المحكمة الادارية تبدّد أسطورة محكمة أمن الدولة

أبو مــــــازن
محكمة امن الدولة ورئيسها القاضي الهاشمي الزمال: اسمان ارتبطا بمخطط الابادة للنفس الاسلامي الذي جدّ الاعلام منذ الثمانيات في وصفه بالمستقدم و الدخيل وجدّ أبناء الحركة الاسلامية آنذاك بتوضيح ارتباطهم بالمدرسة الزيتونية و امتدادهم لصوت الطالب الزيتوني و لحركة التحرر من براثن الاستعمار. هذا تاريخ مشوب بالقتل والنفي و الأشغال الشاقة والضحايا والمساجين و الثكالى و الأرامل والأبناء المشردين ينتهي بجرّة قلم حين أوضح القاضي الإداري حمدي مراد ، في تصريح لـجريدة لشروق اليوم الخميس 22 فيفري 2018
، أن الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الإدارية قضت بإلغاء الأمر عدد 624 لسنة 1987 الذي أصدره الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة بتسمية الهاشمي الزمال عضوا بمحكمة أمن الدولة بالتزامن مع وظائفه كوكيل للجمهورية، واعتبرت إنّ "القرار غير شرعي وقضت بإلغائه". للتذكير فالقاضي الهاشمي الزمال تولى التحقيق في عدد من قضايا قيادات الاتجاه الاسلامي سابقا. فقررت المحكمة الإدارية اليوم نقض الحكم المطعون فيه
والقضاء استئنافيا ونهائيا بقبول الدعوى شكلا وأصلا و إلغاء الأمر المطعون فيه المتعلق بقرار الرئيس الحبيب بورقيبة تعيين أعضاء محكمة أمن الدولة من بينهم الهاشمي الزمال.
محكمة امن الدولة ورئيسها القاضي الهاشمي الزمال: اسمان ارتبطا بمخطط الابادة للنفس الاسلامي الذي جدّ الاعلام منذ الثمانيات في وصفه بالمستقدم و الدخيل وجدّ أبناء الحركة الاسلامية آنذاك بتوضيح ارتباطهم بالمدرسة الزيتونية و امتدادهم لصوت الطالب الزيتوني و لحركة التحرر من براثن الاستعمار. هذا تاريخ مشوب بالقتل والنفي و الأشغال الشاقة والضحايا والمساجين و الثكالى و الأرامل والأبناء المشردين ينتهي بجرّة قلم حين أوضح القاضي الإداري حمدي مراد ، في تصريح لـجريدة لشروق اليوم الخميس 22 فيفري 2018


ماذا يعني ذلك : محكمة أمن الدولة آنذاك باطلة وما كانت لتكون لو احترم الدستور و القانون وهنا يطرح السؤال للسادة القضاة والحقوقيون: هل ما ترتّب من الأحكام عن هذه المحكمة اللادستورية يعتبر باطلا؟ الاعلام المرئي غيّب هذا الخبر و الاعلام الورقي والالكتروني ذكره على شاكلة ومضة سريعة على غرار وكالات الانباء.
الخبر جدّ عظيم ويرتبط بظلم سلّط لعقود من الزمن ولازال المواطن يعاني تبعاته. هذا سجين سياسي قضّى سنوات شبابه بين المعتقلات والسجون ولا زال يبحث بعد الثورة عن اعتراف الدولة والوطن بنضاله ليس الاّ. وذاك مواطن آخر اقتنع لعقود من الزمن بالظلامية والرجعية التي قدمتها بلاتوات ذاك الزمان فاختار مسيرته السياسية والاجتماعية ولا يقدر اليوم أن يفنّد قناعاته التي اكتسبها آنذاك بل بات يرددها كما لو كانت حدثت بالأمس القريب.
لا يعتبر هذا الحكم البات مطلبا لاسترداد للحقوق وقد أعاد العفو التشريعي العام ابان الثورة حقوق المظلومين من المساجين السياسين و المنفيين ولكنّه تفنيد لاكذوبة فبركها المخلوع منذ أن اقترب الى مركز القرار ساعة صراع الديكة على الحكم واستحواذه على الوزارة الأولى ثم الرئاسة في انقلاب 87. كان وجوبا عليه اختلاق هاجس الظلامية والرجعية والارهاب في تونس ليختلي وراء ذلك بالحكم ويربك المقربين الى الزعيم فينصرفون جماعات و فرادى عن مركز السلطة. لقد فنّد وزير التعليم العالي سابقا والطبيب الخاص للزعيم بورقيبة الدكتور عمر الشاذلي اسطورة تفجيرات سوسة وصناعة الارهاب آنذاك بعيد الثورة ولكنّ روايته لم تلق الترحاب ثم غيّبت حتى تنتهج بلاتوات الاعلام المسيطرة على الرأي العام مهاجمة خصم سياسي غيّب لعقدين من الزمن والصقت به تهم عديدة خلال سنوات الاستبداد.
بات هذا الأمر من الماضي و موازين القوى الحالية لا تسمح بغير التوافق و النظر الى المستقبل لتخرج تونس من أزمتها الاقتصادية الخانقة ولكن مثل هذا الانصاف من المحكمة الادارية يحملنا الى طرح تساؤلين اثنين: هل تستمر اسطورة الظلامين و المستقدمين من الخارج والموالين الى غير الوطن لتنغّص حياة التونسيين بعد كل هذا الايضاح والاستيضاح أما السؤال الثاني وهو الأهم هل هناك فترات أخرى في تاريخ تونس المعاصر هيأت لها محاكم لا دستورية حتى يقمع المعارضون للنظام و طلاّب الحرية و رائدي الانعتاق من التبعية الاستعمارية. أخشى أن تكون الاجابة سلبية للسؤالين المطروحين لا سيّما ونحن نعيش على وقع انتخابات بلدية وبرامج بعض الجماعات الحزبية يعتمد كلّيا على اسطورة امن الدولة و مخرجاتها وللظلم المسلط منذ فجر الاستقلال وأقصد بذلك تصفية الثوار الفلاقة، حادثة الجلاء، أزمة التعاضد، حركة أفاق في السبعينات، أحداث جانفي 78، أحداث الخبز، أحداث الحوض المنجمي. خلاصة الأمر لن يصطلح حالنا اذا لم نصالح تاريخنا ثم نتعرف عليه و نضمّنه في كتب الناشئة ليرتبط الماضي بالمستقبل فيسنده ثم ينطلق ثابتا الى الأمام.
Comments
3 de 3 commentaires pour l'article 156571