حقيقة الفيروس التاجي المسبب لمرض Covid-19 ومراحل انتشاره في جسم الإنسان

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5e6730dfc7e0b8.39205852_jolkhqimgenpf.jpg width=100 align=left border=0>


د. محمد هادي الحمداوي (*)

تتقدم المعرفة حول ماهية الفيروس التاجي SARS-Cov-2 المسبب لمرض Covid-19 بسرعة فائقة، وذلك نتيجة استشعارعلماء الطب والأحياء بأن العدوى بفيروس كورونا يمثل خطرا وجوديا على الإنسان باعتباره محور الحياة وكذلك على الكائنات الحية الأخرى.
وفي هذا السياق، فقد انكب الباحثون على التدقيق في معرفة الآليات الفيروسية الرئيسية التي يستعملها SARS-Cov-2 في الهجوم على خلايا الجهاز التنفسي عند الإنسان والتكاثر فيها ثم تدميرها وهذه المعرفة تنقسم إلى أربعة مراحل:
...





المرحلة الأولى من الآلية

من المعروف سلفا لدى العلماء، أن الفيروس التاجي SARS-Cov-2 مثل الفيروسات السابقة SARS و MERS المنتمين لنفس العائلة ، يتميز بتاجه المسمى بروتين "سبايك" أو S"" وهو نظريا يشبه المسمار وهذا البروتين هو الذي أكسبه اسم الفيروس التاجي. وكمثل سابقاته فإن هذا النوع من الفيروسات يستخدم خلايا الجهاز التنفسي في كل ما يحتاجه من طاقة وآليات اتصال وغيرها للتوالد والتكاثر فيها. ولكن قبل ذلك يجب عليه أن يخضع إلى مرحلة تمهيدية تستوجب نوعا من التنشيط ، ليدخل فيما بعد إلى الخلية. ومن أجل ذلك يقوم نوع من الإنزيمات (محفز للتفاعلات الكيميائية داخل الجسم) واسمه العلمي البروتياز ((Protéase وهو بمثابة المقص، بقطع جزيآت من بروتين سبايك S لتنشيطه وجعله أكثر فاعلية، وعليه فإن الكثير من البحوث حاليا تبحث في تحديد ماهية هذا البروتياز عند الإنسان ، إذ بمعرفته يمكن للعلماء أن يكتشفوا المركب الدوائي الأنسب لتثبيط وتعطيل فاعليته وبذلك لن يتمكن فيروس SARS-Cov-2 من دخول الخلايا . وهناك مجموعة من الاختبارات تجرى حاليا عن مركبات دوائية استعملت سابقا لعلاج أوبئة أخرى، ومن بينها مركب اسمه ""Camostat الذي أظهر فاعلية لا بأس بها في منع هذا الفيروس من دخول الخلايا.


المرحلة الثانية من الآلية :

بمجرد انهاء عملية تنشيط بروتين سبايكS ، سيتم تثبيته على جزئ الاستقبال الموجود على سطح خلايا الجسم وبالخصوص خلايا الجهاز التنفسي وهذا الجزيء يسمى ACE2 والذي يستعمله الجسم أيضا في تنظيم ضغط الدم، ونتيجة لذلك يقوم المركب المستحدث " SARS-Cov2 + بروتين سبايكS نشط + ACE2" بربط الفيروس بالخلية وبذلك يكون دور بروتين سبايك قد سهل الاندماج بين الغلاف الفيروسي وغلاف الخلية وهذه العملية في غاية من الدقة نظرًا لأن SARS-Cov2 يحتوي على غشاء دهني وعليه دمجه بغشاء الخلية لكي يتم الدخول ، وبعد الالتحام يتم قطع بروتين سبايك عن طريق بروتياز ثان لا ندري هل هو نفس البروتياز الأول أم من نوع آخر، فالأبحاث بهدف التمييز بين الاثنين تحرز تقدما جيدا . وهذه الآلية تشمل أيضًا مدى ملاءمة التغييرات التي تقع على الرقم الهيدروجينيPH)) داخل الخلية الذي يعتبرمحددا آخر لقدرة الفيروس على التوالد والتزايد بسرعة داخل الخلية . وفي هذا الإطار فإن دواء الكلوروكين المضاد للملاريا الذي تم الترويج له كعلاج لـ Covid-19 من قبل البروفيسور Didier Raoult يلعب دورا محوريا في مدى ملاءمة الرقم الهيدروجينيPH) ) للفيروس داخل الخلية .


المرحلة الثالثة من الآلية :

أثناء تواجده داخل الخلية ، يطلق فيروس SARS-Cov-2 جيناته المتمثلة في الحمض النووي الريبي (حمض الريبونوكليكARN ou RNA=Acide ribonucléique ) حينئذ يقوم نظام أنزيم الفيروس المسمى ARN Polymérase; polymerase RNA وهو واحد من 16 بروتينًا موجودًا في الفيروس بنسخ الحمض النووي الريبي الجينيRNA إلى حمض نووي ريبي وسيط mRNA الذي سيشفر لاحقًا لتكوين بروتينات الفيروس وبذلك يكتمل تشكيل جزيئات فيروسية جديدة.

وعلى هذا الأساس، فإن الاستراتيجية الكلاسيكية المضادة للفيروسات تقوم على تعطيل تكاثر نسخ الحمض النووي الريبي الفيروسي RNA وذلك بإدخال بعض نظائر "النيوكليوتيدات "Nucléotide الاصطناعية عليه أثناء عملية التكرار (réplication) فتحدث خطئا في عملية النسخ يأدي بدوره الى إيقاف العملية برمتها. غير أن الفيروس SARS-Cov-2 المستجد الذي سبب مرض COVID-19 يعتبر من الفيروسات الشاذة عن هذه القاعدة لما لديه من آليات تمكنه من تصحيح نسخ جيناته وحمايتها من أي دخيل عليها، ومن بينها امتلاكه لأنزيم يسمى نوكلياز "Nucléase " ، وهو قادر على القضاء على معظم نظائر النوكليوتيدات Nucléotides الموجهة لمنع النسخ المتماثل للجين. وعليه فإن اكتشاف مثبط لهذا النوكليازNucléase ، سيكون ذا قيمة علمية وعلاجية كبيرة للتغلب بشكل فعال على SARS-Cov-2. فعلى سبيل المثال ، توجد الآن عدة محاولات لتطوير مركب دوائي معروف اسمه Remdesivir لكب جماح هذا Nucléase إذ يعتبر من أكثر المركبات الواعدة المستخدمة حاليًا لمحاربة COVID-19 ، نظرًا لأنه سريع الهروب من يقظة النوكليازNucléase وبذلك يتمكن من اختراق جينوم RNA الفيروسي ويبطل مفعوله. ومن أجل ذلك يخضع هذا المركب الدوائي وغيره حاليا إلى تجارب إكلينيكية لتقييم فعاليته ، لا سيما في إطار التجارب السريرية التي تجرى حاليا على المستوى الأوروبي.




المرحلة الرابعة من الآلية : بمجرد أن يقوم الفيروس بتجميع الحمض النووي الريبي الخاص به بعد التكرار داخل خلية الجهاز التنفسي، سوف يستفيد من الآليات الموجودة ويستخدمها في تكوين وتجميع البروتينات الهيكلية والوظيفية في مركب بروتيني مع الحمض النووي الريبي ويسمى هذا المركب " "Polypeptides ثم يقوم أخيرا نوع آخر من أنزيم البروتياز الفيروسي Protéase بفك الارتباطات البروتينية للفيروس مع الخلية ودفعها الى الخارج بعد تدمير هذه الأخيرة .

وخلاصة القول أن البحث المستمر أمر بالغ الأهمية وخاصةً أنه من الممكن أن يتكرر ظهور السارس SARS-Cov-2 بشكل موسمي مثل الإنفلونزا وستكون العلاجات واللقاحات الفعالة ضرورية لحماية السكان على المدى الطويل خاصة وأن SARS-Cov-2 هو ثالث فيروس تاجي يظهر في أقل من عشرين عامًا وكلها شديدة الفتك تصاعديا لذا من الأهمية بمكان أن يتم الاستعداد خاصة على مستوى البحث واللوجستيك للتغلب على أي SARS-Cov مستقبلا .

---------------------------
د. محمد هادي الحمداوي أستاذ تعليم عال باحث ، اختصاص فيزيولوجيا التغذية ، المدرسة العليا لعلوم وتقنيات الصحة بتونس، جامعة تونس المنار



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


2 de 2 commentaires pour l'article 201761

Hassen  (Tunisia)  |Samedi 18 Avril 2020 à 15h 31m |           
Sob7an ALLAH

c'est tout un monde

_anis  ()  |Samedi 18 Avril 2020 à 14h 48m |           
شكرا للدكتور على هذا التفسير العلمي الدقيق و خاصة على الالحرص على تعريب المصطلحات العلمية


babnet
All Radio in One    
*.*.*