- خليل الزاوية - طبيب، ومناضل، وإنسان..

جمال بن صالح
طبيب مختص رئيس قسم الأمراض العقلية فرنسا
طبيب مختص رئيس قسم الأمراض العقلية فرنسا
تعقيبا على مقال الصديق الصحفي والكاتب -الطاهر العبيدي- تحت عنوان - ارفعوا أيديكم عن حزب التكتل

والذي عرّج فيه على أحد مواقف الناشط الحقوقي والسياسي وأحد قيادات التكتل الدكتور - خليل الزاوية -. وفي هذا الاتجاه أريد هنا أن أدلي بشهادتي هذه، ليس من باب التبييض السياسي، أو أيّ شكل من أشكال المجاملة، أو الاستنصار لجهة ما، أو دعما لطرف ما، بل شهادة للأجيال الحاضرة والآتية، وعرفانا لمن كانوا ولا يزالون يقدّمون للبلد أروع التضحيات، وأنبل الخدمات مع انتفاء الذات وبعيدا عن الظهور والأضواء .
فأنا في بداية مشواري المهني كنت طبيبا متربّصا بمستشفى- شار نيكول - بتونس العاصمة سنة 1995، تحت إشراف الدكتور - خليل الزاوية -. فعرفت فيه الرجل المناضل، والكفاءة المهنية، والذي يحترم قدسية العمل، والقريب من الناس ولا يبخل على طلبته بالمعرفة والتوجيه بطريقة مدنية ومتحضرة. وشخصيا كطبيب متربص في تلك الفترة، استفدت من خبرته، وتعلمت التشخيص والعلاج وتنزيل النظري على الميدان والتطبيق. وممّا اذكر أنه أستنجد بي أحد الأجوار، ممّن أجرى عملية جراحية غير أنها لم تكن ناجحة، حيث خلفت له اعوجاجا بذراعه، فسلمني ملفه الصحي كي أبحث له عن حل، وأساعده في تصويب هذا الاعوجاج الذي صار مزعجا له جسديا ونفسياّ وبدوري سلمت ملف المعني بالأمر للدكتور خليل الزاوية ليرى فيه رأيه، فتفحّص صور الأشعة بانتباه، واطلع بدقّة على كل الوثائق الطبية المصاحبة. وقد خصّص وقتا لدراسة الوضعية من جوانب الجدوى الطبية، وبعدها طلب مني أن أبلّغ المعني بالأمر للقدوم كي يعيد له بنفسه العملية الجراحية، واشترط عليّ أن أكون حاضرا معه ومساعدا له في غرفة العمليات، لا أن أبقى في الخارج للتمتع بشرب القهوة كما قال لي مازحا. وفعلا أجريت العملية على صاحب الذراع المعوج، والتي ابتدأت من الساعة الثامنة صباحا، إلى حدود الخامسة بعد الظهر وأنا معه، ونجح في تصويب الاعوجاج، وطبعا مجانا ودون أيّ تكلفة. والآن هذا المواطن سليما معافى، وكلما التقاني إلا وسألني بحرارة عن خليل الزاوية، مسترسلا في الدعاء له بالخير والشكر والثناء على مجهوده وإنقاذه، وهذه حادثة من جملة الحوادث المشعّة لخليل الزاوية، التي كنت شاهدا عليها، والتي أردت أن أدلي بها لا من باب الدعاية، فالرجل لا يحتاج، فتاريخه المهني يشهد له وكذلك تاريخه السياسي والنضالي ليس محل تشكيك، بل عرفانا مني بدوره المهني واالقيمي والذي يصحّ، فيه وفي أمثاله قول الشيخ محمد الغالي:
- الرِّجَالْ يُعْرَفُونْ أَيَّامْ الشَّدَائِدْ لاَ أَيَّامْ المَوَائِدْ -
Comments
1 de 1 commentaires pour l'article 198322