الفساد في تونس لماذا تغلغل إلى هذا الحد وكيف نقضي عليه

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/65a194639de5b8.04483903_gmloqkfpenhij.jpg width=100 align=left border=0>


كريم السليتي (*)

قد لا يكون هذا أول مقال أكتبه عن مكافحة الفساد في تونس، لكن ما أستشعره هذه المرة هو وجود ارادة سياسية حقيقية وصدق في مكافحة الفساد هذه الآفة التي خربت كل شيء جميل في بلادنا، وأدت لهجرة الشباب والكفاءات وهروب الاستثمارات وامتناع الكثيرين من الاستثمار في بلادنا.


...

وما حملني للكتابة هو مشاهدة بعض المقاطع المؤلمة حقيقةً حول الفساد المستشري في شركات ووزارات وهيئات عمومية في تونس .

أولا الكشف عن الفساد خطوة ايجابية جدا، لكن لا تكتمل إلا بالتشهير بالموظفين والمتعاملين الفاسدين على غرار ما تم ويتم في بلدان غربية وخليجية ، لأن التشهير أسلوب رادع جدًا ، فشخصية الموظف الفاسد تبحث عن الوجاهة المالية والاجتماعية وفضحها على الملأ ردع قوي جدا لكل شخص له نفس صفات الفاسدين.

ثانيا وهذا لا يقال ويجب أن نقوله ، عملية الفرز الايديولوجي التي قام بها الرئيس السابق زين العابدين بن علي (وهو انسان معروف بتهوره ولا يقدر مخاطر القرارات بالشكل المناسب) أدى إلى إغراق الإدارات والمؤسسات والشركات العمومية بموظفين ومسؤولين خريجي "المدرسة الانتهازية" وهذه الفئة من الموظفين ليس لهم وازع ديني بشكل كافٍ، وأحببنا أم كرهنا فإن شخصية التونسي بشكل عام اذا نُزع منه الوازع الديني فإنه على الأغلب سيتحول إلى كائن انتهازي أناني لا يبحث إلا عن مصلحته الضيقة ويحاول قدر الامكان استغلال وظيفته لجني أقصى ما يمكن من الامتيازات بغض النظر عن انتاجيته في العمل، والبعض يكتف بما يتيحه القانون فيتحايل للحصول على تلك الامتيازات او القيام بتدخلات لفائدته أو فائدة غيره، والبعض الآخر ينساق في دوامة الفساد والرشوة والتحرش وتضارب المصالح والاستغناء بطرق غير مشروعة.

لذلك يكمن الحل في ايلاء الجانب الأخلاقي والديني وجانب النزاهة أهمية قصوى سواء في الانتدابات أو في تعيين المسؤولين.

ثالثاً لا يمكن مقاومة الفساد بإقالة المسؤول الاول في الجهة ، فذلك مبتغى المسامير الفاسدة في الجهة العمومية، بل يجب عزل كل من تسبب في الفساد أو التقصير وكل المتواطئين معه واحالتهم على القضاء والتشهير بهم.

رابعا لا ينبغي تعين شخص وحيد على رأس جهة عمومية لاصلاحها ومقاومة الفساد فيها، لأن لوبيات الفساد داخل الجهة ستحطمه وستورطه وستخدعه مهما بلغ حرصه، والحل هو في تعيين فريق جديد لادارة الجهة وليس فردا واحدا.

خامسًا ينبغي تفعيل دور محكمة المحاسبات وهيئات الرقابة العامة وانشاء ادارات تدقيق داخلي في الوزارات والمؤسسات والهيئات والحرص أن تعمل وفقا لمنهجية التدقيق المبني على المخاطر والتركيز على كشف الاحتيال واعطائها صلاحيات ردعية اوسع، هذه الهيئات تحتاج أيضا إلى اصلاح حقيقي وتطوير لتقوم بدورها الكامل في التوقي ومكافحة الفساد.

* كاتب وباحث في الاصلاح الاداري



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 280318


babnet
All Radio in One    
*.*.*