العربي بن بوهالي: لماذا تشعر الأسرة التونسية بأن التضخم أعلى بكثير من 5 بالمائة؟

في تدوينة تحليلية نشرها على صفحته بموقع فيسبوك
، قدّم الخبير الاقتصادي التونسي المقيم في أستراليا العربي بن بوهالي قراءة معمّقة حول أسباب شعور الأسر التونسية بارتفاع التضخم أكثر مما تعلنه الأرقام الرسمية، معتبرًا أن «المعدل المُعلن البالغ 5%
لا يعكس حقيقة الضغوط المعيشية اليومية».
وقال بن بوهالي إن معدل التضخم لشهر سبتمبر 2025، الذي بلغ 5% وفق مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي، يبقى مرتفعًا جدًا بالنظر إلى تراكم التضخم خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة، والذي بلغ 5.5%.


وقال بن بوهالي إن معدل التضخم لشهر سبتمبر 2025، الذي بلغ 5% وفق مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي، يبقى مرتفعًا جدًا بالنظر إلى تراكم التضخم خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة، والذي بلغ 5.5%.
تضخم حقيقي أعمق من المعلن
وأوضح الخبير أن بيانات المعهد الوطني للإحصاء تُظهر أن المنتجات الزراعية شهدت ارتفاعًا متراكمًا بنسبة 13.6%، والملابس بنسبة 9.5%، والخدمات الأخرى (خاصة البنكية والتأمينية) بنسبة 8.2%، في حين ظلت النسب الإجمالية مضلّلة لأنها لا تعكس تباين الأسعار داخل سلة الاستهلاك.وأشار إلى أن سلاسل التوريد الطويلة وتعدد الوسطاء بين المنتج والمستهلك النهائي يرفع من أسعار الجملة ويغذّي التضخم الميداني، مضيفًا أن هذا العامل «يجعل الإحساس الشعبي بغلاء الأسعار أكبر بكثير من الأرقام التقنية».
البورصة كمؤشّر موازٍ للتضخم
ولفت بن بوهالي إلى أن مؤشر بورصة تونس BVMT ارتفع خلال الأشهر التسعة الماضية بنسبة 21%، مبيّنًا أن رأس المال في السوق المالية يتكوّن أساسًا من البنوك وشركات التأمين والمتاجر الكبرى، وهي جهات تمتلك «قدرة احتكارية جزئية على تحديد الأسعار، ما يعمّق التضخم البنيوي».في المقابل، لم تتجاوز زيادة أجور العمال والموظفين الصغار والمتوسطين نسبة 2.6%، أي أقل من نصف معدل التضخم التراكمي، ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للأسر وتآكل مداخيلها الحقيقية.
سياسة نقدية ومالية تزيد الضغط
وأضاف بن بوهالي أن الاقتصاد التونسي «تضرر من كلا الجانبين»:* من جهة، أبقى البنك المركزي سعر الفائدة عند 7.5% للحد من الاستهلاك،
* ومن جهة أخرى، رفعت الحكومة الضرائب بنسبة 12% هذا العام، ما أدى إلى تراجع الاستثمار والإنتاج.
وقال إن «الضرائب الإضافية، التي كان يفترض أن تُخصّص للاستثمار وزيادة الطاقة الإنتاجية، وُجّهت في الواقع إلى الأجور والدعم، ما زاد الضغط التضخمي».
مقارنة دولية غير مطمئنة
ونوّه الخبير بأن شركاء تونس التجاريين تمكنوا من خفض التضخم خلال العامين الماضيين، في حين بقي المعدل في تونس مرتفعًا، مضيفًا:«طالما بقي التضخم في تونس أعلى من شركائنا التجاريين، فإن الدينار سيواصل التراجع، ما يعني تضخمًا إضافيًا، وارتفاع كلفة الإنتاج والدين، وتآكل مدخرات الأسر».
وبيّن أن معدل التضخم يبلغ حاليًا 2% في أوروبا، و1.8% في ليبيا، و3.7% في الجزائر، و2.2% في المغرب، مقابل 5% في تونس.
حلول مقترحة لتطويق التضخم
قدّم العربي بن بوهالي جملة من الإجراءات المقترحة للحكومة والبنك المركزي:1. توجيه تمويلات ميسّرة للفلاحة:
شراء البنك المركزي ديون البنك الوطني الفلاحي المتعلّقة بديوان الحبوب، وتقديم قروض بفوائد منخفضة للمزارعين لزيادة الإنتاج الغذائي والحد من التضخم الغذائي.
2. دعم مؤسسات الطاقة:
تمكين الشركة التونسية للكهرباء والغاز (STEG) والشركة التونسية لاستغلال النفط (ETAP) من قروض منخفضة الفائدة لتقليص ديونها وخفض كلفة الطاقة على المستهلكين.
3. تحفيز الشركات المصدّرة:
تخفيض الضرائب على المؤسسات المدرجة في بورصة تونس، وتشجيعها على التوسّع نحو السوقين الليبية والجزائرية لتحقيق وفورات الحجم وجلب عملات صعبة تدعم الدينار وتحدّ من التضخم.
نحو استقرار نقدي في الأفق المتوسط
وفي ختام تحليله، دعا بن بوهالي إلى أن يستهدف البنك المركزي التونسي معدل تضخم لا يتجاوز 2% خلال 12 شهرًا، معتبرًا أن المعدل الحالي (5%) مرتفع جدًا بالنسبة لدولة مصنّفة ضمن الشريحة الدنيا من الدخل المتوسط.كما شدّد على ضرورة إصلاح النظام البنكي الذي «يوجّه قروضه للاستهلاك بدل الإنتاج»، مطالبًا بتنسيقٍ فعلي بين السياسة النقدية والمالية، مع خفض تدريجي للفائدة إلى 5% وتخفيف الضغط الجبائي على المؤسسات خلال السنة المقبلة، حتى «تتم حماية الدينار، وإنقاذ الاقتصاد التونسي من الركود الوشيك».
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 316159