النوري جريدي: البرلمان مكبّل والحكومة تُماطل... والبيروقراطية تقتل الاستثمار والدولة غارقة في بطء قاتل

قدّم النائب المساعد لرئيس مجلس نواب الشعب المكلّف بمتابعة العمل الرقابي، النوري جريدي، خلال حضوره فقرة Arrière Plan من برنامج «صباح الورد» على إذاعة الجوهرة أف أم، قراءة شاملة لملفّات الساعة تحت قبة البرلمان وخارجها، واضعًا الأصبع على مكامن التعثّر المؤسساتي والبيروقراطي، ومؤكّدًا الحاجة إلى ارتقاء أداء المؤسسات إلى مستوى انتظارات التونسيين، سواء في الرقابة والتشريع أو في الاستجابة للقضايا الوطنية العاجلة.
منطلق الحوار كان إنسانيًا بامتياز، إذ عاد جريدي إلى ملفّ النائب محمد علي، المشارك ضمن «أسطول الصمود»، موجّهًا تحيّة صمود إلى زميله، ومحمّلًا الدولة التونسية مسؤولية سلامته. وأكّد أنّ مجلس نواب الشعب أصدر بيانًا يدين الاحتجاز القصري ويدعو البرلمانات العربية والدولية للتضامن، غير أنّ المطلوب، وفق تقديره، مأسسة التضامن عبر قنوات الدبلوماسية البرلمانية: تواصل مباشر مع البرلمان العربي والأوروبي والإفريقي وهياكل التمثيل البرلماني المتخصّصة، للضغط من أجل إطلاق سراحه وسراح بقية المحتجزين. وفي هذا السياق، دعا إلى إدراج نقطة عاجلة في جدول أعمال الجلسة العامة المقبلة لتسريع الإجراءات الداعمة لهذا الملف.
منطلق الحوار كان إنسانيًا بامتياز، إذ عاد جريدي إلى ملفّ النائب محمد علي، المشارك ضمن «أسطول الصمود»، موجّهًا تحيّة صمود إلى زميله، ومحمّلًا الدولة التونسية مسؤولية سلامته. وأكّد أنّ مجلس نواب الشعب أصدر بيانًا يدين الاحتجاز القصري ويدعو البرلمانات العربية والدولية للتضامن، غير أنّ المطلوب، وفق تقديره، مأسسة التضامن عبر قنوات الدبلوماسية البرلمانية: تواصل مباشر مع البرلمان العربي والأوروبي والإفريقي وهياكل التمثيل البرلماني المتخصّصة، للضغط من أجل إطلاق سراحه وسراح بقية المحتجزين. وفي هذا السياق، دعا إلى إدراج نقطة عاجلة في جدول أعمال الجلسة العامة المقبلة لتسريع الإجراءات الداعمة لهذا الملف.
على الصعيد الإجرائي، كشف جريدي ملامح جلسة الثلاثاء 7 أكتوبر (الساعة العاشرة صباحًا)، والتي تُستهلّ بإعلان سدّ الشغور في مقعدين عقب وفاة نائبين، قبل النظر في مشروع قانون يُرخّص للدولة بالاكتتاب في التجديد الثالث عشر لموارد الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (2025–2027). وأعلن بوضوح موقفه السياسي الرافض للارتهان إلى منطق القروض، مذكّرًا بأنّه لم يصوّت على ميزانيّتَي 2024 و2025 لاعتبارات يصفها بأنها «غير وطنية وغير شعبية»، لأنها—وفق تقديره—لا تنعكس على حاجات المواطن المباشرة في النقل والتعليم والصحّة والبنية التحتيّة.
وفي تفكيك العلاقة بين المبادرة التشريعية وأولوية مشاريع الحكومة في الدستور، أوضح أنّ النواب تقدّموا بـ 122 مقترح قانون في قطاعات حيوية (الصحة، التعليم، الاقتصاد…) لكن «فجوة السرعات» تجعل مسار المقترحات يتباطأ لصالح مشاريع الحكومة. ضرب مثلاً بملفّ «عطلة الأمومة» الذي أنجزت فيه اللجنة أكثر من 22 جلسة استماع قبل أن تتدخّل الحكومة بمشروع موازٍ عُجّل بمساره، وبـ مقترح قانون انتداب من طالت بطالتهم الذي اكتمل تقريره داخل اللجنة ورفع إلى مكتب المجلس، فيما رفضت الحكومة—بحسب قوله—برمجته في الجلسة العامة رغم طابعه الاجتماعي الملحّ.
وعند بوابة الرقابة، شدّد جريدي على أنّ أدواتها—الأسئلة الكتابية والشفاهية وجلسات الحوار—تواجه مماطلة: إجابات تتأخّر لأشهر طويلة، وجلسات حوار حكومية طُلِب تأجيلها في الأشهر الأخيرة. وقدّم مراسلات رسمية تُبيّن مآلات مشاريع كبرى مثل مجلة الصرف ومجلة البيئة ومجلة المياه، مؤكّدًا أنّ النسق الحالي «لا يلبّي الاستعجال المطلوب»، وأنّ الأزمة باتت بُنيويّة لا تقنية، تتداخل فيها خيارات السلطة التنفيذية وثقافة إدارية مقاومة للتغيير.
اقتصاديًا واستثماريًا، كان نقده لاذعًا لما سمّاه «الزمن الإداري القاتل» الذي يطرد الاستثمار: دراسات تستغرق سنوات، وضيعات دولية مهملة، وسلاسل ترخيص لا تنتهي. دعا إلى «رخص ذهبية» لمشاريع قابلة للتشغيل الفوري، وإعفاءات جبائية لخمسة عشر عامًا للمشاريع ذات الطاقة التشغيلية العالية، وتخفيضات ديوانية على التجهيزات، والسماح للتونسيين بالخارج بالمشاركة في طلبات العروض الدولية (الحبوب، السيارات، قطع الغيار). كما طرح حلولاً بنيوية: إحداث الحي الإداري الوطني لتقليص كلفة الكراء والازدحام، الحسم في الأملاك المصادَرة لتعبئة تمويلات داخلية، جدولة الديون ومراجعة الديون المشبوهة، ورقمنة الإدارة وفرض الدفع الإلكتروني لردم فجوات التهرّب الضريبي.
وفي ملف الطاقة والحوكمة، أعلن جريدي أنّه وعددًا من النواب تقدّموا بشكايات قضائية تخصّ عقودًا نفطية وصفها بـ«غير المنصفة»، مشيرًا إلى معركة خيضت داخل لجنة الطاقة لمنع تجديد بعض الاتفاقيات التي يعتبرها «مُجحفة»، ومؤكّدًا أنّ الشفافية وتكافؤ المعلومات شرطٌ لاستعادة الثقة في إدارة الموارد الوطنية.
على مستوى توازن السلطات، دعا جريدي إلى تكامل واقعي بين التنفيذية والتشريعية، معترفًا بوجود «توترات ميدانية» وصلت إلى حدّ وقفة احتجاجية داخل إحدى الإدارات الجهوية للفلاحة ضد نائب أثار شبهات فساد—وهو ما اعتبره سلوكًا غير مسبوق يشي بـ«تعطيل ممنهج» بدل الحوار المؤسّسي. كما حمّل رئاسة الجمهورية نصيبها من المسؤولية في ظلّ النظام الرئاسي وصلاحيات التعيين، معتبرًا أنّ ما يحدث هو «فرق في السرعات» بين انتظارات الناس ومسارات القرار.
لم يخلُ الحوار من شهادة معيشية لافتة؛ إذ تحدّث الضيف عن معاناة النقل والكلفة اليومية للمواطن، بما في ذلك مشقّات التنقّل التي يعيشها نوّاب الشعب أنفسهم، في مفارقة تعكس—برأيه—حالة اختلال الأولويات التي ينبغي أن تعالجها السياسات العمومية بسرعة وحزم.
ختامًا، وضع جريدي أسئلة كبرى على الطاولة: متى تتقدّم الدولة فعليًا في تجفيف منابع التهرّب الضريبي؟ وهل تملك الحكومة الإرادة والأدوات لـ مراجعة منظومة الدعم بما يحمي الهشّ ويحرّر الموارد؟ وكيف تُفعَّل الرقمنة لتصبح قاطرةً لا شعارًا؟ أسئلةٌ تُلخّص رهانات مرحلة تحتاج إلى جرأة قرار ونجاعة تنفيذ وتعاون مؤسّساتي صادق، حتى لا تبقى انتظارات التونسيين معلّقة بين مبادرات تتباطأ ومشاريع تتعثّر، بينما تتضخّم الفجوة بين النصّ والتطبيق.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 316097