المشير عبد الفتاح الطبّوبي..

نصرالدين السويلمي
قبل التطرق الى المشروع الذي تنوي قيادة الاتحاد تنفيذه في تونس كخطة استثنائية حتمتها الخطط الاخرى الفاشلة التي اسقطها الشعب، لابد من القيام بعملية فك ارتباط قديمة ومهينة، بين الهياكل المملوكة للمجموعة الوطنية وبين القيادات التي تتداول عليها، ومثلما قطعت الثورة مع الزعيم او الرئيس الذي يساوي الوطن وهيبة الوطن وسمعة الوطن، واصبح تبجيل تونس من تبجيل شعبها وليس جلادها، علينا ايضا ان نقطع مع الاسطوانة المدشدشة وليست المشروخة فحسب، والتي تسعى قيادات الاتحاد او بعضها الى تكريسها كأمر واقع، حين يؤكدون ان الاساءة الى قيادي فاسد متمعش من مقاسم حدائق قرطاج وأخرى عرفت بالترويج لمعجزة السابع من نوفمبر وثالثة ورابعة وعاشرة.. تعمل لصالح اجندة ايديولوجية محنطة توشك على إشاعة الخراب في البلاد، حين يؤكدون ان ذلك يعد سابقة في حق قلعة حشاد وجريمة نكراء في حق عمال تونس الشرفاء، على هؤلاء إذا أرادوا التكريم والتبجيل وطلبوا الاحترام بشروطه، ان ينتهجوا نهج حشاد فيتحولوا الى قيادات ورموز وطنية تشرف تونس وتتشرف بها، عليهم الكف عن اتيان الفواحش السياسية والعبث باستقرار البلاد واجلاء الاستثمار وتعطيل الانتاج واغراق البلاد بالإضرابات.. ثم اذا عوتبوا في ذلك، تعالى نحيبهم اسفا على المساس بقلعة حشاد! وهم يدركون ان مثلهم كمثل ذلك السفيه الذي يعربد ويفسد ويعبث ثم يختبئ خلف "عبّون" والدته، حتى اذا تمت الاشارة الى فعله المشين روج في الناس انهم يستهدفون امه المراة الكبيرة الوقورة، ذلك فعلهم الذي يجب قطع دابره، ليجدوا انفسهم بين خياريين، ان يستقيموا على مِنهاج حشاد فيرحب بهم الشعب، او المواصلة في نهج الدسائس والعبث في خاصرة الوطن، حينها يتحتم كشفهم وملاحقتهم والاغلاظ لهم ، حتى يغربوا او ينتهوا، وعليه يصبح من واجبات المرحلة القادمة ارساء آليات مُحكمة يمكن بفضلها التفريق بين الاتحاد ورموزه الوطنية وبين المندسين او القيادات التي ارتضت الهوان وخانت حين رهنت نفسها لدى فصيل يساري جمع بين وبائي السل والطاعون.
قبل التطرق الى المشروع الذي تنوي قيادة الاتحاد تنفيذه في تونس كخطة استثنائية حتمتها الخطط الاخرى الفاشلة التي اسقطها الشعب، لابد من القيام بعملية فك ارتباط قديمة ومهينة، بين الهياكل المملوكة للمجموعة الوطنية وبين القيادات التي تتداول عليها، ومثلما قطعت الثورة مع الزعيم او الرئيس الذي يساوي الوطن وهيبة الوطن وسمعة الوطن، واصبح تبجيل تونس من تبجيل شعبها وليس جلادها، علينا ايضا ان نقطع مع الاسطوانة المدشدشة وليست المشروخة فحسب، والتي تسعى قيادات الاتحاد او بعضها الى تكريسها كأمر واقع، حين يؤكدون ان الاساءة الى قيادي فاسد متمعش من مقاسم حدائق قرطاج وأخرى عرفت بالترويج لمعجزة السابع من نوفمبر وثالثة ورابعة وعاشرة.. تعمل لصالح اجندة ايديولوجية محنطة توشك على إشاعة الخراب في البلاد، حين يؤكدون ان ذلك يعد سابقة في حق قلعة حشاد وجريمة نكراء في حق عمال تونس الشرفاء، على هؤلاء إذا أرادوا التكريم والتبجيل وطلبوا الاحترام بشروطه، ان ينتهجوا نهج حشاد فيتحولوا الى قيادات ورموز وطنية تشرف تونس وتتشرف بها، عليهم الكف عن اتيان الفواحش السياسية والعبث باستقرار البلاد واجلاء الاستثمار وتعطيل الانتاج واغراق البلاد بالإضرابات.. ثم اذا عوتبوا في ذلك، تعالى نحيبهم اسفا على المساس بقلعة حشاد! وهم يدركون ان مثلهم كمثل ذلك السفيه الذي يعربد ويفسد ويعبث ثم يختبئ خلف "عبّون" والدته، حتى اذا تمت الاشارة الى فعله المشين روج في الناس انهم يستهدفون امه المراة الكبيرة الوقورة، ذلك فعلهم الذي يجب قطع دابره، ليجدوا انفسهم بين خياريين، ان يستقيموا على مِنهاج حشاد فيرحب بهم الشعب، او المواصلة في نهج الدسائس والعبث في خاصرة الوطن، حينها يتحتم كشفهم وملاحقتهم والاغلاظ لهم ، حتى يغربوا او ينتهوا، وعليه يصبح من واجبات المرحلة القادمة ارساء آليات مُحكمة يمكن بفضلها التفريق بين الاتحاد ورموزه الوطنية وبين المندسين او القيادات التي ارتضت الهوان وخانت حين رهنت نفسها لدى فصيل يساري جمع بين وبائي السل والطاعون.
لم يمضي عليها الوقت الطويل حتى نفضت الثورة المضادة يدها من الجيش التونسي وتوقفت جميع محاولاتها بعد النداءات الفاشلة التي توجهت بها للجنرال رشيد عمار اثر ظهور نتائج انتخابات 23 اكتوبر 2011 وقُبَيل الاعلان الرسمي عن فوز الثلاثي الذي شكل لاحقا الترويكا، بخلاف اليأس المبكر من الجيش، ظلت الثورة المضادة تتأبط الامل، يدغدغها مرة ويكشر مرات، ترنوا الى اجهزة امنية حديثة عهد بالدكتاتورية، تعتقد ان استمالتها اسهل بكثير من استمالة مؤسسة الجيش التي نشأت بعيدا عن السياسة وتجاذباتها، لكن ورغم الاستعدادات الواسعة التي ابدتها العديد من فروع النقابات الامنية، ورغم تطوع البعض من ابناء المؤسسة المنبوذين بتوفير كل ما يطلبه قراصنة المشاريع الانقلابية الفاشلة، الا انه وفي الاخير، دب الياس واستحكمت حلقاته، واتضح ان جهاز الامن لا يستطيع صغاره ولا يرغب كباره في خوض مغامرة اجرامية قد تعود بالكوارث على تونس، وتنتهي بهم الى ما وراء الشمس.
انتهى الرهان على الجيش بسرعة وبشكل حاسم لا يخالطه الشك، كما انتهى الرهان على المؤسسة الامنية كراس حربة لأي مشاريع اجرامية، فيما ظلت العديد من الاطراف تعتقد ان بعض خلايا النقابات الامنية قادرة على لعب ادوار تكميلية في لوحة انقلابية تحبك من قوى غير امنية ولا عسكرية ، ربما سياسية ، مالية، نقابية، اعلامية.. وربما اجتماع هذه المكونات في كوكتال للغرض، ويكون ذلك بدعم من "البنك الاماراتي لزعزعة الاستقرار وتمويل المشاريع الانقلابية في المنطقة"، وفعلا تأسست فكرة مفادها ان الانقلاب التونسي لا يمكن ان يستند بشكل أساسي على قوة الدولة او احد مؤسساتها، ولا يمكن ان تتحرك جهة سيادية واحدة تجمع حولها المجرم والمتربص والغافل والاحمق، انتهت قصة العسكر والامن وحتى القصور السيادية، واتضح ان الرهان سيكون على تظافر جهود الشر، والبحث عن رمزية شريرة قادرة على تشبيك المكون الشرير ومن ثم خوض غمار عملية قذرة في سعي الى ضرب الثورة والاجهاز النهائي على الانتقال الديمقراطي.
بعد محاولات متكررة تبين ان لا الامارات ولا السعودية ولا مصر السيسي قادرة على قيادة عملية انقلابية بشكل مباشر، وان هذه الاطراف يمكن التعويل عليها كداعم لوجستي سخي، وعلى اصحاب الارض التي تدور فوقها الجريمة ان يتوافقوا فيما بينهم على شرير محلي يقود العملية، واذا ما نجحوا فالوعود بالدعم اكثر من سخية. وبعد عصف ذهني رهيب، تبين أن الانسداد الذي يعاني منه مشروع الانقلاب منذ سنتين حيث خفت صوته وفقد بريقه، يراد له اليوم ان يعود الى الواجهة بجدية وبأشكال فعالة، لعل العصابة تحسن من أدائها وتقطع مع المحاولات الفاشلة المعلن منها والغير معلن، ويبدو ان الخيار استقر على الاتحاد العام التونسي للشغل ليلعب دور القاطرة التي ستجر عربات المكون الانقلابي، كما يبدو ان القيادات الراديكالية نجحت في استمالة الطبوبي وغذت فيه روح الانتصار على الانتقال الديمقراطي، ووسوست له بان الاتحاد اكبر من المساهمة في ميزانية واقتراح سياسات والدخول في وساطات وتحقيق المطالب الاجتماعية، يبدو انهم قالوا ذلك للطبوبي ودفعوا به الى التصعيد تمهيدا لإسقاط التجربة، يبدو انهم اقنعوه ان العناصر الوطدية التي تنخر الجسم النقابي اقدر اقتصاديا من جميع كوادر الدولة، وانها تملك الحلول السحرية التي ستقلب تونس الى جنة تجري من تحتها الانهار، وان كل الطاقات التي درست في الداخل والخارج وتملك اعلى الشهادات ومرت بمئات الدورات على اعلى المستويات، إنما هي فاشلة متنكّبة للحل السحري الذي يكمن عند الوطد وعناصره المستقرة في الجبهة الشعبية والاخرى المتطفلة المتسكعة على شبه احزاب.
حين قرر السبسي الصغير اسقاط حكومة الترويكا تحرك العباسي بقوة وصعّد الى درجة تبني الاضراب العام الذي قرره واعلنه حمة الهمامي، الاضراب الذي لم يعلن بتلك الخلفيات الفجة تحت حكم فرنسا والبايات وبورقيبة وبن علي! ثم لما اراد السبسي الصغير اسقاط حكومة الشاهد"قيادي ندائي" لخصومة داخلية، تحرك الطبوبي واعلن عن العاشر من جويلية كموعد لبداية طحن ما تبقى من اقتصاد متهالك ومن ثم تمرير رغبة السبسي الصغير.. بالامس كان محسن مرزوق الوطدي المنسلخ يحرك السبسي الاب، واليوم برهان بسيس الوطدي/ العمالي" المنسلخ يحرك السبسي الابن، الاهداف، الاجندة الشريحة، الوكلاء.. عناصر تكرر نفسها، مع تحويرات طفيفة في الاسماء، الكل يحتشد لمهمة غير وطنية، سيتحمل وزرها الطبوبي دون الغلمان التي تؤزه باتجاه الهاوية.
رغم ان الطبوبي رفض تفريغ الاتحاد للشأن الاجتماعي واصر على مواصلة نهج سلفه، وبالغ في خدمة اليسار الفاشل سياسيا، وارتضى ان يكون الاتحاد رافعة لأحزاب منبوذة شعبيا رغم اخطبوطها الاعلامي الذي يعمل على تحسين هندامها السياسي، رغم ذلك نعتقد ان الطبوبي ليس في اجندته تدمير التجربة برمتها، ربما يستهويه التحامل على المكون الاساسي للمشهد السياسي في تونس وربما يرغب في اقصاء الحزب الاكثر تنظيما والذي يعتبر صمام امان التجربة، لكنه ليس من العاملين على نسف الثورة، وما هذا السلوك الاحمق الذي ينتهجه الا عملية انزال خطيرة لعناصر نقابية استئصالية، ترغب في دفع الامين العام الى لعب دور عبد الفتاح السيسي بعد ان فشلت جميع محاولاتهم، خاصة تلك التي خاضوها من داخل وزارة الداخلية وحتى من داخل القصر الرئاسي، وهم اليوم بصدد اقناع رجل البطحاء ان موجة ضغوط اجتماعية مدعومة بمطالب مشطة وعلى جميع الجبهات، يمكنها اسقاط الحكومة وتحييد الخصوم وشطب النهضة، لتتوج بإخراج تونس كالشعرة من العجين، ثم بعدها ياتي الرخاء وتعم البحبوحة، انهم يدفعونه لترغيب الناس في التمرد واستدراجهم بعيدا عن الاحتكام الى الصناديق، يبشرون بثورة ثانية، لكنهم لا يتحدثون معه على البديل الا لمما، والحقيقة انه يصعب عليهم مصارحة الرجل بان الثورة يجب ان تاتي بقوى سياسية وشخصيات وازنة، وانهم رفضوا النهضة ورفضوا النداء حين تطاحنوا مع الاب والابن على حقوق ملكيته، ورفضوا المرزوقي ورفضوا كل تيارات الثورة! إذا على من ستقوم الثورة ولصالح من؟ الاغلب انهم يجهزون الى ثورة تقطع مع الديمقراطية وتنهي مشروع الانتقال الديمقراطي، وتصعد بالرفاق وبعض الشبيحة الى رتبة الوصاية التامة على الشعب "القاصر"، تماما كوصاية المشير على 100مليون مصري.
انه الوطد المستشري في مفاصل الاتحاد، حين يهمس في اذن الامين العام، كن انت مشيرنا ايها الطبوبي، كن انت عسكرنا الذي لم تلده تونس، ادفع بالبيادق الى راس الدولة، ثم حركهم من وراء الستار، والتذهب الحرية الى الجحيم، وليخضع الشعب ولتاتي الدولة طوعا او كرها لتنخ في باحة وطده وعماله وشبيحته، ولا يرقنّ فؤادك ايها القائد، ولا تنطلي عليك شرعية الغوغاء، هيا اصرخ في جمعهم ايها القائد، قل بلا هوادة : لا نامت اعين التداول السلمي على السلطة، لا نامت ديمقراطية الغوغاء التي توسد الامر لغير يساره، لا نامت اعين الوطن حين يعزف عن اختيار نهج الوطد.
Comments
10 de 10 commentaires pour l'article 164485