نهاية النزاع التحكيمي التاريخي بين الدولة التونسية وABCI "إن الباطل كان زهوقا"
سليم بن حميدان (*)
أصدر المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار CIRDI-ICSID، بتاريخ 21 نوفمبر 2024، قرارا باتا يؤيد القرار التحكيمي الصادر في 22 ديسمبر 2023 لفائدة الدولة التونسية في نزاعها التاريخي ضد شركة ABCI لصاحبها المدعو عبد المجيد بودن.
أصدر المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار CIRDI-ICSID، بتاريخ 21 نوفمبر 2024، قرارا باتا يؤيد القرار التحكيمي الصادر في 22 ديسمبر 2023 لفائدة الدولة التونسية في نزاعها التاريخي ضد شركة ABCI لصاحبها المدعو عبد المجيد بودن.
وبذلك يسدل الستار نهائياً على أطول نزاع تحكيمي في العالم حيث بدأ منذ سنة 1982 ويرفع السيف عن رقبة الدولة التونسية التي كانت مهددة بدفع تعويضات هائلة تناهز ال37 مليار دينار لو صدر القرار وفق طلبات الخصيمة.
بقدر ما يشكله هذا القرار التاريخي من مكاسب لدولتنا ولكل المجموعة الوطنية، بقدر ما يمثل خبرا سارا لي شخصيا وللسيدة المكلفة العامة بنزاعات الدولة سابقا حيث يرفع عنا مظلمة قضائية وسياسية وإعلامية لا تزال مستمرة منذ إحدى عشرة سنة تتمثل في قضية جنائية كيدية خطيرة عنوانها العريض التسبب في خسارة احتمالية للدولة في ذلك النزاع وتخللتها حملات بائسة ومغرضة تستهدف أعراضنا وذممنا لم يترك خلالها أوغاد السياسة وأوباش الإعلام الفاسد نعتا إلا وأطلقوه ضدنا كالخيانة والتآمر والفشل والتواطؤ... إلخ.
باختصار شديد، لقد جاء هذا الانتصار الكبير ثمرة جهود تراكمية جبارة ساهم فيها كثير من المسؤولين والموظفين والمحامين والقضاة الشرفاء ممن تعاقبوا وتعاونوا على إدارة أخطر وأعقد ملف نزاعي في تاريخ دولتنا. بل لست مبالغا إذا قلت أنه كان لنا فيها زمن إشرافنا على وزارة أملاك الدولة، ورفقة السيدة المكلفة العامة (عفيفة البوزايدي النابلي) ورئيس الديوان (السيد نجيب الحلومي) وثلة متميّزة من المستشارين المقررين لنزاعات الدولة وفي مقدمتهم (السيدان رجب بسرور وعمر السيفاوي) آنذاك دور محوري هام في إيصال دولتنا إلى برّ الأمان رغم مكر الأشرار الذي تزول منه الجبال ويشيب لهوله الولدان.
ولعله من العجيب اليوم أن يتفق طرفا النزاع على عدم نشر قرار 22 ديسمبر 2023 وذلك خلافا لما استقر عليه العمل بين الطرفين سابقا في ذات القضية حيث تم نشر قرار 18 فيفري 2011 وقرار 17 جويلية 2017 ! إن انخراط الطرف التونسي في هذا الاتفاق الغريب والشاذ على عدم نشر القرار يبعث لديّ اعتقادا بأنه يهدف إلى الكتمان وحجب الحقيقة عن الدائرة الجنائية المتعهدة بالقضية "الكيدية" المنشورة ضدنا من خلال التغطية على الحيثيات والتعليل القانوني الذي استند إليه القرار التاريخي والذي يثبت براءتنا التامة أنا والسيدة المكلفة العامة السابقة مما نسب إلينا ويسقط سردية الضرر "الاحتمالي" المزعوم للدولة التونسية من جراء قرار تحكيمي متوقع بتعويضات ضخمة أو بموجب تنفيذ الاتفاق 31 أوت 2012 سيئ الذكر والذي حاول بودن بالتواطئ مع موظف في نزاعات الدولة (....) توريطنا فيه لولا تفطني إليه وإسقاطه في الوقت المناسب والتوصل إلى قرار من هيئة التحكيم بعدم الاعتداد به، كل ذلك بفضل الله القاهر فوق عباده.
نكتفي إذن، في الوقت الحالي، بالتأكيد على أن كل الترهات والخزعبلات التي انبنت عليها الإتهامات الخطيرة المغرضة والتي حركتها دوافع سياسية خسيسة قد جاء القرار الأخير الحاسم ليثبت أنها كانت مفبركة … لا بل إن هذه الفبركة في حد ذاتها مؤامرة دنيئة وتحريض خطير كان من الممكن أن يسيء للمصالح العليا للبلاد لولا العمل الجبار لمن كان يعمل بعيدا عن الأضواء ودون اكتراث بالتافهين الذين كانوا يحتكرون المنابر.
أما نحن فقد بقينا ثابتين على مصلحة الدولة العليا برغم حجم الأذى الذي لحقنا فرسمنا لدفاعنا خطوطا حمراء لا يجب الإقتراب منها ولا حتى التفكير في استعمالها في دفاعنا.
{وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ۚ}
{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}
صدق الله العظيم
* -محام لدى المحاكم الفرنسية
-دكتور في القانون من جامعة رينيه ديكارت (Paris-V)
-وزير سابق لأملاك الدولة والشؤون العقارية (ديسمبر 2011-جانفي 2014)
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 298034