الشاهد عندما يكون.. شاهد زور

حياة بن يادم
في طلّة اعلامية على قناة حنبعل يوم 9 فيفري 2020، و في الوقت البدل الضائع، و بعقلية المغادر للسلطة، خرج علينا يوسف الشاهد رئيس حكومة تصريف الاعمال، ليعلن انتحاره السياسي، باطلاق النار على الجميع. و كأن لسان حاله يقول أنا الافضل من النهضة و من الاتحاد و من الجملي و من الفخفاخ و من الوالي.. و من الجميع. "أنا و من بعدي الطوفان".
في طلّة اعلامية على قناة حنبعل يوم 9 فيفري 2020، و في الوقت البدل الضائع، و بعقلية المغادر للسلطة، خرج علينا يوسف الشاهد رئيس حكومة تصريف الاعمال، ليعلن انتحاره السياسي، باطلاق النار على الجميع. و كأن لسان حاله يقول أنا الافضل من النهضة و من الاتحاد و من الجملي و من الفخفاخ و من الوالي.. و من الجميع. "أنا و من بعدي الطوفان".
و بالرجوع لسيرته السياسية، كان نكرة إلى حين ارتباط اسمه باسم رئيس الجمهورية الراحل الباجي قائد السبسي و رئيس نداء تونس. نظرا للصداقة و القرابة و الانتماء لنفس المحيط الاجتماعي. و كان صاحب المقولة الشهيرة في 2014 " الباجي وحش السياسة فتق النهضة و المولفة قلوبهم".
هذه العوامل ساعدته على ان يكون رجل المهام الخاصة للرئيس الراحل، و يلج عالم السياسة من الباب الكبير. حيث تم تعيينه في 2015، كاتب دولة في وزارة الفلاحة، في حكومة الصيد الأولى. لينتدبه الباجي في رتبة امين سر حركة نداء تونس، و تكليفه على رأس لجنة 13 الشهيرة قصد حلحلة الازمة داخل النداء. لكن في الاصل كان مكلفا بعملية انقلاب لصالح نجل الرئيس. و كان ثمن الانقلاب تعيينه وزيرا على رأس وزارة الشؤون المحلية. هذا الثمن جعل من يوسف يتذوق طعم السلطة المغري ليواصل "تمسكنه" و لعب دور الحمل الوديع و المطيع بان كان احد أذرعة نجل الرئيس. ليقينه ان الطريق الى القصبة يحتم عليه تقديم فروض الطاعة و الولاء لساكن قرطاج. و ينجح في اعتلاء عرش القصبة في 2016.
في 2017، دشن الشاهد حربا انتقائية على الفساد كانت سببا في القطيعة السياسية مع والده الروحي الذي طالب هذا الاخير في 2018 برحيله. لكن بتعلّة الاستقرار السياسي في البلاد، رفض حزب حركة النهضة و في سابقة لها، طلب حليف التوافق. مما شجع يوسف على الانشقاق و تأسيس حزب تحيا تونس في مطلع عام 2019 . و يلتحق بالحزب الجديد قيادات ندائية و يتم تكوين كتلة نيابية ثانية بعد النهضة في البرلمان.
لم يتوقف طموح الشاب الاربعيني حيث دخل غمار الانتخابات الرئاسية الأخيرة. ليتم لفظه من طرف صناديق الاقتراع. في حين تحصل حزبه على 14 مقعدا في البرلمان الجديد.
و بالرجوع لحواره على قناة حنبعل نستعرض أهم تصريحاته و من بينها:
* أن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل "أصبح طرفا و جزءا من الصراع السياسي.. و عمل على إسقاط حكومته.. و أن علاقة الإتحاد بالحكومة أصبحت غير سليمة و متعفنة". كل هذا الكلام صحيح لكن المسكوت عنه أن سلوك الإتحاد هو نفسه في كل الحكومات. بل بالعكس كان رحيما بحكومته مقارنة بحكومة الترويكا، حيث تم انجاز عظيم دخل به الاتحاد موسوعة غينيس لتحطيم الأرقام القياسية، إذ تم تنفيذ في وقت قياسي أكثر من 30 ألف إضراب.
أما لومه على تحالف الامين العام للاتحاد مع حافظ قائد السبسي. فهذا مرفوض لأنه سبقه في هذا التحالف عندما أنجز مهمة الانقلاب لصالح نجل الرئيس و هو رئيسا للجنة 13 المذكورة سابقا. يتضح و أن "صاحب صنعتك عدوك". أما إتهامه بأن الاتحاد عمل على إسقاط الحكومة فهذا غيض من فيض. أنسيتم أنكم أول من علمتموه كيفية إسقاط الحكومات، و كان ذلك في اعتصام الروز بالفاكهة ذات صائفة 2013 .
* أنه كان وراء إقناع نبيل القروي بضرورة إسقاط حكومة النهضة و منعها من التغول من خلال رئاسة البرلمان و رئاسة الحكومة. مجيبا المذيعة في هذا الصدد "أعتقد أعتقد هذا إلي صار". كما أنه اتهم النهضة بتقديم رشاوى بغية تمرير حكومة الجملي حين صرح أن ضغوطات مورست على نبيل القروي "مارسوا عليه شتى أنواع الضغوطات و حاولو يبتزوه باش يصوت". و أضاف "الحكومة هذي تمثل خطر على تونس باحترامي عديد الاشخاص الي فيها كيما فاضل". ناسيا انه و حزبه السابق نداء تونس كانوا عنوانا للتغول. حيث كانت الرئاسة و رئاسة الحكومة و البرلمان في يد النداء. لينطبق عليه المثل القائل "حلال علينا حرام عليهم".
أما بخصوص الضغوطات المزعومة على نبيل القروي نسي الشاهد أنه صاحب مقترح قانون تمت المصادقة عليه في البرلمان "يرفض ويلغي ترشح كل من يتبين قيامه أو استفادته من أعمال ممنوعة على الأحزاب السياسية والإشهار السياسي خلال السنة التي تسبق الانتخابات التشريعية والرئاسية". كان هدفه الرئيسي إزاحة منافسه نبيل القروي. فسبحان الله مغير الأحوال.
أما اتهامكم و انقلابكم على النهضة فليس غريب عنكم لأن "إلي ما لقاش أهلو فيه الخير مش يلقى فيه البرّاني". كما أنها تستحق ذلك لأن لولا تمسكها بكم لما عانينا سنوات الفشل المريرة التي عرفتها تونس خلال حكمكم.
أما أن حكومة الجملي تمثل خطرا على تونس، فالأصح انها تمثل خطرا على مصالحكم، من بينها تعييناتكم المشبوهة التي قمتم بها في الوقت البدل الضائع، لعلمكم و أن حزب تحيا تونس هو عبارة على "فقاعة" تندثر باندثار هذه التعيينات.
* كما صرح ان ائتلاف الكرامة يشتغل بالوكالة لحساب جناح متطرف داخل النهضة. وإن كان هذا صحيحا أتسائل لمن يشتغل بالوكالة "الفقاعة" الحزبية تحيا تونس؟ و ما سرّ الاسهال في التعيينات الأخيرة؟ أهي تنفيذا لأجندا خارجية قصد السيطرة على دواليب الدولة و تمهيدا لعرقلة الحكومة الجديدة؟.
لا نعلم هل أن خطاب الشاهد كان التفاخر بالانجازات و النجاحات الوهمية لحكومته و إصدار صكوك الوطنية الزائفة؟. أم أنه خطاب قطع الطريق على الفخفاخ و ذلك بتأجيج الصراعات بين مكونات الحزام السياسي للحكومة المرتقبة، لعل انتخابات مبكرة تعيد له امل الرجوع الى القصبة؟. أم انه خطاب التموقع الجديد بعد ان يئس بان يكون فارس القصبة رغم علاقة الود التي تربطه برئيس الدولة؟. أم أنه خطاب الوداع و اليأس و الانتحار السياسي بعد ان أطلق النار على الجميع دون استثناء؟.
لكن الذي نعلمه ان الشاهد عندما يكون رئيس حكومة لا يتجرأ على قول عشر ما ذكره خلال حواره. لكن بإحالة ملفه على تصريف الأعمال، أصبح شاهدا على أخطاء الآخرين من شركائه في الحكم و في غير الحكم. و المعلومات التي تضمنت إجابته فهي في أحسن الحالات معلومات منقوصة و مجتزئة. مما يجعلها ترتقي الى مرتبة المعلومات الخاطئة. و يكون بذلك بطل شهادة الزور في برنامج سماح، في وقت مريب قبيل ايام معدودة من انتهاء المهلة الدستورية لحكومة الفخفاخ.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 197769