الصراع يحتدم على أبواب الجزائر..!

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5fe9f150639d26.90479331_pqkjhenlgifmo.jpg width=100 align=left border=0>


نصرالدّين السويلمي

تمكّنت الجزائر من فتح مصنع في تركيا يتبع المؤسّسة الأكبر في البلاد سوناطراك، كما سبق ووقعت عقودا ضخمة مع أنقرة لاستيراد الغاز الجزائري، في محاولة لإحداث التوازن التجاري بين البلدين، ففي الجزائر تعمل 1200 شركة تركيّة، فيما الاستثمارات الجزائرية مازالت بعيدة عن احداث التوازن. رغم ذلك يبقى العرض الذي وصل إلى تركيا وتجاوب معه أردوغان بوضوح هو الأضخم في تاريخ العلاقات بين البلدين، الأمر يتعلّق باتفاقيّة التجارةالحرّة التي ستكون في غاية الأهميّة خاصّة بعد التحاق الجزائر رسميّا بمنطقة التبادل الحر الأفريقيّة ابتداء من غرّة جانفي 2021.

...

دخول الجزائر لمنطقة التبادل الحرّ يعني الإلغاء المرحلي للجمارك وصولا إلى نسبة 90% بين الدول التي وقّعت على الاتفاقيّة، ثمّ أنّ الجزائر ستكون بصدد سوق ضخمة تتكوّن من 1،2 مليار نسمة، ومبادلات تجارية تقدّر بــ 3 تريليون دولار.. كلّ هذا دفع صنّاع القرار في البلاد إلى البحث عن شريك من خارج المنطقة الحرّة يمكنه المساعدة في رفع تحديات بتلك الضخامة.

لا شكّ أنّ تركيا ستتجاوب مع العرض وتقتحم التجربة دون تردّد لثقتها في قدرتها التنافسيّة، وتنفيذا لمخطّطها الذي يهدف إلى رفع التبادل التجاري مع القارّة السمراء من 26 مليار دولار إلى 50 مليار دولار، وليقينها أنّ الصادرات التركيّة ستتدفّق على الجزائر بكثافة رهيبة ثمّ تتمّ "جزأرتها" ومن ثمّ إقحامها في مبادلات المنطقة الحرّة، والأكيد أنّ وصول البلدين إلى اتفاق في هذا الصدد سيفتح آفاقا رهيبة للسلع التركيّة، بينما تبقى استفادة الجزائر محدودة ومربوطة بعوامل اخرى.

لكن الجزائر لا تقترح نفسها كوسيط بل كشريك، وترغب في دخول مؤسّساتها في شراكة مع المؤسّسات التركيّة حتى تساعدها في اقتحام الأسواق الأفريقيّة، وهذا ما أكّده وألحّ عليه الوزير المنتدب المكلّف بالتجارة الخارجيّة عيسى بكاي في لقائه الأخير مع سفيرة تركيا في الجزائر ماهينور أزدمير غوكطاش، وشدّد الوزيرعلى مطلب الشركات المختلطة، كما تسعى الجزائر الى ربط الاقتصادي بالسياسي، عبر رغبتها في الحصول على موقف تركي مؤيّد لقضيّة الصحراء الغربيّة وحقّ تقرير المصير وفق الرؤية الجزائريّة، وليس أقل من موقف يتمسّك بالوضع القديم.

الواضح أنّ البلدان على بعد خطوات من توقيع اتفاقيّة تجارة حرّة، يبقى السؤال هل ستكون الجزائر معبرا للسلع التركيّة نحو أفريقيا مقابل عائدات وعمولات، أم أنّها ستضغط باتجاه تسهيلات لصالح تركيا مقابل استقدام الخبرات التركيّة التي ستؤهّل الاقتصاد الجزائري إلى مرتبة فاعل إيجابي في الجزائر ثم في منطقة التجارة الحرّة الأفريقيّة؟!.

*أهمّ الرسائل التي وصلت من هنا وهناك

طالبت الجزائر تركيا بنوعيّة جديدة من العلاقات التجاريّة الاقتصاديّة تختلف عن تلك التي ربطتها لعقود مع فرنسا والصين وألمانيا وغيرها من الدول، تسعى الجزائر إلى اكتساب الخبرات عبر شرَاكات جدّية تحتك من خلالها الشركات المحليّة مع الشركات التركيّة لاكتساب الخبرات والمهارات، وإذا ما وافقت تركيا على شراكة "تربح واربح" فإنّ التواجد الفرنسي في الجزائر سيشهد أكبر انتكاسة منذ 5 جويلية 1962 تاريخ استقلال الجزائر، وستدخل تركيا بثقلها في كلّ المناحي -تجاريّة صناعيّة فلاحيّة عسكريّة-، على أساس الشراكة وليس على أساس تدفّق السلع أو الاستثمارات المغلقة.

المطلب الجزائري ردّت عليه تركيا بإيجابيّة لكنّها اشترطت جملة من الخطوات لا بدّ للجزائر أن تنجزها، ليس أقلها إصلاحات هيكليّة في الإدارة وفي النظام البنكي وفي سائر المعاملات وايجاد حلول ناجعة لداء البيروقراطية، وإذا ما تعهّدت الجزائر بذلك فإنّ الاتفاق الذي من المنتظر أن يوقّعه الرئيس الجزائري في أنقرة خلال الزيارة المرتقبة، ذلك الاتفاق سيتحوّل إلى زلزال يضرب باريس قد تتجاوز قوته 9 درجات على سلم ريختر.

تدرك باريس أنّ أنقرة أصبحت تطاردها في شمال أفريقيا كما في مالي والنيجر وغيرها من دول أفريقيا، ولعلّ خلاصة الصراع الفرنسي التركي اختصره الرئيس أردوغان في عبارة "العالم أكبر من الخمسة" في إشارة إلى الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.

تلك رغبة تركيّة جزائريّة تتحرك نحو الانجاز، لكن يجب الأخذ في الحسبان أنّ فرنسا لا يمكن أن تلتزم الصمت أمام التمدّد التركي في أفريقيا وخاصّة في معقلها التاريخي "الجزائر"، حتى أنّ ماكرون ومن باب الهوس بالتحرّكات التركيّة بادر مباشرة بمهاتفة تبون بعد مكالمة الرئيس التركي بسويعات تقل، وذلك يوم السبت 19 ديسمبر الجاري، في إصرار من باريس على عدم التفريط في أكبر شريك أفريقي مقابل إصرار أنقرة على وضع حدّ لتلك الشراكة وإقحام تركيا كبديل بشروط أفضل وبمنافع مشتركة وبقواسم أكثر من مشتركة.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


4 de 4 commentaires pour l'article 217735

Oceanus  (Tunisia)  |Lundi 28 Decembre 2020 à 22h 50m |           
La turquie progresse mais la france est beaucoup plus avance que la turquie

MedTunisie  (Nigeria)  |Lundi 28 Decembre 2020 à 20h 29m |           
تونس تبق تحت الوصاية الفرنسية و استعمار الاتحاد الذي يريد ان يبق الحاكم الفعلى و المخرب لتونس

Slimene  (France)  |Lundi 28 Decembre 2020 à 20h 22m |           
@Sarramba.Le poids économique de la Turquie est léger par rapport à celui de la France et ce dans tous les domaines.Renault,Danone,Lactalis,Lair Liquide,Schlumberger,Airbus,Sanofi,Suez ,Engie et autres n'ont pas d"équivalents en Turquie

Sarramba  (Tunisia)  |Lundi 28 Decembre 2020 à 19h 48m |           
انذار و نصيحة للاخوة في الجزائر: اخواننا الأتراك يعملون بنجاعة و جديّة وانتاجيّة وجودة في مستوا رفيع جدا يضاهي مستوى العالم المتحضّر والمنضّم والفعّال... ولهاذا الاحتكاك معهم سيكون صعبا جدا لليد العاملة والادارة الجزائرية، نفس الشيء لتونس، نحتاج معا الى عشراة السّنين لكي نقترب من مستوى تركيا و هذا على شرط أن نبدأ الأمس في تغيير غقليتنا، لأن غدا سيفوتنا الوقت


babnet
All Radio in One    
*.*.*