الإعتذار.. للأقوياء فقط!!..

كتبه / توفيق زعفوري...
أعلن قصر الإليزي أمس الثلاثاء بأن الرئيس ايمانويل ماكرون قد إعترف، بأن المناضل الوطني و المحامي الجزائري علي بومنجل قد وقع تعذيبه و قتله من قبل الفرنسيين، قبل 64 سنة، متراجعا بذلك عن الرواية القديمة التي سوقتها فرنسا بأنه انتحر..
وقالت الرئاسة الفرنسية -في بيان- إن ماكرون أدلى بنفسه بهذا الاعتراف "باسم فرنسا" وأمام أحفاد بومنجل الذين استقبلهم الثلاثاء، وذلك في إطار مبادرات أوصى بها المؤرخ بنجامين ستورا في تقريره حول ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر التي انتهت في 1962..
يأتي هذا الإعتراف أيضا بعد تصريح الرئيس تبون بأن فرنسا تقرأ ألف حساب للجزائر و أنها ليست محمية كبعض الدول الأخرى التي عليها أن تنفذ الأوامر و تصمت ، ما خلق موجة من التهكم و الإستياء في تونس و ما فُهم منه أن المقصود بالدولة التي هي تحت الحماية و عليها أن تطبق الأوامر و تصمت، هي تونس، و في هذا السياق ، ليست المرة الأولى التي تعتذر فيها فرنسا للجزائر، فقد سبق لفرنسوا هولاند ان إعتذر باسم فرنسا للجزائر عن مزحة، فُهم منها إهانة " غير مقصودة" بشأن أمن الجزائر..
لكن فرنسا الأنوار و مهد التقاليد الديمقراطية المدافع الشرس عن حقوق الإنسان، العضو القار في مجلس الأمن، المعتذر للجزائر، لا يفكر أبدا في الاعتذار و لو شكليا عن نفس الجرائم التي حدثت في نفس الوقت و بنفس الأدوات في بلد مجاور للجزائر، تختلف فقط الجغرافيا، أما الفاعل فهو نفسه، فرنسا إغتالت بكل برودة دم مع سبق الإصرار و الترصد المناضل الوطني و النقابي فرحات حشاد ذات ديسمبر من عام 1952، و قاتله إعترف بذلك دون ضغوط عليه و هو في كامل مداركه العقلية و هو لازال يعيش في فرنسا، و الأغرب أنه ليس نادمًا عما فعله، بل أن منفذي الجريمة قد تلقوا أموالا لقاء ذلك من السفارة الفرنسية سويعات بعد العملية، ما يوضح أن الأيادي الفرنسية الحمراء و غيرها لازالت تعبث بالشؤون الداخلية لتونس و تتلاعب و تحرك كل خيوط التآمر و المؤامرات منذ العهد الاستعماري، ما يطرح بجدية طبيعة العلاقة بين فرنسا و تونس سيادية ندية أم حمائية دونية!..
Comments
2 de 2 commentaires pour l'article 221646