القيروان / حاجب العيون : تصنيع الحجر الورقي مشروع تونسي فريد يحوّل الحجارة إلى ورق صديق للبيئة
وات -
(تحرير مختار بن جديان) - في قلب منطقة حاجب العيون من ولاية القيروان، يبرز مشروع "المغرب لصناعة الحجر الورقي" كواجهة استثمارية نوعية ومبادرة صناعية مبتكرة تعكس روح التطور في الجهة، إذ يُعدّ ثاني مصنع في العالم بعد الصين يُنتج الورق الحجري بتقنية صديقة للبيئة واقتصاد في الموارد.
مشروع يجمع بين الابتكار الصناعي والحسّ الإيكولوجي، حيث يعتمد على تحويل الحجارة إلى ورق دون الحاجة إلى قطع الأشجار أو استنزاف المياه، حيث يستهلك 3 لترات فقط من الماء لإنتاج الطن الواحد من الورق الحجري، مقابل نحو 63 ألف لتر من الماء لصناعة الورق التقليدي.
ويتميّز هذا الورق بإمكانية إعادة تدويره دون فقدان جودته، ما يجعله مثالاً حيًّا على التحوّل نحو الاقتصاد الأخضر في تونس، وإلى جانب قيمته البيئية، وفّر المشروع فرص تشغيل لأبناء المنطقة، مساهماً في تنشيط الدورة الاقتصادية بحاجب العيون وتعزيز حضور القيروان في خارطة الصناعات النظيفة.
مشروع يجمع بين الابتكار الصناعي والحسّ الإيكولوجي، حيث يعتمد على تحويل الحجارة إلى ورق دون الحاجة إلى قطع الأشجار أو استنزاف المياه، حيث يستهلك 3 لترات فقط من الماء لإنتاج الطن الواحد من الورق الحجري، مقابل نحو 63 ألف لتر من الماء لصناعة الورق التقليدي.
ويتميّز هذا الورق بإمكانية إعادة تدويره دون فقدان جودته، ما يجعله مثالاً حيًّا على التحوّل نحو الاقتصاد الأخضر في تونس، وإلى جانب قيمته البيئية، وفّر المشروع فرص تشغيل لأبناء المنطقة، مساهماً في تنشيط الدورة الاقتصادية بحاجب العيون وتعزيز حضور القيروان في خارطة الصناعات النظيفة.
مشروع استثماري ضخم في مرحلة التجارب التقنية
وأوضح فوزي بوقيلة، المدير بالنيابة لمصنع "المغرب لصناعة الحجر الورقي"، أنّ المشروع الذي انطلقت أشغاله فعليًا في شهر فيفري 2025 يعيش حاليًا مرحلة التجارب التقنية قبل المرور إلى مرحلة التصنيع الشامل، التي يُتوقّع أن تمثّل قفزة نوعية في الصناعة الوطنية.وأشار بوقيلة إلى أنّ كلفة المشروع بلغت حوالي 11 مليون دينار، مؤكّدًا أنّ المصنع يستعدّ لتوسيع نشاطه من خلال إحداث مشاريع مكمّلة على غرار محطة لتوليد الطاقة الشمسية بكلفة تقدّر بـ 6 ملايين دينار، إضافة إلى وحدات صناعية جديدة من شأنها أن تمثل قطبًا صناعياً متكاملاً يعزّز البنية التنموية في الجهة ويوفّر فرص شغل إضافية لأبنائها.
منتوج بيئي متنوع ونظيف يُصنع من بقايا الرخام ويتميز بتعدد استعمالاته
يكتسب المشروع بعدًا بيئيًا مميّزًا، إذ يُعدّ منتوجه صديقًا للبيئة بامتياز، كونه يُصنّع من بقايا الرخام المنتشرة بكثافة في المناطق المجاورة لحاجب العيون، ما يساهم في رسكلة الفضلات الصناعية وتحويلها إلى مادة نافعة ذات قيمة مضافة.ويؤكد القائمون على المصنع أنّ الورق الحجري يتميّز بكونه قابلاً للتحلّل الطبيعي، فإذا تُرك في الطبيعة يتآكل سريعًا دون أن يخلّف أي أثر ملوِّث، ليقدّم بذلك نموذجًا حقيقيًا لصناعة نظيفة تجمع بين الابتكار الصناعي والاستدامة البيئية.
من جانبه، أوضح عمران عنيزي، المهندس التقني ومدير الإنتاج بالمصنع، أنّ عملية تصنيع الورق الحجري تمرّ عبر ثلاث مراحل أساسية تبدأ بتحضير المادة الأولية من بقايا الرخام بعد مزجها بمواد مكمّلة وتشكيلها في حبيبات صغيرة، ليتم لاحقًا دمجها وتحويلها إلى عجينة تُعطي الورق في شكله النهائي، ثم تُقصّ الألواح وفق المقاسات المطلوبة.
وأشار عنيزي إلى أنّ المصنع يُنتج حاليًا نحو 12 نوعًا مختلفًا من الورق الحجري، تُستخدم أساسًا في صناعة الكتب والكراريس المدرسية، إلى جانب أغلفة المواد الغذائية وورق المطاعم، ما يعكس تنوّع المنتوج واستجابته لحاجيات السوق المحلية.
نحو 200 موطن شغل مستقبلاً
وقالت هدى رابحي، المنسقة التجارية لمعمل الورق الحجري، إن المشروع يهدف إلى إحداث وحدة صناعية لإنتاج ورق بديل صديق للبيئة مصنوع من الحجر عوضًا عن الأشجار والمياه والمواد الكيميائية، مؤكدة أن التجارب المنجزة أثبتت جاهزية المشروع للتنفيذ الصناعي.وأضافت أنّ المنتوج يتنوع بين ورق خفيف للطباعة والكتابة، ومتوسط للمجلات والدفاتر، وسميك للتغليف، وهو ما يمنحه مرونة في تلبية حاجيات السوق المحلي والتصدير.
وبيّنت رابحي أنّ المشروع يتميز بجدوى اقتصادية قوية لاعتماده على مواد أولية محلية منخفضة الكلفة، مبرزة أنه يجمع بين الاستثمار المسؤول والابتكار الصناعي لخدمة البيئة والاقتصاد الوطني.
وأكّد عبد الفتّاح الحميدي، مدير الموارد البشرية بالمصنع، أنّ المؤسسة توفّر حاليًا حوالي 25 موطن شغل مباشر، مع طموح لبلوغ نحو 200 موطن شغل في المراحل القادمة بفضل توسّع الإنتاج والمشاريع المرافقة.
وأوضح الحميدي أنّ أهم التحديات التي يواجهها المصنع تتمثل في نقص اليد العاملة المختصة ذات الكفاءة المهنية العالية، مشيرًا إلى أنّ الإدارة عملت على تكوين عدد من العمال ميدانيًا بمساعدة مكوّنين من الصين وإيطاليا وفرنسا لرفع مهاراتهم التقنية.
ودعا إلى إدراج تخصصات جديدة ضمن برامج التكوين المستمر، خصوصًا تلك المرتبطة بالتكنولوجيات المتطورة المعتمدة في هذا النوع من الصناعات، بالتنسيق مع هياكل الدولة لتأمين اليد العاملة المؤهلة وضمان استدامة هذا المشروع الصناعي الرائد.
آفاق واعدة للتصدير وتعزيز الاقتصاد الأخضر
يمثّل مشروع مصنع الورق الحجري بحاجب العيون نموذجًا واعدًا في مسار التحوّل نحو اقتصاد أخضر ومستدام، إذ يجمع بين الابتكار الصناعي والحفاظ على البيئة من خلال تقليص استهلاك المياه واستغلال بقايا الرخام كمادة أولية نظيفة.كما يشكّل رافدًا تنمويًا مهمًا يعزّز فرص التشغيل ويدعم الدورة الاقتصادية في الجهة، ليغدو إضافة نوعية للاقتصاد الوطني، مع آفاق التصدير واعدة بفضل جودة المنتوج وتنوّعه، خاصة في ظل طلبات العروض القادمة من الصين وعدد من الدول الأوروبية التي أبدت اهتمامًا بهذا الابتكار الصناعي التونسي الفريد.







Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 317963