سامي براهم عن النهضة والإخوان..

نصرالدين السويلمي
في تدوينة المنعرج أو التدوينة المفاجئة ظهر الدكتور المتميز سامي براهم كما لم يكن سامي براهم، خاصّة حين اعتبر أنّ معركة النهضة ضدّ الإقصاء والاستئصال بمثابة العُقد والفوبيا وأنّ الوهن وضعف الأطر الديمقراطيّة حجبا الرّؤيا والبرامج التي تستجيب إلى تطلّعات الشّعب! انتهى براهم من النهضة ثم عرج على الإخوان بحفلة من العبارات الموجعة، جاءت تدوينته عشيّة ذكرى 25 يناير، ثورة الشعب المسروقة نخبويّا وعسكريّا وإقليميّا ودوليّا.
في تدوينة المنعرج أو التدوينة المفاجئة ظهر الدكتور المتميز سامي براهم كما لم يكن سامي براهم، خاصّة حين اعتبر أنّ معركة النهضة ضدّ الإقصاء والاستئصال بمثابة العُقد والفوبيا وأنّ الوهن وضعف الأطر الديمقراطيّة حجبا الرّؤيا والبرامج التي تستجيب إلى تطلّعات الشّعب! انتهى براهم من النهضة ثم عرج على الإخوان بحفلة من العبارات الموجعة، جاءت تدوينته عشيّة ذكرى 25 يناير، ثورة الشعب المسروقة نخبويّا وعسكريّا وإقليميّا ودوليّا.
جاء في تدوينة براهم" انهزم الإخوان في مصر لا لقوّة الجيش وتدفّق الأموال وسند الخارج الإقليمي والدّولي فقط ولكن كذلك وأساسا لأنّهم عقل جامد وفكر جامد وخطاب جامد وتنظيم جامد وأداء سياسيّ جامد"!!! عبارات قد لا ترد مجتمعة على لسان هيكل أو رفعت السعيد أو حتى عمرو أديب، تقال في جماعة رفضت استهلاك رصيدها منذ 1928 في لحظة هستيريّة عابرة، وأصرّت على عدم تعريض عمليّة التجديد الحضاري الضخمة إلى مرحلة أبراهية هولاكية هتليريّة موسولينيّة طاحنة لا تعترف بأنصاف الحلول وتبحث عن هضم الكيان وتاريخ الكيان، فاستسلم الكيان للموت والسجون ورفض تسليم تاريخه وتأبط عُهدة الأمة إلى حين انقشاع الغبار، لقد كانت هجمة العسكر ومال النّفط بمثابة إعصار كاترينا، لا تنفع معه المغالبة ولا المرونة، فقط التعامل معه ككارثة ومحاولة البقاء على قيد الحياة حتى يمرّ. تماما كما فعلت النهضة مع بن علي حين صبرت على عشرية الموت ونبتت من جديد في عشرية الصمت لتصل سالمة إلى عشريّة السلطة.
ذلك عن الاخوان، أمّا النهضة فيكفي النظر إلى خصومها في الداخل والخارج، وتكفي إطلالة بسيطة على هامان أبو ظبي وجنوده في تونس الحرة وبقية محمياته العربية وما لديهم من مقدرات دمّرت مصّر الحضارة وليبيا القبائل المتلاحمة ويمن الصّلابة، يكفي تتبّع بصمات إعلامهم ونخبهم في الدّاخل والخارج ليدرك الدكتور أنّ الأمر أكبر بكثير من حالة استئصال عابرة، وأنّ معركة 9 سنوات التي أدارتها النهضة وتقدّمها الغنوشي الرأس الأول المطلوب لغرفة العمليّات التي تشرف على ملاحقة النبتة التونسيّة وتعتبرها أصل البلاء، أنّ تلك المعركة لم تكن تبحث عن شحذ الهمم وإن كانت تحتاجه، بل كانت تبحث عن عقل يحسن النفاذ والمناورة كما يحسن تسكين هيجان القتلة، ولا يحتاج أبدا إلى عضلات مكتنزة وتكثير العتاد والتسلّح بالشجاعة ومن ثمّ الاقتحام! كانت معركة تفكيك الألغام والحيلولة دون وصول الخصوم إلى مرحلة التخصيب والطرود المركزيّة، حينها يكون الأمر قد فات وتكون النهضة وقعت تحت سطوة قوى غير تقليديّة.
"عقدة الخوف من الإقصاء وفوبيا الاستئصال" هكذا يرى الدكتور سامي! 9 سنوات والآلة لا تهجع ولا تعرف السكينة، 9 سنوات من الملاحقات المضنية المركّزة التي تستهدف إقصاء النهضة، أطنان من محاولات الاستئصال اشتركت فيها منظّمات إجتماعيّة وأحزاب وقوى نافذة، اشترك فيها المال السّياسي والإعلام المسيّس، ثم يختزلها الدكتور بعقدة وفوبيا!!!! وإن كانت أخلاق سامي براهم أبعد عن الشبهة، إلا أنّ مثل هذا الكلام روّجت له كثيرا قوى ثورجاتيّة، لتسفيه كل مشاريع التوافق التي نسجتها النهضة، ولتكذيب الحركة وربما إعدادها إلى نهاية صامتة راضية مرضيّة.
بل الأصح يا دكتور تحتاج النهضة إلى تنقية الأجواء الداخليّة للتركيز أكثر وأكثر مع أكبر عمليّة استئصال وإقصاء تستهدفها، لم تكن جريمة الأرز في باردو أولها ولن تكون آخرها جمعة العاشر من جانفي 2020. تحتاج النهضة إلى تحصين دفاعاتها في مواجهة الهجمة الجديدة أو ما يسمى بهجوم الربيع، وتحتاج فيما تحتاج إلى رفع درجة التأهّب وتفعيل مكثّفات الانتباه إلى أعلى مستوياتها، حتى لا تُنسج في ظهرها تحالفات مبيدة.
في مصر نحن أمام واحدة من أكبر المشاريع الحضاريّة في التاريخ المعاصر للأمّة الإسلاميّة، هذا المشروع خيّر المحنة الموجعة على الاستسلام الذليل بعد أن تأكّد أنّ المناورة لا تنفع مع قرار اتخذته أفعى السّلاح وثعابين النّفط ويقضي بحتميّة الاجتياح! أمّا في تونس فنحن أمام حركة إصلاح مرنة ولبقة، اختارت فنّ الممكن وقرّرت أن تضحي بالكثير من خصائصها مقابل أن تتزاوج مع الدولة! وهي الآن تتعرّض إلى العديد من الصعوبات في ذروة موسم التزاوج.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 196843