بنقردان.. الزيارة التي قلبت المعادلة وسحبت الرخصة !

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5c911f184a2e16.06286285_eqlnhipmgokjf.jpg width=100 align=left border=0>


نصرالدين السويلمي

في وقت حاسم من عمر السجال السياسي وعلى مشارف انتخابات أكثر من مهمة، تنجح النهضة في الالتحام بجماهير بنقردان و يلقَى الغنوشي الترحاب الواسع شعبيا ورسميا، بينما الارتباك والحيرة تصيب خصومه! ليس في الأمر غرابة، فبقدر الصدمة يكون رد الفعل، والصدمة أكبر من المتوقع، فمن كان يراهن على ملف الإرهاب لتدمير النهضة او حلها او تشويهها او تقليص شعبيتها، وجدها تعود الى استعراض قوتها في الشارع من باب المعركة مع الارهاب، من بنقردان وبمناسبة ملحمتها! بالنسبة اليهم كمراهنين على رمي النهضة بالإرهاب ومداومين على ذلك منذ 8 سنوات، فان احتفال النهضة بملحمة بن قردان وتجاوب الشارع البنقرداني معها يعد أكثر "كارثية" من زيارة النهضة للصين واحتفاء بكين بزعيمها! وان كانت الشيوعية الصينية نغصت على الشيوعية التونسية وطفيلياتها باستقبال الفكرة الوطنية والانسجام معها، فان بنقردان أو المدينة المضادة للإرهاب زلزلت تجار الإرهاب، وسحبت رخصهم وقلبت معادلاتهم، كارثة بالنسبة للتجار المختصين في القطاع الإرهابي ان يسكبوا كل تلك الدموع "المُتمْسحة"، ويحدثوا كل ذلك الرغاء المصطنع، ويقدموا أنفسهم كحماة والنهضة كجانية، ثم تنشّط الحركة تظاهرة شعبية ضخمة في المدينة المضادة للإرهاب، بمناسبة انتصارها على الارهاب، داخل فضاء في حجم ملعب كرة القدم، فيما فشل خصومها أصحاب الرخصة الارهاباوية، في تنشيط تظاهرة في قاعة محدودة الاستيعاب! تلك حقيقة مفزعة غير انها اتت في شكل الدواء المر، فالحزب او الاحزاب العاقلة يمكن ان تستفيد من هذه النكسة، وتجعلها محطة للقطع مع ممارسة البلطجة السياسية والانصراف الى ممارسة العمل السياسي.





هنا وهناك، في بنقردان كما في الصين، الامر اكثر من عادي لأنه جاء ثمرة لعمل طويل وصبور، المشكلة في ذهن الذين كذبوا على أنفسهم حين صدقوا ان الوقت والمال والمجهود الكبير الطويل الذي صرفوه طوال سنوات لربط النهضة بالإرهاب، سيحولها الى ماركة ارهابية، وفي الحقيقة ما كان لذلك ان يثمر لأن الشعوب الذكية لا تهضم الاساليب الحقيرة خاصة اذا صدرت عن جهات حقيرة.. ليست مفاجئة تلك الهجمة وبذلك الزخم تجاه زيارة الغنوشي الى بنقردان، فالرجل بالغ في استفزاز ارباب فزاعة الإرهاب، وترك كل الشخصيات و الأحزاب والجبهات التي بحت حناجرها وحناجر منابرها الإعلامية من فرط ترديد الشعارات التي تقرن النهضة وزعيمها بالإرهاب، تركهم في العاصمة يمارسون الروتين البيروقراطي، ثم ذهب الى بنقردان التي صنعت ملحمة التصدي للإرهاب ليحتفل معها بمناسبة الانتصار على الارهاب، أين اجتمعت اليه الآلاف، فكانت الصورة التي ارهبت صناع فزاعة الإرهاب.

راهنوا على ثقافة اللاّدولة، فانحازت النهضة الى الدولة، راهنوا على العنف فبالغت في السلام حتى نعتها بعض أنصارها بالاستسلام، راهنوا على قطيعتها للمشهد الحزبي، فعبرت عن استعدادها للتفاعل مع الجميع، من يساريهم الى يمينهم مرورا بمختلف تشكيلاتهم، راهنوا على جفوة بينها وبين المرأة، فأهدت للمجلس التأسيسي غالبية نائباته، كما راهنوا على خصومة بينها وبين النساء الغير محجبات، فقدمت الحركة سيدة غير محجبة لتفكك تقاليد شيخ المدينة، الرجل بالضرورة والبلدي بقوة التقاليد وفعل الزمن، الذي احتكر المنصب لأكثر من 150 سنة، فكانت امرأة غير محجبة وغير بلدية.. راهنوا على فزاعة يهود جربة، فاستقبل كبير حاخاماتهم الغنوشي، قبل ذلك كان يهود الجزيرة قد صوتوا للنهضة، ليس كحركة ذات مرجعية إسلامية، ولكن كحزب تستأمنه الأسرة التونسية على تماسكها، وتستامنه الفطرة اليهودية المسيحية الاسلامية البشرية على صيرورتها، كما يستأمنه الذوق والاصالة وجذور هذه البلاد ومشاربها..

لم تكن زيارة بنقردان تقليدية، كانت مفعمة بالدلالات، قامت المدينة المضادة للإرهاب بتكريم حركة النهضة، كذب فيها يهود تونس الفزاعة الواهية، ثم كانت نتيجتها، حالة من الإفلاس الحاد في التعلات و المآخذ على النهضة وزعيمها، قاموا برصد دقيق لحركات الرجل وسكناته، راقبوا جيدا، دققوا، وعندما حل المساء، وفتحوا موائدهم المستديرة وجهزوا اعلامهم، لم يجدوا العلفة!! لقد تعلمت النهضة من هجمات السنوات الطويلة، وأصبحت دقيقة في تحركاتها، في تصريحاتها، في علاقاتها، تدرك جيدا أنها باستمرار تحت نيرانهم، ولما لم يجدوا ما يؤثثون به هجمتهم، عكفوا على تصريح الغنوشي"النهضة لا تحتاج الى حملة انتخابية في الجنوب"، واعملوا معاولهم ومشارطهم واظافرهم وانيابهم.. طوعوا التصريح ، نخروه، نخلوه ، هجنوه، خصبوه.. ثم ولما فشلوا في التمعش بعائداته، اكثروا من الشرب وناموا ليلتهم.. لعل الصباح يجود عليهم بخطأ نهضاوي، يكون وليمة يتحلقون حولها، فأغلب عيال السياسة في تونس كأشعب البدوي، لا يصنع الولائم وانما يتطفل عليها.


Comments


6 de 6 commentaires pour l'article 179018

Sarih  (Tunisia)  |Mercredi 20 Mars 2019 à 09:30           
مقال رائع سويلمي

Zeitounien  (Tunisia)  |Mardi 19 Mars 2019 à 21:03           
النصر للإسلام وللمسلمين.

Chebbonatome  (Tunisia)  |Mardi 19 Mars 2019 à 19:57           
حسب موازين القوى المحليّة و الدولية و حسب المخطط الاستئصالي فالاسلاميون مفروض انهم في السجون
و سيلبسون قضايا ما انزل الله بها من سلطان و ملف غرفة العمليات السريّة جاهزة لهذا الموضوع
و البقرة كيف تطيح تكثر سكاكنها
و الناس يشحذون سكاكينهم في انتظار سقوطها و هي مثل العلقة مازالت متعلقة
بقاء النهضة حول السلطة هو الذي انقذها من هذا المصير
هذا ما اتصوّر و لكم سديد النظر

BenMoussa  (Tunisia)  |Mardi 19 Mars 2019 à 19:30           
شكرا نصر الدين نصر الله بك دينه وجعلنا واياك على المحجة البيضاء

MOUSALIM  (Tunisia)  |Mardi 19 Mars 2019 à 19:19           
فعلا الأمر محير بصراحة فرغم القصف بدون هوادة على النهضة من كل الجبهات بمساندة رسمية من رئيس الدولة فالنهضة تحصد النجاح يوما بعد يوم أمام فريق النافورة الذي خسر معاقله وأهمها رئاسة بلدية العاصمة وهزيمة ألمانيا . والخشية كل الخشية من أن يخسر فريق النافورة المليون مرا .

Fessi425  (Tunisia)  |Mardi 19 Mars 2019 à 18:10           
الجمهور كأنك في الدربي , ما شاء الله


babnet
*.*.*
All Radio in One