القوة الناعمة في ماكينات النهضة و النداء الانتخابية

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/rachedsidibouvvcx1.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم الاستاذ بولبابه سالم

تشهد تونس قرب انتهاء الحملات الانتخابية استعدادا ليوم 6 ماي القادم ، و لعل أبرز ما لاحظه المتابعون هو غياب التصريحات المثيرة و تبادل الاتهامات بين القوتين الرئيسيتين حركة النهضة و نداء تونس و التي ميزت حملاتهما الانتخابية سنة 2014 .





و تعتبر شراكتهما الحكومية و التوافق الذي ميّز السنوات الاخيرة بين الشيخين و الحزبين قد أزال الكثير من الأحقاد و التوتر . لذلك تركزت الحملات الانتخابية على استنفار القواعد و استعراض البرامج و تنظيم لقاءات مباشرة مع المواطنين . و رغم بعض الاصوات التي تريد احياء الاستقطاب الثنائي و تسعى الى التمعش منه لانها وجدت نفسها في التسلل و خارج الحسابات فان الخطاب السياسي للحزبين الكبيرين شهد تهدئة ملحوظة ، و لعل القانون الانتخابي الحالي الذي لا يسمح بسيطرة مطلقة لاي حزب او بسقوط شعار "التصويت المفيد " الذي تجاوزته الاحداث و لن يصدقه احد بعدما حصل اثر انتخابات 2014 .

غياب التشنج و التغطية الاعلامية الباهتة بعد قرارات الهايكا جعل الماكينات الانتخابية للأحزاب تستنفر قواعدها و تشتغل باقصى سرعتها لاستقطاب المواطنين و اقناعهم بصواب خياراتها . و لعبت صفحات الفيسبوك دورا كبيرا في ذلك حيث ظهرت صفحات جديدة باسماء مستعارة تقوم بالدعاية و اخرى تتولى نشر المغالطات و التشويه و ضرب الخصوم السياسيين و انفقت الاحزاب اموالا طائلة لتظهر صفحات Sponsorisé قادرة على ايصال الرسائل و الخطابات الى اكبر عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي ، كما تجندت قواعد الاحزاب الاخرى للموعد المنتظر .

و يرى مراقبون ان حركة النهضة ارادت تسويق صورة الحزب الذي يستقطب النساء غير المحجبات و دعمهن مثلما فعلوا مع رئيسة قائمة سيدي بوسعيد سليمة بن سلطان او المترشحات في قوائم المنستير و باردو ، كما عملوا على تسويق صورة سيمون سلامة عن دائرة المنستير باعتباره مواطنا يهوديا لتظهر انها تخلت عن صرامتها الايديولوجية القديمة ، و نظمت النهضة ايضا اجتماعات شعبية في كل القرى و المدن و طاف رئيسها الاستاذ راشد الغنوشي البلاد لدعم قائمات حزبه كما تجندت القيادات النهضوية الاخرى لنفس الهدف .. من ناحية اخرى عملت الماكينة الانتخابية لحركة النهضة و مكتبها الاعلامي على نشر كل الانشطة بما فيها المقاهي السياسية على الفيسبوك حتى أقر ّّ كثيرون بسيطرة انصار النهضة على الفضاء الازرق ، و الحقيقة ان النهضة و رغم حملات التشويه المفضوحة من بعض الابواق الماجورة فقد اثبتت قدرتها على التعبئة في المواعيد الكبرى .


اما حزب نداء تونس فقد استنفر قواعده و ماكينته التي عملت بقوة سنة 2014 و طاف قياديوه تونس شمالا و جنوبا لدعم قائماتهم ، كما تم احياء صفحات فيسبوكية كانت غائبة لتقوم بالترويج لبرامجه و اصطياد هفوات و زلات خصومه و خصوصا حركة النهضة ، و شهدت قوائم النداء الانتخابية تواجد الكثير من الشخصيات المستقلة مع وجود نساء محجبات و استطاع النزول الى مختلف المناطق بخطاب مغاير عن المواعيد السابقة و دون وعود غير قابلة للانجاز ،، و لا ننسى ان نداء تونس حقق التوازن في المشهد السياسي في البلاد بعد الانتصار الساحق لحركة النهضة في انتخابات 2011 .

القوة الناعمة تظهر في وسائل الاعلام و الادارة و الفن و الثقافة و تاثير النخب ، و لئن سيطرت النهضة على الاعلام الالكتروني و خصوصا الفيسبوك فان حضور نداء تونس اقوى لدى النخب و الادارة و الفنانين و القنوات الخاصة التي تشغل اعلاميين و كرونيكورات غير محايدين و بعضهم معادي للتيارات الاسلامية .

الامكانيات المادية الضخمة لهذين الحزبين لا تقارن ببقية مكونات المشهد السياسي ، و الانتخابات هي أموال و برامج و قدرة على التعبئة و الاستقطاب . و تشكل الانتخابات القادمة اختبارا لهما باعتبارهما احزاب حكم ، كما ستكون امتحانا لمعرفة الحجم الحقيقي و الميداني لجميع الاحزاب .

الجبهة الشعبية تعمل ميدانيا و تجند انصارها و ترفع شعار " اليد النظيفة تبني بلدية نظيفة " في اشارة الى انتشار الفساد ، اما القائمات المستقلة فقد تحقق المفاجاة لان الانتخابات البلدية تختلف عن غيرها و تعتمد على وجاهة الشخصيات المترشحة .
يرى مراقبون ان نتائج انتخابات 6 ماي الجاري سيكون لها تاثير مباشر على استحقاقات 2019 الحاسمة في انتظار قرار المسؤول الكبير .
كاتب صحفي


Comments


3 de 3 commentaires pour l'article 161060

Ammar  ()  |Mercredi 2 Mai 2018 à 18:45 | Par           
أستاذ جامعي "زبراط" لم تعمه الأيديولوجيا أو تجاوز المراهقة الجامعية... لست أدري... فاجأني في صائفة 2011 بأنه سينتخب النهضة... أمام دهشتي واستغرابي أجابني واثقا: "دعك من معارضات النخبة والصالونات! النهضة هي الماكينة الوحيدة القادرة على هزم النظام القديم وهي القوة السياسية الوحيدة التي يحسب لها "السيستام" أيما حساب لامتدادها الشعبي ولانضباط كوادرها وقواعدها..." En quelque sorte, un "vote utile" avant l'heure et en sens inverse! بعد انتخابات2011 ثم 2014 الانتخابات البلدية تثبت لي الآن مجددا رجاحة رأي الرجل... مع التشبث المرضي لقيادات المعارضات الديمقراطية الاجتماعية بالتشتت والنرجسية وانعدام الحرفية، النهضة، أحببنا أم كرهنا، وأكانت في "توافق" أم في "تدافع" معها، هي السلطة المضادة القائمة الوحيدة لمنظومة الدولة العميقة في كامل أرجاء البلاد... إضعافها اليوم خطر على الانتقال الديمقراطي وفتح الباب مرة أخرى على مصراعيه للمتربصين من الداخل والخارج بالتجربة الديمقراطية التونسية والمبشرين من كل صوب وحدب بعودة الاستبداد أو بالفوضى الثورجية الخلاقة...

MOUSALIM  (Tunisia)  |Mercredi 2 Mai 2018 à 17:21           
المحجبات في النداء والجبهة وغير المحجبات في النهضة يعني أن الأحزاب تحاول تجاوز النظام القبلي والإنفتاح على الحياة المشتركة لكل التونسيين بعيدا عن التدقيق في الهوية قد تكون ضرورة إنتخابية وقد يكون قرارا إستراتيجيا للمستقبل .

Mandhouj  (France)  |Mercredi 2 Mai 2018 à 16:18 | Par           
المسوءول الكبير هو الشعب الذي إختار إرادۃ الحياۃ .. أما ما نصطلح عليه بالمسوءول الكبير فهو زاءل .. إذا الشعب أراد الحياۃ :: فلابد أن يستجيب القدر .


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female