أخطاء المؤقت و جرائم الدائم

أبو مـــــــازن
الى المواطن التونسي الذي حلم بالثورة و انتشى لحظة هروب المخلوع، الى الزوالي الذي يقف أمام معلقات عملاقة انتصبت بالأمس تهجو المؤقت و تنعته بشر النعوت، فهو الوسخ و الارهاب والرش والغلاء والفقر، لا تأخذنك البلاهة والحمق كما أرادوا لك و لتسأل نفسك بعض الأسئلة البسيطة: من علّق هذه الاشهارات المقرفة و من اختار توقيتها و من دفع ثمنها؟ هي بآلاف آلاف الدينارات، نعم دينارات: تلك التي تجتهد في جلبها بعرق جبينك لتشتري خبزا وحليبا لطفل صغير، لتشتري خضرا لازلت لا تدرك سبب غلاءها رغم الأمطار المتهاطلة والأرض الخصبة التي ميّز الله بها بلدنا.
الى المواطن التونسي الذي حلم بالثورة و انتشى لحظة هروب المخلوع، الى الزوالي الذي يقف أمام معلقات عملاقة انتصبت بالأمس تهجو المؤقت و تنعته بشر النعوت، فهو الوسخ و الارهاب والرش والغلاء والفقر، لا تأخذنك البلاهة والحمق كما أرادوا لك و لتسأل نفسك بعض الأسئلة البسيطة: من علّق هذه الاشهارات المقرفة و من اختار توقيتها و من دفع ثمنها؟ هي بآلاف آلاف الدينارات، نعم دينارات: تلك التي تجتهد في جلبها بعرق جبينك لتشتري خبزا وحليبا لطفل صغير، لتشتري خضرا لازلت لا تدرك سبب غلاءها رغم الأمطار المتهاطلة والأرض الخصبة التي ميّز الله بها بلدنا.

لا يكون الأمر بمعزل على ما ينتظر بلادنا في قابل الأيام من دورة ثانية للظفر برئاسة الجمهورية، و لا يكون هذا الأمر أيضا دون أموال كثيرة غادرت خزانات رجال الأعمال المشبوهة بعد سنين الركود والخمول أو استقدمت من الخليج الباغي على بني عمومته كما فعل في مصر و غيرها من دول الربيع العربي. عرفتم الآن من يروج لأخطاء المؤقت التي كانت نقطة سوداء في صفحة الحرية التي اكتسبها الشعب يوم تحطمت أحلام رجال الأعمال الفاسدة و المشبوهة و بقايا الديكتاتورية. ان أخطاء المؤقت التي تشمل كامل الفترات الانتقالية التي تلت هروب المخلوع فشارك في رفع نسقها حكومة الغنوشي و حكومة قايد السبسي وحكومات الترويكا و حكومة الكفاءات. ان المواطن لا ينسى من أرق ليله و أرعب صغاره ابان الثورة لما كان يستمع لصوت الطلقات النارية كلما مرّ فارّ مغادرا أرض الجمهورية، ولا ينسى أيضا التهريب والاحتكار كيف تطور بُعيد الثورة و تلاعب بالاسعار فصرنا نلاحظ غياب المواد ونفتقدها لأيام. هذا المواطن المتأمل لما عُلّق قد يشمئز من صور انتشرت وارتبطت بفترة الترويكا خصوصا بعد هرسلة اعلامية وقصف ذهني كل مساء على قنوات العايلة والتونسية والوطنية وغيرها من القنوات.

نعم للفترة المؤقتة برمتها أخطاء جمة اختلطت فيها المؤامرة بقلة الدراية والمعرفة بشؤون الحكم. كانت هناك فترة تردد في بعض الأحيان و اندفاع مبالغ فيه في بعض الاحيان الأخرى، كانت هناك اعتداءات على الحريات و افساد للمحيط والبيئة بأكوام الأوساخ التي انتشرت في كامل تراب الجمهورية. لكن السؤال الذي يطرح ثانيا: هل رأيتم وزيرا يستعمل سلاحه أو رشّه لملاحقة متظاهرين أو يجمع المزابل التي ترجع اليه بالنظر ؟ هل رأيتم وزيرا يتربّح من الاحتكار والتهريب؟ ان الاشكال الذي عانى منه المؤقت هو افتقاد الرابط بين أهل القرار وأهل التنفيذ في عديد المصالح بتعلة الحرية والثورة أوالانتصار للماضي.
لكن جرائم الدائم الماضي الذي أطال المقام عظيمة جدا لا تقارن بأخطاء المؤقت، بل قد تكون مجرد جزء بسيط عانى من التونسيون في فترة وزارة ما. التاريخ يشهد عن الارهاب الذي مورس على الشيخ الثعالبي وخلانه وكيف تعرض لعديد محاولات الاغتيال، نفس التاريخ يشهد على تصفية أصدقاء النضال من يوسفيين وفلاقة و آفاق واسلاميين ويساريين و وقوميين و غيرهم. لا يعدو الأمر مجرد تعذيب أو تصفية ولكنه قطع رزق وتشتيت عائلات و محاصرتها في كل شبر من الأرض التونسية التي انتشرت فيه. من جرائم الماضي تبديد الثروة في بضع سنين لما كانت المخططات غائبة و الاموال تغدق كما اتفق حتى طرق الافلاس باب بلادنا فعزمنا الامر للتعاضد وكانت خيبة المسعى. هناك جرائم عديدة لا ينساها المواطن مهما علقت صور المؤقت ‘‘التدميرية‘‘ فهو لا ينسى أحداث جانفي 76 و أحداث الخبز 84 أيام كان الزعيم المريض مغيبا عن الواقع و فاقدا لاهلية الحكم، يومها لم يتجاوز عمره الثمانين ولكن البلاد كانت تترنح بين مكائد عصابات القصر و طموح الانقلابيين.
ان الجرائم التي قام بها الوضع الدائم أتت على فئات و جهات من الشعب التونسي فجعلته فقيرا يلهث وراء وسيلة نقل عمومي تأتي مرة في الأسبوع. لقد رأينا كمّ الأكواخ المنتشر في الشمال والوسط وفي عديد الأماكن والتي نسيتها الكاميرا لعقود ولكنها بحثت عنها بعد الثورة لتربطها بالمؤقت. ان مصادرة الحريات والجرائد و الانترنات و كل منفذ للمعلومة الصحيحة أرق التونسيين جميعا لسنين عدة و نغص حياتهم فهل يمكن أن يكون هذا مجرد خطأ دائم؟ كلا انها الجريمة بعينها. أيها التونسي الذي ينظر معلقات المؤقت لا تنسى عصابات الجباية 26ـ26 و ظلم الأصهار الذين يتطاولون على التجار و رجال الأعمال فينهبون أموالهم بشتى الطرق و يستفيدون من البنوك أيما استفادة. هذه جرائم الدائم فماذا فعل المؤقت الذي صدم بالحيلة و المكيدة و وقع في فخ الدائم الغائب الحاضر بعد الثورة؟
Comments
52 de 52 commentaires pour l'article 95788