الأداء على الثروة ومنظومة "ليكوبا" لمتابعة الحسابات البنكية: قراءة نقدية لأستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي
في حوار مطوّل ضمن برنامج "Eco Mag" على إذاعة "إكسبريس أف أم"، قدّم الأستاذ الجامعي في الاقتصاد رضا الشكندالي قراءة تحليلية معمّقة لمشروع فرض الأداء على الثروة ومتابعة الحسابات البنكية الدورية، ضمن ما ورد في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026، مبيّناً الإشكاليات الاقتصادية والعملية المرتبطة بهذا التوجه.
مفهوم الأداء على الثروة
مفهوم الأداء على الثروة
أوضح الشكندالي أن الأداء على الثروة هو ضريبة تُفرض على صافي أصول الفرد أو الأسرة بعد خصم الديون، وتشمل الممتلكات العقارية، الأموال المودعة، الأسهم، الودائع، السيارات الفاخرة، وحتى الذهب والمجوهرات، وذلك عندما تتجاوز قيمة هذه الممتلكات حداً معيناً.
وبيّن أن الهدف المعلن من هذا الأداء هو تحقيق العدالة الاجتماعية عبر إعادة توزيع الدخل والثروة، إلا أن التجارب العالمية – بحسب قوله – أثبتت محدودية المردودية الجبائية لهذا الإجراء، بل وارتفاع كلفته مقارنة بالعائد المالي منه.
تجارب الدول الأخرى
استعرض الشكندالي تجارب عدد من الدول التي طبقت هذا النوع من الضرائب، على غرار إسبانيا، النرويج، سويسرا والأرجنتين، ملاحظاً أن المداخيل التي تحققها هذه الدول من الأداء على الثروة ضعيفة جداً ولا تتجاوز في بعض الحالات 1% من مجموع المداخيل الجبائية.وأشار إلى أن دولاً كبرى مثل فرنسا، ألمانيا، السويد، هولندا والدنمارك تراجعت عن هذا الإجراء وألغته كلياً أو جزئياً، معتبراً أن إصرار تونس على المضي في هذا الاتجاه بعد سنوات من فشل التجربة في أوروبا هو خيار خاطئ ومتأخر زمنياً.
الانعكاسات على الاقتصاد التونسي
أكد الشكندالي أن تطبيق الأداء على الثروة في السياق التونسي قد تكون له تداعيات سلبية خطيرة، أهمها:* انخفاض معدلات الادخار الوطني التي تراجعت من 21% سنة 2010 إلى نحو 4.7% فقط سنة 2024.
* تراجع السيولة البنكية بسبب سحب الودائع وتحويل الأموال نحو الاقتصاد الموازي.
* إضعاف قدرة البنوك على تمويل القطاع الخاص والاستثمار، في ظل تركّز القروض على تمويل عجز الدولة.
* ارتفاع مخاطر تهريب الأموال وضعف الثقة في النظام الجبائي.
وأضاف أن هذا التوجه يتناقض مع شعار "الاعتماد على الذات" الذي ترفعه الدولة، إذ أن إضعاف التمويل الداخلي سيدفعها حتماً نحو التمويل الخارجي وزيادة التداين.
منظومة "ليكوبا" ومتابعة الحسابات البنكية
وتطرّق الشكندالي إلى منظومة "ليكوبا" التي تمكّن الدولة من متابعة الحسابات البنكية والمالية للمواطنين بشكل دوري ودقيق، قائلاً إن المنظومة في حدّ ذاتها قد تكون مفهومة في إطار الشفافية، لكن تزامنها مع فرض الأداء على الثروة يثير مناخاً من القلق والرعب لدى رجال الأعمال.وأوضح أن غياب العدالة الجبائية وارتفاع الضغط الضريبي في تونس يجعل المواطن والمستثمر يفقدان الثقة في النظام الجبائي، مما يدفعهما نحو التهرّب أو سحب أموالهم من البنوك.
دعوة إلى إصلاح شامل
وختم الأستاذ رضا الشكندالي بالتأكيد على أن السياسات الجبائية في تونس تسير بمنطق محاسباتي لا اقتصادي، وأن قانون المالية لسنة 2026 جاء دون رؤية تنموية أو دراسات جدوى دقيقة، مشدداً على أن الحل لا يكون في فرض ضرائب جديدة، بل في:* توسيع القاعدة الجبائية.
* خفض الضغط الجبائي الحالي.
* تحفيز الاستثمار والإنتاج لخلق النمو ومواطن الشغل.
وقال إن تونس تحتاج إلى نظام جبائي عادل وبسيط، لا يرهق المواطنين ولا ينفّر المستثمرين، مؤكداً أن العدالة الاجتماعية لا تتحقق عبر الجباية وحدها بل عبر الإصلاح الاقتصادي الشامل.












Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 318326