لا تجعلوا تونس تستجدي أبناءها حتى لا يلقوا بها في يمّ الضياع ...!!.



بقلم: محمد كمال السخيري*

كم يؤلمني ويحز في نفسي أن أرى هذا الوطن العزيز يتفكك ويتصدع ويتشتت وشعبه المغدور يعاني الأمرين اجتماعياً وحياتيا وفي كل المجالات الأخرى حتى بات همه الوحيد أن يغنم ولو بنزر قليل من السكر وعلبة حليب واحدة ويظفر بالخبز كل يوم ...!!.

فما الذي أدى بنا إلى مثل هذا الوضع البائس بعد أن حلمنا بتونس جديدة نفتخر بها بين الأمم ...؟؟!!.

أكثر من عشر سنوات عجاف مرت علينا والسياسيون يتصارعون ويتقاتلون من أجل الحكم وكل من حكم يهدم ما بناه غيره عوض أن يواصل البناء والإنجاز وكأن الدولة التونسية صارت مخبرا للهواة ومدجنة للمبتدئين والمؤسف أنهم لم يتعضوا بسابقيهم في الفشل بل أصروا على مجاراتهم والنسج على منوالهم والشعب هو الضحية الأولى في كل مرة ...!!.

لقد حان الوقت لكي يستفيق السياسيون من غفوتهم ويقطعوا مع العداء لمعارضيهم من أجل إنقاذ السفينة من الغرق قبل فوات الألوان ولكن من المؤسف أيضا أنه لا توجد حاليا بوادر لذلك ولا حتى مؤشرات لنوايا حسنة للمصالحة الوطنية ورص الصفوف من جديد ...!!.

نعم للمحاسبة وتطبيق القانون على الجميع ودون استثناء ولكن لا لانتقاء الخصوم من عدمهم فالكل سواسية أمام القانون وكل من أذنب ينال جزاءه ولا مجال اليوم للإفلات من العقاب ولكن لا لحشر الأبرياء مع المجرمين أيضا ...!!

إن كل ما يحدث اليوم من تشنج للسلطة والمعارضة والمجتمع المدني على حد السواء وحتى للإعلام أيضا سيدفع الشعب ضريبته غالية وتلك هي لعمري أكبر جريمة تقترف في حقه وهو البريء مما اقترفت أيادهم ومسلوب الإرادة أصلا ولذلك وجبت التهدئة والرصانة والتريث وإعمال العقل والتعقل وعدم التسرع والانسياق وراء الاندفاع المفرط والرغبة الجياشة في الانتقام من الخصوم ولكن من هو القادر حاليا على رأب الصدع وتقريب وجهات النظر في الوقت الذي عم فيه التنافر والتصادم واشتد فيه الخلاف بين جميع الأطراف إلى حد القطيعة ...؟؟!!


إن تونس اليوم وبما تعيشه وتعانيه من صدمات وأزمات وإرهاصات متتالية تنذر بالانفجار لم تعد تحتمل أكثر من الكراهية والبغضاء والحقد ولا مجال الآن بل لا حل لنا اليوم إلا المصالحة الوطنية ومد الأيدي لبعضها البعض عسى أن يسترجع الشعب أنفاسه قبل أن يختنق تماما ...!!

لن أقول بأن الاتحاد العام التونسي للشغل هو الضامن الوحيد لذلك وحده بل على كل الأطراف مراجعة نفسها قبل أن تهب علينا جميعا عاصفة هوجاء من كل الجهات وتقتلع كل ما بقي لدينا من بصيص أمل يبدو في ظاهره بعيدا جدا ...!!.

رغم كل هذا الوجع عاشت تونس ...!!.

---------------------------
* محمد كمال السخيري
كاتب حر متحرر ملك نفسه فقط.

Commentaires


1 de 1 commentaires pour l'article 261930

Mandhouj  (France)  |Dimanche 19 Février 2023 à 16h 30m |           
أعتقد أن تونس من 2012 إلى حد وفاة الباجي قائد السبسي 2019، عاشت فترة ديمقراطية أو بالأحرى فترة تأسيس ديمقراطي ،، شابها العديد من النقائص. تعافى فيها الأمن نوعا ما، و كذلك القضاء .. لم تتمكن الحكومات خلالها من وضع منوال تنموي يقطع مع واقع الاقتصاد الريعي .. الثورة المضادة سيطرت خلالها على الإعلام لفبركة رأي عام منهاض للديمقراطية و للأحزاب و للعمل السياسي عامة .. و يلعب الإعلام دوره في إدارة العملية الحوارية كما يجب .. فترة 2012 ، 2014 ،
كانت هناك نجاحات إقتصادية رغم الثلاثين ألف إضراب. كانت هناك نمو يفوت الثلاث نقاط .. و الحكومات لم تتمكن من صنع إعلام يعرف بإنجازاتها ... حصل تمتيع أكثر من أربعين ألف أمني من الترسيم و غادروا التوظيف الهش .. أثناء حكومة حمادي الجبالي و علي العريض .. 100 ألف فرصة عمل أثناء حكومة الجبالي، منها ستين ألف في القطاع الخاص .. و أكثر من ستين ألف فرصة عمل أثناء حكومة علي العريض، أغلبها في القطاع الخاص .. كان ممكن أن يتعافى القطاع الخاص
أكثر .. لكن مع الأسف، لم يحصل و الأسباب أساسها ضغوط العائلات المسيطرة على الاقتصاد ،، و الحكومات لم تكن قوية لتمرر قوانين جريئة .. أيام عهدة الباجي قائد السبسي غلب على تلك الفترة الضربات الإرهابية و حرب الشقوق داخل نداء تونس، الحزب الحاكم .. الديمقراطية الناشئة كانت ورقة رابحة ، و تونس كان لها مقام طيب في العالم و المؤسسات الدولية .. اليوم وجه تونس أسود ... نعم يجب دراسة تلك الفترة و خاصة ما قبلها و ما بعد وفاة المرحوم
الباجي .. حكم قيس سعيّد ليس اسبوع او إثنين و إنما ثلاث سنوات يزيدون و لا ينقصون و ضروري الوقوف بتمعن على أداء رئيس الدولة الذي انتخب بنسبة كبيرة و كل ما حصل ... مسار العدالة الإنتقالية هو نوع من المحاسبة الضرورية لفترة طويلة 60 عاما تقريبا. 1955 ، حتى 2014 .. و أيضا التعامل قضائيا مع كل الجرائم الاقتصادية و المالية و غيرها حتى اليوم و منذ عهدة السبسي الرئاسية ... لهذا لا بد من قضاء مستقل و ديمقراطية شفافة .. يسقط
الإنقلاب.



All Radio in One