الفن أداة للمقاومة والصمود في معرض "الأرض الروحية" لسامي بن عامر

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/68e3e12ad13184.66445073_gfpjqklnihmoe.jpg width=100 align=left border=0>


في مزج بين البعدين الروحي والفلسفي، يكشف الفنان التشكيلي التونسي سامي بن عامر في معرضه "الأرض الروحية" عن نضجه الفني من خلال طرح أسئلة تواكب مشاغل العصر المرتبطة بالكون والمقاومة والصمود عبر الفن.
تشكل لوحات معرض "الأرض الروحية"، التي في مجملها من الأحجام الكبيرة، دعوة للسفر إلى عالم رحب يحمل الكثير من الألوان ورموز الحضارات المتعاقبة على الإنسانية.
"الأرض الروحية ليست مجرد معرض، بل رحلة في الذاكرة والجذور. ألوان تتقاطع مع جراح الحاضر ورموز تنبض بنور قديم، لتصير اللوحة شهادة ورجاء. بين الأرض والروح يولد الإنسان، ويُفتح أفق جديد للمعنى"، هكذا وصف الفنان سامي بن عامر معرضه في النص المرفق في الكُتيب المخصص لهذا المعرض الذي تم افتتاحه مساء الجمعة 3 أكتوبر في قصر خير الدين بالمدينة العتيقة.

كلمات تلخص محتوى هذا المعرض المقام في صالة الطابق الأرضي للقصر في قلب المدينة العتيقة بتونس، والذي يتواصل إلى غاية 31 أكتوبر 2025، ويضم مجموعة مختارة من 35 عملا حديثا



الفن أداة لمقاومة النسيان والتهميش والتعصب

"هذا المشروع هو خلاصة مسيرة فنية وفكرية انشغلت خلالها، على امتداد أكثر من عقدين، بتيمة "الأرض" بوصفها رمزا وجوديا، لتتطوّر اليوم نحو أبعاد أكثر شفافية وعمقا روحانيا"، هكذا قدم الفنان معرضه في تقديم الكتيب الذي يحمل عنوان "الأرض الرّوحية - اسطيتيقا الذاكرة والمقاومة".
صاحب هذا المعرض سامي بن عامر، هو فنان وأكاديمي، ألف العديد من الكتب المختصة في تاريخ الفن، وقد سبق أن ساهم في الإعداد للمعرض الافتتاحي للمتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر، بالتوازي مع افتتاح مدينة الثقافة في مارس 2018.
منذ سنة 2007، وتحديدا من خلال معارضه "جلال الأرض" و "الأرض البكر" بدأ بن عامر في تناول موضوع الأرض وكان دائم الانشغال بأسئلة الكون وتجسيدها في مقاربات فنية. ويترجم هذا التوجه بشكل أعمق في هذا الموضوع الفني "الأرض الروحية" الذي يصفه الفنان بـ "فعل مقاومة جمالية في وجه النسيان والتهميش والفراغ والعنف المجاني و التصفية العرقية"، مستشهدا بمثال ما يحدث في غزة باعتباره جريمة ضد الإنسانية.

تأملات حول الذاكرة والإنسان والأرض

يُعرف الفنان سامي بن عامر بلوحاته التي تمزج بين الرموز القديمة، والحركات التعبيرية، وفي هذا المعرض، يطرح سلسلة جديدة من الأعمال التي تركز على الأرض بصفتها فضاء للحب و الصمت والمقاومة. بين التجريد والتلميح، تستدعي لوحاته، التي غالبا ما تكون ذات أبعاد كبيرة ومستديرة أو مربعة الشكل، عوالم رمزية تتقاطع فيها علامات الحضارات، وتتوهج فيها الدرجات الضوئية بين الأسود والأبيض.
مستفيدا من سفره إلى عديد الدول من العالم، يقدم بن عامر سلسلة من اللوحات الصغيرة بأسماء عميقة على غرار "تنفّس الأرض" تحمل رمز "ياز" الذي يشير إلى الإنسان الحر لدى الأمازيغ، و"ميلاد سلام" تحمل صورة الحمامة كرمز كوني عابر للثقافات والديانات، بالإضافة إلى عمل بعنوان "حارسة الفصول" وتحمل رمز السلحفاة التي تمثل عند الشعوب الأصلية في كيبيك بكندا رمزا لطول العمر والحماية والحكمة.
أما لوحة "طيور الحب الأبدي" فتقدم رسمة لطائرين ملونين، كرمز للحب الأبدي والمساواة والخصوبة، وهو مستوحى من الثقافة الأصلية لشعب التاينوس في منطقة الكارييب، ولم يغفل الفنان عن إدراج رمز التاريخ القرطاجي والفينيقي "تانيت" الذي يرمز إلى الخصوبة والحماية والحياة المتجددّة.
"في هذه السلسلة، تنبثق الرموز من أعماق الأزمنة، حاملة للقيم الإنسانية الأبدية: الاحترام والحب والذاكرة والسلام والمقاومة والروحانية والوحدة الإنسانية"، صرح الفنان والمؤرخ الفني الذي يعود بمعرض فردي يعيد التفكير في الوضع البشري المعاصر الذي يعاني من فقدان القيم الأساسية، وذلك من خلال الغوص في ذاكرة الشعوب وهو الذي تلقى تكوينه الأكاديمي في مدرسة الفنون الجميلة بتونس وجامعة السوربون بباريس.
في زمن تهيمن فيه الحروب والنزاعات على المشهد، حيث يطغى الجشع والغرور على قوانين الأرض، لا يستطيع الفنان أن يتجاهل ما يحدث من حوله. فالسياق الحالي، يدعو الفنانين والمفكرين والكتاب والإعلام، إلى التفكير في كيفية حماية ما تبقى من الإنسانية بكل ما تحمله من هشاشة، هكذا يرى سامي بن عامر دور الفنان في السياق العالمي الحالي.


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 316127


babnet
*.*.*
All Radio in One