في البلطجة، و غياب الدولة الفعالة

<img src=http://www.babnet.net/images/1a/fautemedicale.jpg width=100 align=left border=0>


كتبه / توفيق الزعفوري

منذ سنوات قليلة، نتذكر جيدا، عندما كلف وزير الصحة سعيد العايدي، شكري التونسي بإدارة المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس، و ما تبعه من تكسير عظم، و تمرد البلطجية من النقابيبن على قرارات السلطة، سلطة الاشراف، و تمسكها به و دعمه و إظطر أخيرا إلى طلب نقلته من الوزيرة سميرة مرعي، لإستحالة العمل في دوائر تفوح منها رائحة الحقد و الفساد، و نتذكر جيدا ، أيضا عندما أراد وزير الصحة من قبله عبد اللطيف المكي، إلزام المتخرجين من أصحاب الميدعات البيضاء، و "القلوب الرحيمة" بالعمل لمدة سنتين خارج العاصمة، في دواخل البلاد ، فيما كان يعرف ب"قانون عمل الأطباء بالداخل" ، و ما تبع ذلك من لي ذراع الوزارة، و تصلب البلطجية في الدفاع عن شرف وهمي.. و أدى ذلك إلى تقديم إستقالته بسبب قوة إرتداد النظام الفاسد و شراسته في الدفاع عن وجوده و اليوم نكتشف أن الأغلبية ممن تكفلت الدولة بمصاريف تعليمهم و تدريبهم يرفضون رد الجميل، بل العكس، فيهم من يستهتزؤون بمن أُؤتمنوا عليهم و يوغلون في التسيّب، و الإستهتار تدخينا للممنوعات، و تشفيا بالرقص على حساب راحة المرضى!!!.





من أي طينة هؤلاء؟؟

هل يدرك هؤلاء و من وراءهم أن أغلب المشافي في تونس هي مجرد إسطبلات مقرفة مقارنة بأبسط مرفق في دولة الكفار!!. هل إكتملت نشوتهم، بعد أن يموت شباب تونس و تذبل زهورها في عز ربيعها لأنه لا يوجد طبيب إختصاص في تلك المناطق التي رفضوا العمل فيها؟؟ هل إكتملت نزوتهم و هم يعرفون أن عنادهم و نكران الجميل لجهات تونس هو تنصل من مسؤوليات الطبيب؟؟

ماذا لو رفض جندي العمل في أي مكان من الجمهورية، أو في منطقة تمثل تهديدات لأمن التونسيين؟؟؟ ألا يدرك هؤلاء أن خدمة البلاد التي يتشدقون بها في جلساتهم و خلواتهم هي واجب مقدس لا يمكنك أن ترفضه، لماذا لم يرفض أساتذة التعليم الثانوي هذا الإجراء، وقد حصلوا على إحترام الناس في أعماق تونس و مناطق الظل فيها!؟؟ لماذا يعتقد الأطباء أنفسهم أنهم أصحاب رسالة و يرفضون العمل في دواخل البلاد!؟ ؟؟هل يجب دائما الاعتماد على الأطباء الصينيين و غيرهم في إطار عقود تكلف المجموعة الوطنية غاليا لان أبناء تونس مدللون زيادة على اللزوم،. و لا يمكنهم أن يبتعدوا عن أمهاتهم و زوجاتهم و أولاد حومتهم و الذهاب إلى منطقة تونسية تبعد فقط 100 أو 200 كلم.. ماذا نقول إذن عن الأطباء الصينيين الذين نعتمدهم في مستشفياتنا، و يأتون من آلاف الكيلومترات بعيدا عن أوطانهم و ديارهم و زوجاتهم الخ..؟؟.ليس الذنب ذنبكم، الذنب، يبقى دائما ذنب العزري الذي إستقوى على سيده، و إستضعف الدولة التي تدفع له أجره بسخاء..

دائما يُصدَم التونسيون في مسؤوليهم، و دائما ما يدارون سوءتهم بما أسوءُ منها، حتى ندرك أن "العزري أقوى من سيدو" و أن البلطجة، و الإنفلات من العقاب و الفساد و كل ماهو موازي هو مؤشر خطير على غياب سلطة القانون و غياب الأجهزة الرقابية و إذن غياب الدولة..

لا يخفى على أحد وجود لوبيات، و مجموعات ضغط ذات واجهة نقابية في كل قطاع، و هي تمثل عقبة أمام النجاح و الاستمرار أكثر من كونها جزء من الحل، إذ تعتبر نفسها بحكم العدد و العُدّة، أنها بديل عن الدولة و مؤسساتها و أنها فوق القانون، بل هي تمارس القانون،النقابي الموازي..

كل الأمم التي بنت نفسها، و بنت حضارتها، إجتهدت في إعلاء قيمة العمل، و لا شيء غير العمل، في حين نتباهى نحن بنجاح إضرابات عامة بنسبة 99٪ ثم نشتكي، لمَ تأخر النمو الاقتصادي، لم لا يوجد طبيب هناك أو آلة فحص هنا، و لم أحرق شاب نفسه أو ينتحر طفل العاشرة!!؟؟ و غيرها من الأسئلة الإنكارية التي نعرف مسبقا أن السبب فيها هو نحن و لا غير هذا ال" نحن"، المارق ،و حتى تستعيد الدولة، وجودها و هيبتها، هي تعرف ما يجب عليها فعله، عليها فقط أن تفعل، و بدون إبطاء...


Comments


1 de 1 commentaires pour l'article 193802

MedTunisie  (Tunisia)  |Mercredi 4 Decembre 2019 à 20:46           
لو نكون صناديق و نفتح ملف الاتحاد منذ1967 ستكتشف مدى الخراب و الدمار الذي أحدثه


babnet
*.*.*
All Radio in One