الخبير في التنمية حسين الرحيلي: قابس اليوم أمام لحظة فارقة.. المطلوب رؤية استراتيجية لا حلول ظرفية

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/68f774810c3eb2.47304124_npkgmejfioqhl.jpg width=100 align=left border=0>


في تدخل إذاعي ضمن برنامج "هنا تونس" على إذاعة الديوان أف أم من تقديم ابتسام شويخة، قدّم الخبير في التنمية حسين الرحيلي قراءة شاملة لأزمة التلوث البيئي في ولاية قابس، على وقع الإضراب العام الذي يشهده الجهة اليوم، احتجاجًا على الانبعاثات السامة الصادرة عن وحدات المجمع الكيميائي التونسي.

وأكد الرحيلي أن الوضع البيئي في قابس لم يعد يحتمل التأجيل، مشيرًا إلى أن الأزمة تجاوزت حدود “الإجراءات التقنية” لتصبح قضية أمن بيئي وصحي وطني، محذرًا من أن أي تلكّؤ جديد سيضاعف الكلفة المالية والبيئية ويدفع بالمنطقة نحو “كارثة صامتة”.





وأوضح الخبير أن حضور الحكومة في الجلسة البرلمانية الأخيرة كان “باهتًا”، حيث تمّ تكليف وزراء لا علاقة مباشرة لهم بالملف، ما أدى إلى تقديم معطيات سطحية لا ترتقي إلى مستوى خطورة الوضع. واعتبر أن هذا التمشي يدخل في إطار “تبييض التلوث” بدل مواجهته جذريًا، مشددًا على أن الرؤية الحكومية غابت عنها الجرأة الاستراتيجية.

التفكيك أم التأهيل؟ رؤية الخبير

وبيّن الرحيلي أن النقاش الدائر اليوم بين خيارَي تفكيك الوحدات أو تأهيلها يجب أن يُبنى على تشخيص علمي دقيق:

* الوحدات التي لا يمكن تأهيلها وفق المعايير البيئية الحديثة يجب إعلان تفكيكها صراحة، مع وضع بدائل إنتاجية واقتصادية واضحة.
* الوحدات القابلة للتجديد ينبغي تأهيلها بتقنيات “الجيل الثالث” المعتمدة دوليًا، والتي تخفّض الانبعاثات إلى مستويات شبه صفرية.

وفي هذا السياق، حذّر من أن اختيار الشريك الصيني في هذا الملف “غير موفق” باعتبار أن الصين تُعتبر من أكثر الدول تلويثًا للبيئة عالميًا، ولا تملك سجلًا متقدمًا في تكنولوجيا تثمين الفوسفوجيبس أو معالجة النفايات الكيميائية.

حلول عاجلة وأخرى استراتيجية

واقترح الخبير جملة من الإجراءات العاجلة للحد من المخاطر الصحية في القريب العاجل، من أبرزها:

* تشخيص بيئي فوري لتحديد مصادر الانبعاثات بدقة.
* صيانة عاجلة للمعدات المتسببة في التسربات.
* إيقاف مؤقت للوحدات الأخطر على صحة المواطنين.
* توفير دعم صحي لمناطق التأثير المباشر عبر عيادات متنقلة ومراكز مراقبة تنفسية للأطفال وكبار السن.

أما على المدى المتوسط والبعيد، فقد دعا إلى:

* وضع خارطة طريق وطنية شاملة لمعالجة ملف الفوسفاط من الاستخراج إلى التحويل.
تثمين مادة الفوسفوجيبس* بدل تكديسها، عبر تحويلها إلى مواد بناء وطرقات وفق المعايير الدولية.
* تنويع الاقتصاد المحلي بقابس لتقليص التبعية الكاملة للمجمع الكيميائي.

رسالة إلى الحكومة والرأي العام

وختم الرحيلي مداخلته بالتأكيد على أن قابس لم تعد تحتمل الخطاب السياسي المطمئن أو الحلول الترقيعية، قائلاً:
"أهالي قابس يطالبون اليوم بحقهم في الحياة قبل أي شيء آخر. المطلوب مصارحة، رؤية واضحة، وخارطة طريق معلنة زمنيا وتمويليًا. فإما أن نختار طريق الإصلاح والإنقاذ، أو نواصل طريق التردد ونواجه المصير البيئي والصحي الأخطر في تاريخ البلاد."

ويشهد هذا الملف زخماً غير مسبوق بعد توحّد مختلف مكوّنات المجتمع المدني والنقابات والجمعيات في قابس حول مطلب إنهاء التلوث، ما يجعل من الأزمة اختبارًا حقيقيًا لجدية الدولة في إرساء العدالة البيئية والتنموية.




   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 317024


babnet
*.*.*
All Radio in One