مليارات الغنوشي المزعومة و وثائق "الوطية " ...أو كيف نُغرق الرأي العام في أوحال "الإشاعة" ؟

طارق عمراني
"اكذب اكذب حتى يصدقك الناس "
"اكذب اكذب حتى يصدقك الناس "
جوزيف غوبلز ...وزير الدعاية النازي
"نظرية المؤامرة لذيذة و تروق للجميع لأنها تعطيك على الفور انطباعاً بأنك أذكى من الآخرين و أنك تعرف خفايا الأمور ..."
أحمد خالد توفيق
ان المتابع لمواقع التواصل الإجتماعي و على رأسها موقع الفايسبوك يلمح بشكل جلي كمّ الإشاعات التي يقع تداولها على الصفحات لتنتشر بشكل واسع و تصبح حقيقة ثابتة يقع التعاطي معها بكل دغمائية .
"الجمهور عاوز كدا "
قاعدة ابتكرها الإعلام المصري لإضفاء المشروعية على ترسانة المغالطات التي ينشرها و شرعنة "الشو الإعلامي" ليصبح منهجا لإستقطاب المشاهد .
الأمر معقد و يحتاج الى دراسات اكاديمية اجتماعية و نفسية مستفيضة لتفسير أسباب هذا الشبق "الجماهيري " لأخبار الإثارة و التي تكون في غالبها إما قائمة على التضخيم و التهويل أو قائمة على المغالطات و الكذب و ربما جميعها في ذات المادة .
نظريات المؤامرة هي المحرك الاول لإنتشار الإشاعة و هنا يمكن أن نقسم الإشاعات التي تدور في فلك السياسة التونسية في الفترة الأخيرة إلى نوعين
*اشاعات تلاحق رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي و إنطلقت بدفع إعلامي مركز من الاذرع الإعلامية الإماراتية كرد فعل بافلوفي على خسارة وكيل ابوظبي في ليبيا المشير المتقاعد خليفة حفتر ميدانيا و الهزائم التي منيت بها ميليشياته في محاور القتال في طرابلس و ترهونة ثم خسارة قاعدة الوطية الإستراتيجية (سنعود بالتحليل حول الإشاعات التي نسجت حولها لاحقا) ...
العربية ،سكاي نيوز ،العين الإماراتية ،ارم نيوز ،حفريات ،كيو بوست ،العرب اللندنية و غيرها ...اسماء اصبحت مألوفة اعتاد عليها المتابع التونسي بعد ان غزت تونس إفتراضيا بخدمة التمويل الإشهاري sponsoring الموجه جغرافيا لأسابيع طويلة بمقالات تحمل نفس الرسائل "من أين لك هذا " "ثروات زعيم اخوان تونس تحت المجهر " "عريضة شعبية لمساءلة الغنوشي" و غيرها من القوالب الجاهزة ....و هي رسائل موجهة لشق من الرأي العام التونسي تلقّفها دون تمحيص أو تثبت لأنها تخدم مصالحه الإيديولوجية المعادية لحركة النهضة و زعيمها و قام بترويجها في المجموعات و الصفحات و الحسابات في إطار شحن عاطفي للشارع للإنخراط في التحركات الإحتجاجية التي يقع التحضير لها للإطاحة بالبرلمان و الحكومة .
لأسابيع...أصبحت الصفحات الفايسبوكية التونسية و المواقع الإلكترونية التونسية التي تحركها جهات سياسية معادية للإسلاميين ،مستهلكا أساسيا للمنتوج الإعلامي الإماراتي الرث .

*في المقابل و أمام الإشاعات القادمة من قاعة العمليات في ابوظبي بقيادة طحنون بن زايد ضجت الصفحات الفايسبوكية المحسوبة على الشق الثوري و المحافظ بأخبار ووثائق قيل أنها تسربت من قاعدة الوطية الليبية بعد تحريرها و العثور على كنز استخباراتي يورّط الإمارات و فرنسا في ملفات ارهابية ثقيلة في تونس و من بين الوثائق وثيقة قيل انها مراسلة من عميل أمريكي بليبيا لوزارة الدفاع البنتاغون و تتضمن تفصيلا للتحركات الإماراتية بقيادة الفلسطيني المنشق عن حركة فتح محمد دحلان في تونس لإجهاض الثورة .
الوثيقة و بإجتهاد شخصي بسيط لم يستغرق سوى بعض الدقائق تبين و أنها مفبركة و تعود لمراسلة وزارة الدفاع الأمريكية لسيدة تدعى pauline boyle توفي زوجها في ليبيا صيف 2012 طلبت معطيات حول ملابسات الحادثة في اطار حقها للنفاذ الى المعلومة و هذا ما يؤكده المقال المنشور على صحيفة أمريكية سنة 2016

...
من النافل القول بأن الإمارات العربية المتحدة تعادي ثورات الربيع العربي و خاصة تونس التي صمدت في وجه كل مؤامرات عيال زايد و أجهضت كل مشاريعهم التخريبية و وأدت مكائدهم في المهد ،غير أن الموضوعية تحتم علينا أن لا ننساق وراء الإشاعات التي اصبحت تمس أمننا القومي و تفتت النسيج الوطني بشكل خطير .
شعار "كل الاسلحة مباحة في الحرب " الذي يتم تداوله بين نشطاء الاحزاب في تونس كان الشعار الذي ردده الطيار الامريكي بول تيبيتس عند إلقائه لقنبلة "الولد الصغير " النووية على هيروشيما اليابانية يوم 6 أوت 1945 .
الإشاعة أيضا سلاح فتاك قادر على تغيبب الوعي و صناعة رأي عام أعمى و مدمغج قد يتحول إلى فرانكشتاين متوحش يفتك بصانعه .
Comments
5 de 5 commentaires pour l'article 203940