقتصاد، مشيرًا إلى أنه “لا يمكن بناء دولة اجتماعية دون تحقيق نمو اقتصادي وخلق الثروة”.



تراجع الاستثمار وضعف الرؤية الاقتصادية

وبيّن العجبوني أنّ معدل الاستثمار لم يتطور منذ سنة 2011، موضحًا أنّ المعدل العالمي للاستثمار يبلغ 26 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما لا يتجاوز في تونس 15.4 بالمائة سنة 2025، مع توقع ارتفاع طفيف إلى 16 بالمائة سنة 2026.

وأضاف أنّ صندوق النقد الدولي يتوقع تراجع هذه النسبة إلى أقل من 10 بالمائة سنة 2029، وهو ما وصفه بـ “الخطر الكبير”، داعيًا إلى إعطاء الأولوية للقطاعين الصناعي والفلاحي باعتبارهما محركين أساسيين للنمو.

واعتبر أنّ مشروع قانون المالية 2026 يفتقر إلى رؤية اقتصادية واضحة ويتعارض مع الواقع، مشيرًا إلى أن الدولة تخلت سنة 2024 عن مداخيل جبائية تقدر بـ7 مليارات دينار دون تقييم جدواها أو انعكاسها، رغم أنها تفوق نفقات الاستثمار العمومي.

وشدّد على أهمية ثقافة التقييم، كاشفًا أنه منذ سنة 2011 تم اتخاذ 1000 إجراء جبائي دون دراسة انعكاساتها، مؤكدًا أنّ المالية العمومية هي نتيجة وليست سببًا، وأن معالجة الانخرام تتطلب إصلاحًا هيكليًا شاملًا.

وأضاف أنّ “الاقتصاد التونسي يحتاج إلى ثورة حقيقية”، مشددًا على أنّ الدولة الاجتماعية تقوم على تمكين المواطن اقتصاديًا لا على تأبيد الفقر.

ودعا إلى اعتماد المصعد الاجتماعي والتكوين المهني للشباب والحد من الانقطاع المدرسي كآليات أساسية للتنمية.

واعتبر أنّ الإجراءات المعلنة في مشروع قانون المالية متواضعة مقارنة بحجم التحديات، مشيرًا إلى أنّ خط تمويل بـ10 ملايين دينار للفلاحين يعدّ غير كافٍ.

كما تطرق إلى تراجع جودة الخدمات العمومية في قطاعات النقل والصحة والتعليم مقارنة بالقطاع الخاص، مشددًا على ضرورة ضمان مستوى خدمات لائق لجميع المواطنين.

وفي ختام حديثه، توجّه هشام العجبوني إلى رئيس الجمهورية قيس سعيّد قائلًا إنّ “الوضع الاقتصادي في تونس يعيش أزمة خانقة”، مبرزًا وجود صلة مباشرة بين المناخ الديمقراطي والمؤسساتي وبين خلق الثروة والنمو الاقتصادي والرفاه الاجتماعي.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 318430


babnet
*.*.*