صورة معبّرة و أسباب تراجع الحريري عن الاستقالة

بقلم الاستاذ بولبابه سالم
مؤثرة جدا ، تلك الصورة التي جمعت الرئيس ميشال عون و رئيس الوزراء سعد الحريري في قصر بعبدا يوم الاربعاء .
مؤثرة جدا ، تلك الصورة التي جمعت الرئيس ميشال عون و رئيس الوزراء سعد الحريري في قصر بعبدا يوم الاربعاء .
بعد قطيعة قهرية لمدة اسبوعين اثر تقديم الحريري لاستقالته من السعودية ، ووسط تكهنات عديدة عن حقيقة وضعه ان كان محتجزا او تحت الاقامة الجبرية في الرياض فان ميشال عون قد اكد في اكثر من تصريح اعلامي و خلال لقاءاته المتتالية بالفاعلين المحليين و الدوليين ان سعد الحريري محتجز في السعودية و غير حر و يجب ان يعود الى لبنان ، و قاد من اجل ذلك حملة ديبلوماسية مكثفة و استثمر علاقاته الجيدة مع فرنسا التي تدخلت وطار رئيسها ماكرون الى الرياض للقاء ولي العهد محمد بن سلمان ثم ارسل وزير خارجيته لترتيب وتفعيل اتفاق يعود بموجبه الحريري الى بيروت عبر باريس و ليكون في ضيافة الرئيس الفرنسي .
و لئن ابدى الحريري قراره العودة الى لبنان للمشاركة في الاحتفال بعيد الاستقلال فان لقاءه بالرئيس عون الذي يلقب في لبنان ب"بيّ الكل " قد جعله يراجع خياراته و يقبل التريث ثم التراجع عن الاستقالة ، و قد اشاد الحريري بحكمة ميشال العون و احترامه للدستور ، فقد سبق للرئيس اللبناني ان رفض استقالة سعد الحريري التي اعلنها من الرياض معلنا انه عليه ان يعود الى لبنان اولا و يعلن عن قراره الحر .
لا شك ان العماد ميشال عون ذو خبرة سياسية كبيرة وهو رئيس حزب التيار الوطني الحر احد اكبر الاحزاب المسيحية في لبنان ، و المعروف عن عون انه شخصية براغماتية و مبدئية و يعترف له بذلك حتى خصومه امثال سمير جعجع و اميل الجميل ، تلك الخبرة ساهمت في اطفاء الحريق اللبناني الذي ارادت السعودية اشعاله من جديد في اطار صراعها مع ايران و ذلك عبر ضرب حليفها القوي حزب الله و زعيمه حسن نصر الله من خلال تحريض اسرائيل عليه .
و بالتاكيد فان لبنان هو الذي سيدفع ثمن الخراب و الدمار و احياء النعرات الطائفية و الحرب الاهلية من جديد ، لكن حكمة اللبنانيين الذين خبروا مآسي السنوات ال15 من الصراع الدموي (1975-1990) التي انتهت بابرام اتفاق الطائف رفضوا الدخول في المجهول من جديد .
و يبدو ان فرنسا ايضا لعبت دورا في تهدئة الاجواء بسبب تاثيراتها في الساحةاللبنانية ، دون ان ننسى دور المانيا عبر تصريحات وزير خارجيتها الذي انتقد بشدة مغامرات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مضيفا انه لن يسمح له بمزيد التهور وهو موقف جعلت الرياض تستدعي سفيرها في المانيا ، و من المعلوم أن هناك تنسيقا فرنسيا المانيا في القضايا الدولية .
الوساطة الفرنسية انقذت الحريري في السعودية ، وعون انقذ لبنان من ان يكون حطبا لحريق اقليمي كبير . اما المخجل في كل هذا اننا لم نر مسؤولا عربيا يحاول حلحلة المشكل .اما بعض المحللين العرب فقد بالغوا في خيالات عجيبة حول حرب اقليمية طاحنة و كانها قدر محتوم دون تقدير لدور بعض العقلاء .
حفظ الله لبنان الذي يعتبر مفخرة العرب في الحرية و التسامح و التعايش بين مختلف الطوائف .
كاتب و محلل سياسي
Comments
5 de 5 commentaires pour l'article 151281