أكثر من 98 دولة في العالم قامت بتقنين السجائر الالكترونية للحد من السوق الموازية أين تونس من هذا الخطر؟

تثير مسألة التعاطي مع موضوع السجائر الإلكترونية اليوم كثيرا من الإشكاليات تتعلق أبرزها بتحديد تصنيفها، بين كونها مرحلة جديدة من عادة التدخين السيئة التي اكتسبها الإنسان منذ زمن طويل باعتبار ما ينجر عنها من مضاعفات وأخطار صحية، وبين اعتبارها سبيلا جديدا لتعويض التدخين التقليدي بشكل يمثل ضررا أقل على صحة الإنسان، وبالتالي وجوب التسليم بوجودها وإدخالها فعليا تحت مجهر المراقبة التشريعية والصحية. في الولايات المتحدة مثلا، تم تسجيل عدد هام من الوفيات ومن الإصابات الرئوية لدى مستعملي " السجائر الالكترونية “، لكن الحقيقة هي أن هؤلاء المتضررين كانوا ضحايا المواد المهربة والدخلاء في مجال الكيمياء من الذين يبقى اهتمامهم الوحيد الربح المادي، دون الالتفات الى الآثار والأضرار الصحية التي يتسببون فيها.
في مقال منشور بالمجلة العلمية المعروفة “Science Magazine“بتاريخ 13 ديسمبر2019، تعرض أربعة من المختصين الأمريكيين البارزين في مجال الصحة العامة لهذه الإشكالية ولكلّ ما يحيط بالسجائر الالكترونية من غموض وخصوصا فيما يتعلق بسوائل إعادة الشحن الخاصة بها. بالإضافة الى ذلك، تم التنصيص على الموقف التحفظي الرسمي تجاه استعمال هذا النوع من التدخين ليبقى ذلك أمرا خطيرا وذو حدين: فمن جهة، هو يمكّن السلطات العامة من التنصل من مسؤولية اتهامها بالدعاية لمواد خطرة على الصحة، ومن جهة أخرى هو يضع نفس هذه السلطات أمام مسؤولياتها الأخلاقية لعدم تمكنها من إيجاد بدائل للسجائر التقليدية وبالتالي إهدار فرصة تقديم يد العون للمدخنين. وبحسب نفس المصدر، فإن السبيل الوحيد لضمان عدم وجود انحراف صحي أو قانوني، هو المسارعة بإيجاد أطر قانونية خاصة وصارمة لتقنين استعمال هذا النوع من المواد غير القابلة للاحتراق.
في مقال منشور بالمجلة العلمية المعروفة “Science Magazine“بتاريخ 13 ديسمبر2019، تعرض أربعة من المختصين الأمريكيين البارزين في مجال الصحة العامة لهذه الإشكالية ولكلّ ما يحيط بالسجائر الالكترونية من غموض وخصوصا فيما يتعلق بسوائل إعادة الشحن الخاصة بها. بالإضافة الى ذلك، تم التنصيص على الموقف التحفظي الرسمي تجاه استعمال هذا النوع من التدخين ليبقى ذلك أمرا خطيرا وذو حدين: فمن جهة، هو يمكّن السلطات العامة من التنصل من مسؤولية اتهامها بالدعاية لمواد خطرة على الصحة، ومن جهة أخرى هو يضع نفس هذه السلطات أمام مسؤولياتها الأخلاقية لعدم تمكنها من إيجاد بدائل للسجائر التقليدية وبالتالي إهدار فرصة تقديم يد العون للمدخنين. وبحسب نفس المصدر، فإن السبيل الوحيد لضمان عدم وجود انحراف صحي أو قانوني، هو المسارعة بإيجاد أطر قانونية خاصة وصارمة لتقنين استعمال هذا النوع من المواد غير القابلة للاحتراق.
سوائل إعادة شحن السجائر الالكترونية: معلومات غامضة
بيّنت واحدة من أحدث الدراسات المنشورة والصادرة عن"The American College of Cardiology " هذا العام "آثار السجائر الإلكترونية بالمقارنة بنظيرتها التقليدية" أنّ السجائر الالكترونية هي الأقل ضررا اليوم على الصحة العامة مقارنة بالسجائر التقليدية. وعلاوة على كونها حافزا للإقلاع عن عادة التدخين، فهي لا تستقطب مدخنين جدد "
لكن لا بدّ من الإشارة أنه، واعتبارا من الصيف الماضي، تغيرت وجهة النقاش حول موضوع السجائر الإلكترونية، بعد صيحة فزع أطلقتها " Centers for Disease Control and Prevention (CDC) " حول ظهور أعراض رئوية حادة ناتجة عن استعمال السجائر الإلكترونية، أطلق عليها السلطات الأمريكية اسم “EVALI ". هذا الخطر ناجم بالتحديد عن الاستعمالات السيئة للسوائل الموزّعة في السوق الموازية.
بوجود الأسواق والمواد الموازية، لا شيء يقف اليوم أمام الفئات العمرية الصغيرة للوصول وبسهولة إلى المواد المعدّة باستعمال مادة النيكوتين، خصوصا مع انخفاض التكلفة في الأسواق السوداء بالمقارنة مع المسالك الرسمية. لعل تواصل منع السجائر الإلكترونية يبقى سببا في توجه فئة كبيرة من المراهقين نحو تدخين السجائر التقليدية.
بناء على ما ذكرنا، فإن استعمال سوائل إعادة شحن السجائر الإلكترونية والقادمة من مصادر غير مرخصة ومن مسالك توزيع موازية، يبقى أمرا خطرا ومهددا للسلامة الصحية للمراهقين والبالغين على حد سواء. بتاريخ 4 ديسمبر 2019 أعلنت " CDC“عن تسجيل 2291 حالة مرضية و48 حالة وفاة في الولايات المتحدة. كما دعت الـ “CDC"والـ “Food and Drug Administration (FDA) “كل المستهلكين ّإلى تجنب استعمال مادة "THC" أي المواد المستخرجة من القنب أو كل سوائل الشحن مجهولة المصدر “.
مخاطر المواد المحظورة وأهمية إيجاد إطار محدد وخاص
أكثر من مليار نسمة تقريبا هم ضحايا مضار التدخين خلال القرن الواحد والعشرين، ويذهب الخبراء إلى أنّ هذا الرقم المفزع يدفع، بالضرورة، "لإيجاد نوع من المفاضلة بين المضر والأقل ضررا. وهو ما يحتم اليوم إيجاد سبل لتدخل المشرعين لإيجاد حلول عملية لتقنين مجال ترويج السجائر الالكترونية وجعلها متاحة للمدخنين" ويرون في نفس السياق أنّه "من الواجب والضروري إيجاد سبل جديدة وصارمة للتقليل من استهلاك الشباب لهذه المواد ".
احتواء أضرار السجائر الالكترونية.. دعم حكومي متزايد
في كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة تعرف مسألة التعامل مع موضوع " السجائر الالكترونية " تطورا ملحوظا من خلال حرص متزايد من الهيئات الصحية في هاذين البلدين على الاعتماد وبشكل كلي على التحاليل والنتائج العلمية المتعلقة بالمفاضلة بين التدخين التقليدي وهذا النوع المستحدث من التدخين. حسب " Science Magazine " فإن " أكثر من 8 ملايين حالة وفاة مبكرة تم تسجيلها في سنة 2019 وحدها نتيجة لاستعمال التبغ، وليس مادة النيكوتين بحدّ ذاتها. إن توسيع استعمال مادة النيكوتين غير القابلة للاحتراق بشكل مقنن ومتواصل سيكون له الأثر الكبير في السنوات القادمة على الصحة في العالم ".
سواء تعلق الأمر بقوانينها الفيدرالية أو الوطنية، فإن عدد الدول التي قامت بتقنين مجال ترويج السجائر الإلكترونية قد بلغ اليوم أكثر من 98 دولة في العالم، ومن ذلك القوانين المنظمة للبيع والدعاية والترويج والتعليب (علب لحماية الأطفال وملصقات تحذر من خطورة الاستهلاك)، بالإضافة الى تنظيم المواد نفسها من نواحي الحجم ودرجة تركيز النيكوتين والسلامة والمكونات والمذاقات المختلفة.
ماذا عن تونس؟؟
لجأت البلدان المجاورة لتونس (مثل إيطاليا أو المغرب أو حتى مصر) إلى اتخاذ خيارات تهم تنظيم مجال تسويق السجائر الإلكترونية، وذلك باعتماد نموذج اقتصادي واضح ودائم يعمل على منافسة أسعار المواد الموجودة في السوق الموازية، بالإضافة إلى السجائر التقليدية والقابلة للاحتراق الأمر الذي يتيح للمدخنين فرصة أكبر للوصول إلى بدائل النيكوتين الجديدة والأقل ضررا.
وللإشارة ظهرت السجائر الإلكترونية في تونس منذ سنة 2011 ليبلغ اليوم عدد مستعمليها أكثر من 70 ألف مستهلك يعتمدون في التزود على الأسواق الموازية والمهربين وعلى الدخلاء في مجال الكيمياء من الانتهازيين. ليبقى السؤال الأكثر إلحاحا هو: هل سنبقى في تونس في انتظار تسجيل موجة من الوفيات أو الإصابات الجماعية حتى نذهب الى تقنين هذه السوق وادماجها في الدورة الاقتصادية ووضعها تحت مجهر الرقابة الصحية؟ أم أننا سنكتفي بإحصاء ضحايا التبغ التقليدي؟؟
يبقى الحل الأكثر نجاعة هو التوقف عن تدخين السجائر ولكن ماذا عن الذين لم ولن يتمكنوا من ذلك؟
ن. ج.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 197138