الباحثة والناقدة المسرحية فائزة مسعودي: المسرح التونسي يطرح أسئلته الكونية من رحم محلي

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/68fe767391e182.68712605_ifnmegojhklqp.jpg width=100 align=left border=0>


أكدت الباحثة والناقدة  فائزة مسعودي على أن المسرح التونسي يعيش اليوم مرحلة تحوّل جمالي وفكري، إذ يسعى إلى الجمع بين الانغراس في الخصوصية المحلية والرهان على الكونية.
 
وقالت في مداخلة ألقتها خلال أشغال الندوة الفكرية "المسرح التونسي: أسئلة الهوية والغيرية وتمثلات الذاتية، نحو مدرسة مسرحية تونسية؟"، احتضنتها مدينة توزر يومي 25 و26 أكتوبر 2025 ضمن الدورة الثالثة من المهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع" (24 أكتوبر إلى 8 نوفمبر 2025)، إن الأجيال الجديدة من المسرحيين تواصل السعي إلى كتابة مسرح تونسي مبدع يرفض النظرة الدونية إلى تجربته ويتحرر من عقدة الأصل والمرجع الأوروبي، ليعبّر عن الإنسان التونسي في تعدده وألمه وأحلامه.

 



ولاحظت مسعودي أن ما يميّز المسرح التونسي اليوم هو قدرته على مساءلة الذات والواقع معا واستعمال اللغة الفنية كأداة نقد وجودي وثقافي، معتبرة أن هذه الديناميكية هي التي تمنحه شرعية أن يكون مدرسة مسرحية قائمة بذاتها ومتجذرة في تربتها ومفتوحة على العالم. وتناولت في مداخلتها سؤال الإنسان والحرية في المسرح التونسي المعاصر، انطلاقا من قراءتها لأعمال مسرحية راهنة تستلهم المرجعيات العالمية وتعيد تأويلها في سياق محلي.
 
اعتبرت أن المخرج التونسي، انطلاقا من مخزون ثقافي محلي، بات قادرا على إثارة قضايا كونية تتعلق بوجود الإنسان وحريته ووعيه بذاته. وتساءلت عما إذا كان الإنسان الذي يدّعي الحرية واع حقا بوهم هذه الحرية وبخضوعه لأنظمة اجتماعية وثقافية ودينية تحدّد مساراته وتكبّل إرادته؟ وذكرت أن المسرح التونسي الجديد لا يكتفي بإثارة هذا السؤال فهو يقدم أيضا جوابا بصريا وسينوغرافيا من خلال تشكيل الركح، إذ يصبح المشهد نفسه ترجمة مادية للوعي الإنساني المقيد.
 
وتوقفت الباحثة عند ملامح أخرى في هذه التجارب، معتبرة أن المسرح التونسي قادر على تحويل الظواهر المحلية إلى قضايا إنسانية شاملة، مستشهدة بمسرحية "كاليغولا 2" للمخرج الفقيد فاضل الجزيري، ومسرحية تمثّل، حسب رأيها، إعادة كتابةٍ لمسرحية ألبير كامو الشهيرة ولكن من منظور تونسي راهن. ففي هذه النسخة، لا يعود "كاليغولا" رمزا للعبث الوجودي فهو يتحول إلى مرآة للمجتمع التونسي ما بعد الثورة، حيث تتجلى سلطة المال والفساد وتبرز أشكال جديدة من الاستبداد الاقتصادي والسياسي. وأشارت المسعودي إلى أن اختيار الجزيري للحرف "K" بدلا من "C" في كتابة عنوان المسرحية (Kaligula بدل Caligula) يحمل إشارة رمزية إلى التونسة وإعادة التسمية أي أن العمل لم يعد مجرد اقتباس من التراث الأوروبي إنما هو تأويل محلي لمأساة إنسانية كونية.
 
ولفتت إلى أن فضاء المسرحية، الذي اتخذه الجزيري حمّاما عموميا تُخفى داخله أنشطة مشبوهة يتحوّل إلى صورة رمزية للوطن المأزوم، حيث تعرى العلاقات الإنسانية القائمة على العنف والتسلط والفساد في إسقاط مباشر على الواقع الاجتماعي والاقتصادي التونسي. كما توقفت عند شخصية "الشيخ العجوز"، التي يؤديها الممثل محمد كوكة باعتبارها تجسيدا لذاكرة تونس الحديثة، حيث يستحضر ماضي البلاد البورقيبي ذلك الزمن الذي مثّل رغم تناقضاته مرحلة بناء وازدهار مقارنة بالحاضر.
 
وانتقلت فائزة مسعودي إلى قراءةٍ ثانية لمسرحية "آخر البحر" للمخرج فاضل الجعايبي التي رأت فيها نموذجا آخر لتعاطي المسرح التونسي مع الأسطورة الكونية بلغة محلية. وترى أن شخصية "عاتكة" رغم جرائمها (قتلها لولديها)، تُقدم بوصفها امرأة حرة واعية مسؤولة عن خياراتها تواجه المؤسسات السياسية والاجتماعية والدينية بثقة وصلابة وتكشف هشاشتها ونفاقها. وتصبح المسرحية بذلك مرآة نقدية للواقع التونسي الحديث تفضح ما تسميه الباحثة "تراجع القيم الإنسانية وانهيار الحلم بالتحرر".
 



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 317359


babnet
*.*.*
All Radio in One